تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أرض طيبة..علمتنا أن العمل أساس الحياة

الجولان في القلب
الأثنين 20-6-2011
سوسن خليفة

عندما كنا صغاراً نذهب إلى نهر بانياس مشياً على الأقدام كي نسبح في المياه -ويقدّر أبو عفيف المسافة التي كان يقطعها بثلاثة كيلو مترات وإنها من الذكريات التي لاينساها أبداً.

إضافة إلى ثلاث الغنمات والبقرتين التي تهتم بها والدته وتحلب الحليب في الصباح الباكر وتصنع اللبنة والجبنة.‏‏

ويتذكر أيام المدرسة والصبار الموجود على طول الطريق ويلفت أبو عفيف النظر إلى أن دراسته في المدرسة الزراعية قد علمته حب الأرض وأن الأرض معطاء وخيرة بالمنافسة بين الطلاب على أفضل مصطبة مزروعة تجعل كل طالب يهتم بما زرعه ويعتني به حتى تكون علامته في نهاية العام جيدة.‏‏

ويرى الآن وبعد مرور السنين أن التعلم في ذلك الوقت وإضافة المادة الزراعية يشبه الآن التعليم المهني ويقول: يجب أن يكون التعلم مرتبطاً بحاجة المجتمع واستغرب جداً أن الأغلبية يريدون أن يصبحوا مهندسين أو صيادلة أو أطباء فالمجتمع بحاجة إلى جميع المهن حتى تكتمل دورة الحياة ونلبي جميع الحاجات.‏‏

وهذا بالفعل ماطبقته على أبنائي ولم أنظر أبداً إلى مجموع الدرجات ونصحت أبنائي باختيار القسم الذي يحبونه ولو أن علاماتهم تؤهلهم لدخول قسم آخر.‏‏

والعبرة كانت من خلال ماتعلمته في قريتي بالجولان الحبيب، فأرضنا خصبة وملائمة جداً للزراعة ومن يزرع القمح كان يتبادل مع من يزرع الخضار والفواكه ولم يكن يمر الموسم إلا وجميع بيوت القرية لديها القمح والجبن والحمص والفول... الخ.‏‏

ولايغيب عن ذهن أبو عفيف ذهابه مع والدته إلى المطحنة التي تبعد نحو أربعة كيلو مترات عن المنزل عندما كانوا يطحنون جزءاً من القمح من أجل الخبز والقمح المسلوق للبرغل وهو إلى الآن يحب أكلة البرغل مع اللبن.‏‏

وأما أجمل اللحظات التي عشتها في قريتي طلوع الفجر أول ساعات الصباح حيث زقزقة العصافير والشمس ترسل أول خيوطها إلى منزلنا وبدء النهار وأيام العطل أذهب مع الأهل إلى «الحوش» وألعب مع الصغار الذين في عمري حتى تنتهي أمهاتنا من يوم السليق وقطف الخضار وأتذكر أننا كنا نجلس تحت شجرة التوت ونمسك بأغصانها المتدلية وإذا كان عليها الثمار نبدأ بأكلها.. وكنا نعرف أن التوت قد استوى من نزوله علينا ونحن جالسون وكأنه ينادينا كي نقطفه ونتذوق طعمه اللذيذ.. وهذه الشجرة كانت وحيدة في المكان الذي نجلس فيه وأشجار التين كانت هي الغالبة في منطقتنا وهي مشهورة بطعمها الحلو كالعسل تماماً.‏‏

أما محال بيع الأكلات التي يحبها الأطفال فكانت قليلة جداً وكنت أشتري الملبس والمطعم على كازوز هكذا كنا نسميه لونه برتقالي ويشبه الكازوز وأيضاً القضامة..‏‏

وأتذكر الأعراس التي تقام في ساحة العين ومن المقالب التي كنا نفعلها على سبيل المثال: فتاتان تدبكان نربط مناديلهما ببعض أو نضع البحص في أيديهما المتشابكة.. فروح الدعابة كانت موجودة ونتعلمها منذ الصغر.‏‏

الحياة بسيطة ولكنها جميلة فيها متعة العمل منذ الصغر، ورسخ هذا لدينا أهمية العمل في الحياة حتى تعيش وهذا ماعرفناه جيداً بعد أن نزحنا من أرضنا الحبيبة والتي نشعر الآن وبقوة أن العودة قريبة جداً..وسوف نذهب مجدداً إلى البيادر لجني المحصول ونأكل من خيرات تلك الأرض الطيبة.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية