الفهم الروسي لطبيعة ما يجري في سورية نابع من معرفة القيادة الروسية بحقيقة لطالما حاولوا إيصالها إلى العالم بشتى الطرق وهو وجود عصابات إرهابية مسلحة تمارس إرهاباً منظماً وهي مدعومة بشكل قوي من الخارج بغية
إحداث تغيير لمصالح هذه القوى الخارجية في سورية على حساب الشعب السوري وتطلعاته في العيش الآمن والمستقر ومن ضمن الوسائل التي تتبعها هذه القوى الخارجية التهديد بالتدخل الخارجي والعقوبات وتهريب السلاح إلى الإرهابيين في الداخل السوري ودعمهم مالياً ولوجستياً إضافة إلى حملة
إعلامية مضللة لقلب حقيقة ما يجري في سورية وتحميل السلطات السورية كل المسؤولية في هذه الأحداث .
فالتأثير على وعي الناس من خلال ضخ كم هائل من الأكاذيب والأضاليل هو سياسة باتت واضحة وثابتة لدى الأذرع الإعلامية للقوى التي تسعى لتمرير مخططاتها في سورية والتي باتت معروفة للجميع .
ومن وسائل التأثير على وعي الناس والحرب السيكولوجية التي تشن على سورية محاولة تصوير استخدام السلاح ودعوات التسلح على انه دفاع عن النفس والتصريح بذلك علناً من خلال المنابر الرسمية والعربية والدولية ليترافق
ذلك مع دعوات التحريض على ذلك من قبل المحطات الفضائية التي تعمل ضمن هذا الفلك .
وهذا الأمر مترافق طبعاً بالتهديد بشن الاعتداءات ومن ضمنها ماصرح به وزير الدفاع الاميركي (بانيتا ) من أن هناك خططاً تحضر لاستهداف سورية بناء على طلب الرئيس الاميركي أوباما الذي لطالما تكررت مطالبته بتدخل دولي في سورية .
وفي مقابل خطوات الإصلاح التي أعلنت عنها سورية عملت القوى الخارجية على تحريض أطراف المعارضة المختلفة على عدم الدخول في حوار مع سورية وعمدوا إلى تسليح العصابات الإرهابية بالأسلحة ، ناهيك عن دعمها لوجستيا . وقد كشف أكثر من مصدر غربي عن وجود أفراد من القوات الخاصة البريطانية والفرنسية والأميركية تعمل في الخفاء في حمص ومناطق أخرى لصالح هذه المجموعات الإرهابية.
هذه النقاط الجوهرية جعلت الموقف الروسي على خلاف دائم مع الموقف الاميركي ومن ينجر خلفه حيث كشفت مصادر أميركية مختلفة من أن هناك خشية في البيت الأبيض من تراجع العلاقات الأميركية - الروسية بسبب الأحداث في سورية .
فما تروجه بعض وسائل الإعلام العربية والإقليمية والدولية التي تعمل ضمن السياسة الأميركية هي بروبوغاندا عدائية تستهدف سورية بطرق رخيصة تستخف بعقول الناس ومشاعرهم وصفها كاتب هنغاري بأنها مخصصة للمغفلين ولايمكن أن تكون موجهة للعقلاء حيث قال« إنه بسبب هذه الأكاذيب دفع بالمتظاهرين ذوي النيات الحسنة الذين كانوا في بداية الأحداث لترك الساحة وظهر بدلاً منهم ذوو الإدراك القليل والأشكال الغريبة الذين يأتون ويمولون من أماكن وجهات خارجية » .
مايلفت النظر بخصوص تكشف الحقائق عن الأجندة التي تعمل بها بعض القوى الغربية للتأثير على الاحداث في سورية ودفعها للتأزم هو ماكشفه موقع فولتير الالكتروني عن وجود خلافات حادة داخل أروقة الخارجية الفرنسية بسبب فشل آلان جوبيه وزيرالخارجية في«دفع خياراته العدائية » ضد سورية بعد إصراره على تبني وتسويق تقارير مزيفة حول الواقع السوري.
وأن السفير الفرنسي في دمشق ايريك شوفالييه الذي تم استدعاؤه إلى باريس بعد إقفال السفارة الفرنسية وجه نقداً لاذعاً لجوبيه بسبب تجاهله لتقاريره وتزويره للحقائق والاستنتاجات الخاطئة بهدف افتعال حرب في سورية.
وهذه التناقضات والخلافات الحادة بين المسؤولين الفرنسيين دفعت بفرنسا لإخراج عملائها الاستخباراتيين من سورية تحت غطاء أنهم صحفيون ...
لذلك فإن سيناريو التصعيد ظل على سعاره طيلة الفترات الماضية وكان يزداد مع كل محطة فاشلة لبعض الدول الغربية والاقليمية والعربية لأخذ تفويض للتدخل في شؤون سورية لمواصلة الضغط على سورية سواء بالتصعيد الميداني للعنف وتأجيج العنف والاقتتال بين السوريين وتهريب السلاح إلى داخل الأراضي السورية أو عبر الضغط بوسائل سياسية، ومن هنا يمكن أن نفهم أيضاً إصرار المعارضة على عدم الدخول في أي تسوية للأزمة الحالية عن طريق الحوار لأن المطلوب أميركياً وغربياً ليس التسوية والإصلاح والديمقراطية بل المطلوب أخذ الأمور باتجاه المزيد من التصعيد والاقتتال الداخلي يقابله ضغوط خارجية تجعل من أي جهود تتخذها القيادة السورية باتجاه الإصلاح والتسوية عملية صعبة وغير واضحة النتائج بالرغم من الخطوات الكبيرة التي اتخذتها سورية في هذا المجال ولدعم كل هذا التضليل لابد من أذرع إعلامية شاهدنا طيلة فترة الأحداث كيف جندت نفسها لخدمة مشاريع التخريب والفتنة وتأجيج الوضع بهدف تضليل الرأي العام بما فيه العالمي لدفعه لاتخاذ قرارات بعيدة عن حقيقة ما يجري في سورية.