تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بوشكين : سيظل قومي يذكرونني لأني هززت بقيثارة المشاعر الخيِّرة

ثقافة
الأثنين 20-6-2011
ترجمة: مها محفوض محمد

انه الكسندر سيرغيفيتش بوشكين الذي تحتفي الأوساط الثقافية الروسية هذه الأيام بالذكرى 212 لميلاده، و لهذه المناسبة تقام مهرجانات احتفالية عديدة في موسكو تشارك فيها الجهات الثقافية

و الحكومية و قد وقع الرئيس ميدفيديف على مرسوم اعلان ميلاد الشاعر يوما وطنيا للغة الروسية.‏

بوشكين الذي تناول الأنواع الأدبية كافة من الرواية والشعر الغنائي الملحمي كان مؤرخا وناقدا أيضا، لم يكن فقط أكبر أدباء روسيا انما كان أيضا رمز العبقرية الوطنية الروسية.‏

ينتمي بوشكين المولود في موسكو عام 1799 الى أسرة عريقة من النبلاء الروس، أتقن اللغة الفرنسية في طفولته قبل أن يبلغ سن العاشرة، و كان يلقي الشعر و الأناشيد الوطنية ذات الايقاع الموسيقي و يتناول القصص الروائية الشعبية و ما إن بلغ الثمانية عشر حتى أصبح أحد أقطاب الحياة الفنية في العاصمة موسكو و مجتمع المثقفين حيث كتب عن تلك الشرائح في «المصباح الأخضر» وفي روايته الشهيرة «يفغيني أونيغين».‏

كان شديد الذكاء يتمتع بالدعابة و النقد اللاذع ففي سن العشرين ذاع صيته في أنحاء البلاد حين كتب قصيدته الوطنية «روسلان و ليودميلا» ذات الطابع الغنائي و المضمون السياسي التي هاجم فيها الاقطاع عام 1820 و نفي بعدها الى القوقاز غير ان المنفى فتح أمامه آفاقاً جديدة ففي القوقاز وجد مصدر إلهام له حيث اكتشف الطبيعة الوحشية و القمم الثلجية و شواطئ القرم وخلال تلك الفترة تعمق في قراءة «بايرون» و تأثر به كثيرا فصدر له يومئذ مجموعات من القصائد مثل: «سجين القوقاز» و «بحيرة باختشي ساراي» و «الاخوة اللصوص» و هي أعمال شعرية غنائية.‏

في عام 1820 كتب قصيدته الهجائية «غابريليادي» التي يشبه فيها أسلوب فولتير حيث تحمس يومئذ للسياسة و تبنى قضية استقلال اليونان.‏

في صيف 1823 ذهب الى أوديسا حيث المجتمع أكثر ثقافة و هناك درس غوتيه و شكسبير و كتب «الغجر» و في تلك المرحلة عشق زوجة تاجر كبير من أوديسا تدعى ايميلي ثم الكونتيسة فورونتسوفا التي حاول زوجها التخلص منه بنفي الشاعر الغاوي الى مقاطعة باسكوف.‏

كانت قراءاته خلال تلك المرحلة و مراسلاته مصدر وحي لشعره كما طلب من أحد أصدقائه أن يرسل له كتبا من بطرسبرغ و في تلك الفترة صادق كاهن القرية الذي دفعه لزيارة الأديرة و بدأ يختلط بالشعب بلباس الفلاحين و يصغي لهم.‏

أول أعماله الدرامية له كان «بوريس غودونوف» وفيه يبدو تأثره بشكسبير، وبعد محاولته الهرب بعد خمس سنوات من المنفى عاد الى موسكو و استقبله الامبراطور ليقيم بوشكين صداقة متبادلة مع الحاكم الجديد و هذا ما دفعه الى القول قبل موته بأيام: انه مرتبط قلبا و قالبا بالامبراطور الذي قدم له المساعدات و خلصه من مشكلات كثيرة خاصة الرقابة.‏

استقبل المجتمع الموسكوفي بوشكين بحرارة و كان ظهوره في المسرح لافتا، بعدها عاد مجددا الى الجنوب ليكتب روايته التاريخية «بطرس الأكبر» و ليقيم في الأرياف بعض الوقت ثم ذهب الى بطرسبورغ و كتب خلال أيام قصيدته الشهيرة «بولتافا «و هي تمجيد للقيصر (بطرس الأكبر) و خلال ذلك سعى للزواج و انخرط في الجيش في القوقاز لمحاربة الأتراك العثمانيين و كتب أشعاراً جميلة على غرار «رحلة الى أرزيروم» و خلال ذلك كان يحظى برعاية الامبراطور الذي قدم المساعدة المادية للشاعر الوطني فكتب بوشكين قصيدة ملحمية تقارب 400 بيت من الشعر و أربع مسرحيات تراجيدية و قصص «بلكين».‏

تزوج عام 1831 من ابنة صديقه غونت شاروف بمباركة الامبراطور و أقام في بطرسبرغ و حصل على موافقة لكتابة تاريخ بطرس الأكبر حيث سمح له بالاطلاع على أرشيف الامبراطور و تناول لأول مرة القصة الشعبية: «قصة القيصر سالتان» و هي من أبرز روائعه، كتب أيضا قصة «الصياد و السمكة الصغيرة»، «الأميرة و الأقزام السبعة»، «ابنة الكابتن»، «الفارس البرونزي».‏

ترك بوشكين أثرا كبيرا على معاصريه خاصة الشعراء حيث ارتبط عصره باسمه و كان مدرسة سار على خطاها الكتاب الروس.‏

كان اسباني الهوى في «ضيف من حجر» وانكليزياً في «مأدبة في زمن الطاعون» و أوروبياً في باقي أعماله و فرنسياً على غرار ميريميه، ففي «ضيف من حجر» مزيج من فاوست و دونجوان، ولأن شعره بقي غير معروف خارج روسيا فلم يقدر أعماله إلا الأدباء الذين ترجموا أعماله الى اللغات الأوروبية ويبقى بوشكين رغم قصر عمره الأدبي (توفي عام 1837) كما قال: سيظل قومي يذكرونني لأني هززت بقيثارة المشاعر الخيرة، و ناديت بالرحمة على المقهورين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية