وهدف أي حراك أن مايميز المرحلة القادمة هو الحوار الوطني ، الذي سيطلق ، ويعقد مؤتمره الوطني مباشرة ، وكان السيد الرئيس قد أعلن أنه مهما كانت سياسات الخارج موجهة نحونا بمقاصد التآمر وتهديد الأمن والاستقرار لبلدنا فلن نلتفت إليها وسنوجه الحديث إلى الداخل وما فيه من قضايا وأزمة نالت من سلم أولويات سورية وجعلتها مضطرة لأن يكون لها سلوك مع المخربين على غير ماهو السلوك مع المتظاهرين أصحاب المطالب المحقة ، وكذلك غير ماهو السلوك مع التكفيريين الذين هم أقرب إلى المخربين منهم لأي متظاهر وطني يحمل مطالب محقة ويعمل بإيجابية من أجلها .
وأشار السيد الرئيس إلى المحاولات التجييشية التي من شأنها أن تظهر الأقاويل والشائعات المغرضة التي تشيع أجواء القلق وعدم الاطمئنان الوطني حتى تصبح روح اليأس حاكمة في العقل الوطني وروح الشعب في بلدنا ،أكد السيد الرئيس أن سورية قدرها أن تواجه المؤامرات ، وأن تخرج منها بالعزة الوطنية ، والمنعة واللحمة الأكثر تماسكاً . وعليه فالذين مازالوا يضعون كل جهودهم وأموالهم من أجل التأثير على صلابة الموقف ، والسياسة والمقاومة عند سورية سيفشلون دوماً لأن وعي الشعب في سورية هو السد المنيع بوجههم، والتفاف الشعب حول مصالحه في دولته ونظامه السياسي لن يمكن هؤلاء من تمزيق العقد الاجتماعي والسياسي التاريخي عن شعبنا ، وبهذا الوعي وهذا الالتفاف يؤكد السيد الرئيس على أن المؤامرة ولو طال أمدها لشهور ، أو لسنوات هي خاسرة في النتيجة، ومدحورة بالإرادة الشعبية .
وحين خرجت جماهيرنا الوطنية يوم الثلاثاء ، أي في اليوم التالي لخطاب السيد الرئيس كانت الرسالة الشعبية دافعة لكل قول يعتقد بأن جماهير الشعب منقسمة أو محايدة ، أو تنتظر بإرادة مترددة وقد شهدت ساحات بلدنا هتافات المجد الوطني لبلد الأمجاد سورية، ومن يقرأ في رسالة الشعب الذي عبأ الساحات وميادين الوطن سيستنتج بأن القلعة الشعبية الحصينة لن تؤثر فيها هجمات المجموعات الإرهابية ولن تنال من صمودها مظاهر التخريب والقتل والتمثيل بالجثث التي حرّم الله التمثيل فيها بعد موتها ، وكذلك كان التعبير قوياً عبرها للسياسات الإقليمية التي ارتهنت للمشاريع الغربية المتصهينة ، أو لأهداف الليبرالية الجديدة الجشعة التي لاترضى بغير تفكيك جغرافية الوطن ، وترك شعبنا على حافة التقسيم الجديد تحقيقاً لمشروعهم في الشرق الأوسط الجديد والكبير، وكما كانت الرسالة قوية للذين جحدوا سورية من الدائرتين : العربية والإسلامية ، أيضاً وصلت الرسالة بالقوة ذاتها للذين يجيشون في أوروبا والاتحاد وفي أميركا ،ومجلس الأمن الدولي حتى يتم استصدار قرار شديد اللهجة ضد سورية يوفر الظروف للاستهداف القادم بالتدخل المباشر في شؤونها الداخلية ، ولاحقا تتطور الأمور للعدوان الأطلسي المزمع في الملفات السرية للجيواستراتيجية في البنتاغون ، ومعه الكيان الصهيوني.
وعلى الرغم من الخطورة التي أشار إليها السيد الرئيس لكنه عبر بالمزيد من الثقة ولغة الاستشراف عن قدرة شعبنا وخصوصاً الجيش الالكتروني لشباب سورية على هزيمة المؤامرة ، لأن المؤامرة تخرب بالوطن وتقيم المجازر والمقابر الجماعية، بينما الذين يتوجهون نحو الإصلاح بمنطق الوطنية المخلصة لايمكن لهم أن يتفاعلوا مع هؤلاء ، وقد أعلن السيد الرئيس عن نتائج استقبالاته لمكونات كثيرة وأطياف شعبية متنوعة بأن الجميع لايقبل بالتدخل الخارجي في بلدنا ، والجميع يؤكدون وقوفهم مع سيادة بلدهم ،وحقها في اختيار أشكال تطورها وإصلاحها ويرفضون تدمير اقتصاد البلد وإرجاع التنمية فيه سنوات إلى الوراء .ومن هنا انطلق السيد الرئيس نحو الحل الأمثل للأزمة الراهنة بأسلوب الحوار الوطني الذي تشكلت هيئته الأولى ، وتشكلت الدائرة الوطنية الثانية ليبدأ قريباً بجلساته التي سوف تتناول كافة الصعد الوطنية ، والآفاق، ومن ميزات هذا التوجه الوطني نحو الحوار أنه حوار سيضم المكونات الوطنية برمتها من كان داخل البلد ،أوكان خارجه المهم أن تنتصر فيه وطنية الحوار البناء الذي سيرسم المستقبل الزاهر للجماهير الوطنية.
فالمرجع في إدارة الأزمة هو الشعب والوطن ، والمميز المهم في هذا الموضوع هو ماظهر من إخلاص السيد الرئيس للاصلاح واندماجه في تطوير الوطن وتحديثه إن كان عبر قوانين الانتخابات والإعلام والأحزاب أو كان عبر التوجه نحو الدستور ببعض مواد فيه ، أو بمجمله.
وما أفاض به السيد الرئيس من تفصيلات وآليات عمل يؤكد الوثوقية الكبيرة لديه ، والحرص على تلبية رغبات الشعب واتضح لدى السيد الرئيس أن المصداقية والمسؤولية ، والاستجابة لنبض الشارع هي التي حركت فيه العاطفة الوطنية نحو شعبه ، كما حركت العاطفة الشعبية نحوه بوصفه الرئيس الذي لايزال شعبه يلتف حول قيادته ، ويجد في برنامجه الخير لحاضر الناس ومستقبلهم.
وكما يتم تداوله في كل سياسة استراتيجية نجد أن هذا الخطاب قد أغاظ الدوائر والدول الغربية بزعامة أميركا لأنهم لايرضون عن توجه حقيقي نحو الإصلاح والحرية والمساواة ، والعدل فهم يطرحون هذه الأهداف شكلاً حتى يتمكنوا تحت لافتتها من الدخول للبلد المعني والتدخل في شؤونه الداخلية ومصيره ، وصارت المسألة واضحة وضوح الشمس بأنهم يبرزون نظرياً حقوق الإنسان كي يكونوا عملياً ضد حقوق الأوطان، وهذا ماخالفته بموضوعية كلمة السيد الرئيس بنبرة سيادية ، وقرار استقلال كما كانت سورية عليه شعباً وحزباً ودولة ولما تزل.