تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المكتبات ودور النشر تخوض معركة البقاء أمام أمازون

عن مجلة اكسبريس
فضاءات ثقافية
الثلاثاء 27-3-2012
ترجمة: دلال ابراهيم

من أجل كسب سوق الكتب الالكترونية, يعتزم الموقع العملاق للتجارة الالكترونية أمازون فرض نموذجه وهو: السعر الموحد.

وقد أثار جيف بيزوس, صاحب الموقع, خلال حضوره للمرة الأولى معرض الكتاب في باريس, غضب أصحاب المكتبات والناشرين.‏

ستبقى تلك الذكرى محفورة في ذاكرة مدير إحدى كبريات دور النشر العالمية حين زيارته إلى مدينة سياتل الأميركية عام 2010 لمناقشة قضايا تجارية مع جيف بيزوس. حين توجه إلى ضيفه قائلاً: «يمكننا مناقشة كل شيء, ما عدا سياستنا التسعيرية». ولم يكن هذا الرجل الأربعيني المشهور بضحكته الهيستيرية يمزح هذه المرة. وهذا كان يعني بالنسبة له فرض سعر موحد على كافة الكتب الالكترونية الموزعة عبر جهازه الخاص بالقراءة الشهير (القنديل) Le Kindle. حينها رد عليه مضيفه (في هذا مدعاة للقلق, إنني لم آت سوى لهذا الغرض) ومنطلق قوة مالك أكبر مكتبة الكترونية هو موازين القوى التي تميل لصالحه, هذا بالإضافة لعامل الوقت والذي يكون دائماً حليفأ له أيضاً. لقد استطاع هذا المهندس قبل سبعة عشر عاماً المخاطرة في إنشاء شركته ضمن أحد المرائب لكي يرفعها فيما بعد إلى المرتبة الأولى في مبيع الكتب الورقية في الولايات المتحدة. والآن ما الذي يمنعه من فعل نفس الشيء مع الكتب الالكترونية؟‏

ترتكز استراتيجيته التجارية على مبدأ بسيط: كلما بعت أكثر من أجهزة القراءة (القنديل) ويتوقع أن يتم تسويق 26 مليون جهاز هذا العام, كلما كان الناشرون أكثر عرضة للضغوط من أجل توزيع كتبهم عبره. إلا أن بيزوس يواجه الآن منافسة شركة Apple. حيث اقترحت هذه الشركة منذ عام 2010 وبهدف عدم التفاف أحد على قارئهم ( iPad ) لدى دور النشر, بيع إنتاجهم بالسعر الذي يرغبونه عبر متجرهم iBooks بنسبة تبلغ 30%. واستجابت عدة دور عملاقة متواجدة في الولايات المتحدة لطلب شركة Apple وسلمتها كتبها لتصبح في متناول اليد على جهاز iPad حصرياً.‏

ويعترف تيري بريتز المسؤول السابق عن قسم التطوير لدى Kindle أن «بيزوس كان دائماً مسكوناً بهاجس ومعجباً بشركة Apple في تسويقها الالكتروني للموسيقا. حيث فرضت بيع الأغاني عبر جهازها iTunes, وقارئها iPad, أي إن شركة ستيف جوبس وجدت الوسيلة التي يحاول أمازون الآن تطبيقها على الكتب. ومنذ عام 2005، وبغية امتلاك جهازها الخاص بها iTunes للموسيقا اشترت أمازون مكتبة الكترونية فرنسية هي موبيبوكيت بقيمة عشرة مليون دولار. ولم يتبق أمامها سوى ابتكار جهاز القراءة الالكتروني, ومن هنا ولدت فكرة ابتكار جهاز Kindle.‏

إلا أن عالم الكتب لا يشبه عالم الموسيقا, فهو أكثر عرضة للقرصنة, كما ويخشى الناشرون أن يتم تداول كتبهم بحرية على الشبكة الالكترونية ولا يستفيدون من الرقابة على الأسعار. إن عالم الكتب الورقية له القدرة على الصمود, غير أن بيزوس الذي يحتل المرتبة 26 في قائمة أغنياء العالم وفقاً لمجلة فوربس ليس بالرجل الذي يعترف بالفشل, فإن عانده الناشرون, لا بد من مهاجمتهم. حيث هددت وزارة العدل الأميركية, الأسبوع الفائت بفتح تحقيق بخصوص تفاهم على السعر ضد خمس شركات أميركية وقعت عقداً مع شركة Apple على غرار المفوضية الأوروبية. وقد رأى مراقبون أن هذا الإجراء جاء بناء على ضغوط قوى الضغط (اللوبي) لدى مدير أمازون.‏

