صورت لهم تلفيقاً وفبركة على أنها الأرض الموعودة، فيجدونها أرضاً للكوابيس وللخوف الدائم والتوهم بحاجتهم للدفاع عن النفس،والانزلاق في حروب تجد ذرائعها في نظرية الدفاع الوقائي البائدة، فيسيرون كالقطيع الذي تتفاقم لديه الحاجة الغريزية بشكل مستمر لارتكاب أعمال العدوان الوحشية والرضا عن سلوك قادتهم وهم يأمرون الجند بارتكاب المجازر حتى يمكن القول إن كل إسرائيلي يعد مشروع جزار إن انصاع لتلك الأوامر ومهما كانت صفته أوعمله أو مرتبته العلمية، مادام معداً للقتل في أي لحظة يطلب منه ذلك.
وهو ماعبر عنه باراك عام 1998م عندما قال عن إسرائيل «إنها بلد يحمل فيه كل الناس السلاح كواجب، بدءاً من المدير إلى أمين الصندوق إلى أصغر موظف، ودائماً جنباً إلى جنب في الوحدة ذاتها، حيث تتلاقى طبقة العسكر مع أرباب المهن، في مجتمع يكافح من أجل حقه في الوجود، في بلد لا يكاد يكون أكبر من أي محافظة فرنسية، ونسي أن أي عائد عليه أن يزرع السلام في نفوس الجميع، وألا يكون ممثلاً لطغمة ذات مصالح امبريالية في المنطقة، وها هو كوزير الحرب يعلن أن إسرائيل لن تعود إلى حدود الرابع من حزيران 1967م وأنه من المستحيل لتل أبيب وقف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية بسبب ماسماه النمو السكاني إضافة إلى مناداته بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل وبأن على العرب التنازل عن أراضيهم المحتلة.
والمستهجن زعم حكام إسرائيل عبر تاريخهم الملطخ بمئات المجازر بحق الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين والمصريين، أنهم حمل وديع في المنطقة وأن غياب السلام والعدوانات الإسرائيلية المتلاحقة سببها العرب ( الذين ضاعت حقوقهم بسبب تواطؤ الغرب الأوروبي والأميركي، ومسؤوليته في استمرار الاحتلال وخرق القانون الدولي ومنح إسرائيل مختلف الأسلحة وضروبها المحرمة دولياً كالفوسفور الأبيض والعنقوديات والسكوت عن أسلحتها النووية والبيولوجية والكيميائية التي تكدسها وكأنها تريد محاربة العالم برمته».
فهل لديها برنامج سلام؟ لقد أضحى العالم على يقين أن لديها إعلان حرب دائماً وتحريضاً إعلامياً لاهوادة فيه على شن حرب وقائية هنا أو هناك.
وتشير معطيات عن داخل الكيان إلى حجم التجييش على إيران وسورية وحزب الله من خلال ثقافة الطوارئ وهلع القطيع في مناورات تحولات المشروع الهستيرية.
واللافت أن كل الجهود الأميركية المبذولة خلال العقود الماضية لإضعاف أعداء إسرائيل الذين سلبت حقوقهم واستخدام الإدارات الأميركية لحق النقض لحماية المشروع الصهيوني، لم تفلح أوتساعد المستوطن الإسرائيلي على التخلص من عقدة الخوف، وعقدة الذنب اللاشعورية بارتكاب أكبر جريمة في التاريخ الحديث بسلب شعب كامل لأرضه وسرقة تراثه وتشريده.
والمحللون الإسرائيليون يأخذون على محمل الجد تحذيرات مائير داغان بشأن عدم الاستهانة بمقدرات وقدرات إيران، وبقدرة سورية على الصمود ويسوقون على سبيل المثال صمودها أمام جيش إسرائيل عام 1982م وأمام البوارج الأميركية ولكن يرى بعضهم أن الضغوط الحالية على سورية قد تشكل عاملاً نفسياً لإسرائيل يسول لها شن حرب في المنطقة.
وكعادتها تقوم إسرائيل في كل سيناريو من تحول«1 إلى 4» حتى تحول «5» الحالي إلى المسارعة بالقول إن هدفها تطوير ثقافة الطوارئ غير أن محللين غربيين يعتبرونها ثقافة هستيريا، اللافت فيها أن الحكومة الإسرائيلية كمافي في كل عام تبلغ الدول المجاورة عن طريق حلفائها في الغرب بأن هذه المناورات سنوية واعتيادية!
ففي تحول 4 تباهت وسائل الإعلام في الكيان بأنها الأكبر في تاريخ إسرائيل، وفي تحول 5 الحالية تباهى أحد المحللين العسكريين الصهاينة بأنها تحمل معنى كبيراً، أومغزى كبيراً.
فما مؤدى استعراض القوة وتسخين العضلات؟ أهي لحرب كبرى بذريعة الوقاية من إيران «نووية» أم لتقديم إسرائيل أمام وسائل الإعلام الغربية على أنها دوماً الضحية المحاطة بالأعداء، التي يجب أن تحتاط دفاعاً عن النفس لتبرير عدواناتها التي اعتادت شنها كل عامين؟
وفي المناورة الحالية تتم محاكاة سقوط صواريخ على نطاق واسع على اسرائيل وتدريب المواطنين اليهود على ارتداء أقنعة الوقاية من الغاز والتدرب على الهرب إلى الملاجئ ونقل الجرحى إلى المستشفيات والتدريب على احتمال مواجهة اضطرابات وشغب يثيرها عرب 1948م وكأن إسرائيل تحضر أمراً ضد هؤلاء!! واضطرابات على حدود الدول العربية بسبب المطالبة بحق العودة أو احتمال تسخين الجبهة المصرية.
لماكانت الصواريخ البعيدة المدى مغروسة حول العالم، فلم لاتفكر الدول الأخرى مثلاً بإجراء مناورات هستيرية سنوية كالتي تجريها «إسرائيل» في العطلة الصيفية وتجعل الأطفال وتلاميذ المدارس جزءاً منها أو في دوامتها الملأى بالتعذيب النفسي؟