فرغم تواصل القصف والغارات الجوية على مدى ثلاثة أشهر بحيث نالت كل مدينة ليبية حصتها من القنابل والصواريخ الأطلسية الذكية والغبية، إلا أن الزعيم الليبي معمر القذافي ظل على موقفه ولم يخرج من المشهد أو تظهر عليه علامات الضعف والتراجع وإن ترك الباب مواربا على الحلول الوسط، في حين بدأ الإحباط يتسرب إلى نفوس قادة المحتجين ومسلحيهم بعد أن شارفت ذخائرهم و(مساعدات) الغرب على النفاد، وبعد أن فشلوا في التنسيق مع طائرات الأطلسي التي باتت توزع الموت مناصفة على طرفي الصراع الليبي ، في وقت أصبح فيه التردد والندم سمة الخطابات الرسمية لبعض المسؤولين الغربيين.
المؤشرات الأولية تدل على أننا سنشهد في الأيام القادمة انسحاب بعض الدول الأطلسية من هذه العملية العسكرية التي ثبت بالدليل القاطع أنها تجاوزت القرار الدولي رقم 1973 الخاص بحماية المدنيين، لتتحول إلى ذريعة للقتل والتدمير وإشاعة الفوضى والحقد بين الليبيين أنفسهم، كما ثبت أيضا أن بعض الدول المشاركة غير قادرة على تغطية نفقات الحرب بسبب ما تعانيه ميزانياتها من عجز يرفع منسوب الغضب والاحتجاج في أوساط مجتمعاتها.
وعليه سيكون على معارضي القذافي البحث عن وسيط يمكن الوثوق بنياته وليست لديه أطماع مفضوحة أو مخفية في النفط الليبي للمساهمة في إعادة ترتيب البيت الليبي بعيدا عن سياسة الاجتثاث والإقصاء، بدل البحث عمن يعترفون بمجلسهم الانتقالي في مقابل تكبيل الليبيين بالشروط والتنازلات.
مستقبل ليبيا مهدد بالخطر بفعل التدخل الأطلسي، وعلى الليبيين أن يعوا ذلك قبل فوات الأوان، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نتوقع من حلف استعماري تقوده الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا أن يتحول إلى فاعل خير يوزع الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان هكذا بالمجان.