والهجوم الثاني شنه على الجبهة التجارية, فقد عمدت مكتبته إلى سحب 4400 كتاب الكتروني من قائمتها. والسبب أن المجموعة الأميركية للناشرين المستقلين لا ترغب في الإذعان لشروط أمازون الجديدة, ويبرر هذا الإجراء كيرت ماثيوز, مدير هذه المجموعة بقوله: «تحتفظ كبريات دور النشر بنسبة 70% من مبيع الكتب الالكترونية, فيما لا يصلنا سوى 50%. والآن تطالبنا أمازون القبول بشروط غير مناسبة أيضاً.» ولكن لا تهم الذرائع, لأن النهم لا يذعن.‏

وهذه العدوانية لدى أمازون تفسرها ضغوط أسواق المال. إذ ينبغي على أمازون تحسين هامشه الربحي. حيث حقق هذا الموزع الالكتروني خلال عام 2011 أرباحاً بلغت 48 مليار دولار من 631 مليون نسمة. وتحتل مبيعات الأجهزة المنزلية والألبسة والمواد الالكترونية ثلثي النشاط. فيما تعد أنشطة بيع المنتجات الثقافية (كتب, دي في دي والموسيقا ) وتطوير جهاز kindle بزيادة مردود شركته. والثمن الواجب دفعه هو الحفاظ على خطوة متقدمة.‏

ولكن لا جهاز Kindle ولا جهاز iPad يعنيان للمدير التنفيذي لسلسلة المكتبات العائلية التابعة لغيوم ديسيتر شيئاً مهماً, وقد استغل معرض الكتاب الباريسي ليعرض مبادرته, التي أطلق عليها اسم TEAأي (الكتاب الالكتروني البديل) والهدف من وراء ذلك هو تحرير الكتاب الالكتروني من ركيزته في القراءة. وقد درس مشروعه بالتعاون من عدة شركات فرنسية وشرحها بقوله: «إن منصتنا متاحة أمام كافة مكتبات بيع الكتب, والقارىء يمكنه شراء أي كتاب الكتروني عبر الانترنت وقراءته على أي جهاز شاء.» وقد أعرب العديد من الناشرين عن دعمهم لاقتراحه. وخلال الشهر المقبل سوف يعرض ديسيتر جهاز القراءة الخاص به, ومن أجل تحقيق ذلك يعول على تعاون مساهمين متطوعين. ويعلق قائلاً: «لا نملك الموارد الهائلة المتوفرة لدى آبل وأمازون» ولكن بالتأكيد سوف يكافح وريث دار النشر العريق في القدم من أجل الدخول إلى العصر الرقمي.‏

والوضع بالنسبة لأمازون مختلف بعض الشيء في فرنسا, وقد بدأ هذا الأميركي, منذ الخريف الماضي باقتحام سوق الكتاب الالكتروني, وسبقت ذلك حملة دعائية واسعة ووجود لأول مرة في معرض الكتاب في باريس, وكذلك كسب المسؤولين في الهيئات الثقافية الفرنسية.‏

ولم يتأخر الرد من كبريات المؤسسات الثقافية الفرنسية, مثل شركة فيرجين, التي ركزت على المنتجات ذات الشاشات التي تعمل باللمس الأكثر تطوراً من جهاز القنديل, إلا أنها أكثر تكلفة. ويقول شارل بيانشي, المسؤول التجاري في المؤسسة: «بصفتنا المكتبة الأولى, نتحمل مسؤولياتنا, ولا يمكننا التخلي عن السوق إلى أمازون, دون طرح البديل. ولذلك قررنا طرح جهازنا في القراءة بالتعاون مع شركة كوبو الكندية» وقد بيع منه حوالي 145,000 جهازاً, وهذا الرقم قريب من رقم مبيعات أمازون, وفق تقديرات بيانشيه, الذي أردف قائلاً: «بالنسبة لنا, ليس لدينا أي رغبة بفرض وجهة نظرنا على الناشرين, فهم شركاؤنا»‏

ومن جانبها, لم تلعب دور النشر اللعبة, وقد فضلت أداء رقصة الفالس ببطء السلحفاة على خفض أسعار الكتب الرقمية. وكافة الوفورات التي تحققت على إنتاج الكتاب لم يستفد منها القراء. وعلى الرغم من ذلك, ليس هناك متسع من الوقت, نظراً لأن أمازون سوف يواصل زحفه مع أجهزته الحديثة. بينما سيخوض الناشرون والمكتبات فقط معركة البقاء على قيد الحياة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية