لذا يبدأ الشعور بالخوف على مستقبل المصالحة من هذه الخلافات الواضحة حول اسم رئيس الوزراء - فبينما تريد حركة فتح تسمية فياض (كونه يحمل شهادة صلاحية أميركية - أوروبية)في الحد الأدنى ، فإن القوى الأخرى وحركة حماس ترفض تسميته - ما أدى إلى اجتماعات القاهرة ومحاولة سد هذه الثغرة.
نقول هنا - ابتداء- ان المصالحة الوطنية مطلوب رأسها صهيونياً وأميركياً وأوروبياً إلى حد كبير - بمعنى أن هناك أكثر من طرف مؤثر يقف في طريقها في الخارج إضافة إلى وجود عقبات في الداخل الفلسطيني تؤثر سلبياً في المضي قدماً نحو تحقيق اتفاق المصالحة بشروطه كلها - وصولاً إلى الوحدة الوطنية في مستقبل منظور.
من المسائل الأخرى التي قد تكون أعقد وأصعب هناك : إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية - هناك المسائل الآنية بدءاً بإطلاق سراح المعتقلين وانتهاءً بوضع نهاية للتنسيق الأمني مع المحتلين .وهناك أيضاًالبرنامج السياسي المرحلي ليس الخاص بالحكومة الانتقالية وحسب بل بما يوفر ضمانات الوفاق الوطني الفلسطيني . وماذا بشأن المطروح حالياً ومستقبلاً : المفاوضات ومستقبلها -المقاومة وسبل تقويتها - والبرنامج السياسي الذي يوافق عليه الفلسطينيون في وثيقة الوفاق - وهنا ينبغي التأكيد على إعادة النظر في صلاحيات منظمة التحرير في شكلها الراهن - وصولاً إلى صلاحياتها حين تكون الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات على حد سواء.
حين قلنا إن شيطان التفاصيل قد يعرقل مسار المصالحة كنا نعني العلاقات الداخلية وكنا نعني الاتفاق على معنى ومدلول الثوابت الوطنية الفلسطينية - بما في ذلك تأمين تمثيل عادل لكل شعبنا في المجلسين الوطني والتشريعي مستقبلاً . ومهمات الوزارة امر هين ان تحددت فقط في الإشراف على مناخات الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني لو اقتصرت كلها على فلسطينيي الداخل . لكن الحقيقة ان فلسطينيي الداخل لا يشكلون من مجمل الشعب الفلسطيني سوى أقل من اربعين بالمائة - فماذا عن الكثرة التي ينبغي ان تشارك في صناعة القرار الوطني الفلسطيني؟ان ما يجري هنا نناقشه بعيداً عن ضغوطات الاحتلال وعن توجهات مختلفة لدى بعضنا الفلسطيني . أليس من الواجب الإقرار بان مصالح فئات وشخصيات تتهدد فعلياً بالمصالحة الوطنية وان هذه الشخصيات تتقاطع مواقفها ومواقف العدو المحتل والولايات المتحدة ؟
ثم ما الموقف من الفيتو الأميركي الذي من المؤكد ان تتخذه الإدارة الأميركية في وجه اعتراف دولي ضروري بدولة فلسطين في الأمم المتحدة؟هناك من الأطراف الفلسطينية من يرى ضرورة تطويق الخطوة والتحرك صوب باريس وواشنطن لكي ينعقد مؤتمر دولي قبيل ايلول في محاولة لحفظ ماء الوجه الأميركي امامنا نحن العرب ولسنا ندري بعد هذا إلى اين تتجه بوصلة المصالحة : صوب شعبنا وأهدافه المشروعة أم صوب اعدائه ومحاولة انقاذ مياه وجوههم وتبييض صفحاتهم السود امامنا؟
ان الجدية في المصالحة تتطلب التخلي عن التشبث بما كان خطأ من المشاريع والسلوكيات وفي مقدمتها المفاوضات العبثية اعتماداً على دور اميركي لا يصلح راعياً ولا وسيطاً بل هو طرف متماهي المواقف مع المحتلين . وليس عيباً ان يعود بعضنا عن درب الخطأ بل العيب هو الاستمرار في طريق ثبت انها ضد مصالحنا العربية في فلسطين وفي غير فلسطين على السواء.
ولم يضح شعبنا كل هذه العقود ويقدم كل التضحيات انتظاراً لحساء هو ماء قد غلي فيه الحصى.
nawafabulhaija@yahoo.com