الاقتصاد الضعيف ينسحب ضعفاً على بعض القطاعات، التجربة الاقتصادية السورية عكست مؤخراً عثرات اقتصادية وازدهاراً في قطاعات كثيرة وفيما يخص التأمين تحديداً فإن هذا القطاع يصبح نشطاً إذا ما وجدت مشاريع وجرى تشجيع التجارة الخارجية وتمويلها ومن منطلق أن التأمين ينمو ويزدهر بالتوازي مع تطور الاقتصاد ومؤشرات التنمية تبرز جلياً معضلة تراجع المؤشرات الاقتصادية أخيراً التي يعبر عنها على نحو ضيق «بالفجوة الاقتصادية».
هذه الأخيرة تتضافر مع غياب دور التأمين في التمويل الاقتصادي الذي يهدف إلى تنشيط عملية التنمية لترسم لوحة عدم توازن أو لنقل تفاوتاً ملموساً يظهر على مختلف الأصعدة فحصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في لبنان مثلا تبلغ نحو 9800 دولار ،أما في سورية لا تتجاوز 2600 دولار فكيف يتعامل التأمين الآن مع تراجع المؤشرات الاقتصادية.
يتفق كثيرون أن التأمين مرآة تعكس واقع الاقتصاد فإذا حصل نمو وانتعاش اقتصادي كان للتأمين نصيب وافر منه فيما سيكون هناك انتكاسة تأمينية بلاشك في حال تراجع مؤشرات التنمية الاقتصادية، فالعلاقة عضوية ومترابطة بين الاقتصاد والتأمين ولا يمكن أن ينتعش التأمين دون معدلات نمو اقتصادية وفيما تعتبر مشكلة معوقات الاستثمار عامة ومتشعبة تظهر في قطاع التأمين كما في كل الأوجه الأخرى من الاقتصاد تعوق مثلاً ازدهار التأمين في الاقتصاد تبرز الحاجة جلية إلى ضرورة التنوع الاستثماري لشركات التأمين المحلية وفق دراسة معينة تتناسب مع تركيبة المحفظة التأمينية علماً أن الكثير من الشركات لم تدخل في الاستثمار المتوسط والطويل الأجل في إطار ما يسمى فلسفة الانتظار والمراقبة التي من المفترض أنها انقضت وهي اليوم على موعد مع دور تمويل تنموي باستثمارات تتناسب مع الاستحقاقات الجديدة ولاسيما أن تسهيلات نظام الاستثمار الجديد هي عوامل قوية وشفافة لجهة توجه التأمين صوب العائدية الاستثمارية كرفع نسب الاستثمار ورأس المال لحقوق المساهمين مايوفر للشركات مساحة أكبر للاستثمار ومرونة أفضل فضلاً عن توسيع حظوظها في المشاريع الأكثر إنتاجية والطويلة الأجل بحيث تصبح طرفا في عملية التنمية الاقتصادية.
وبحسب إياد الزهراء مدير هيئة التأمين «أن الفترة الراهنة يجب أن تلحظ توافق التأمين مع دور تنموي سواء لجهة توفير مصادر تمويل المشاريع أو توسيع مصادر الربح الاستثماري أو تنويع مصادر الدخل الوطني».
فيما يشير د. عماد خليفة مدير الثقة للتأمين «إلى توجه الشركات خلال المرحلة المقبلة لتأسيس محافظ استثمارية منوعة كونها لا تستطيع الاستمرار في عملها دون أن تؤمن لها دخلاً من عوائد الاستثمار يساعدها في عملية تغطية النشاط الاقتصادي نتيجة ممارسة أعمال التأمين».
في المحصلة تشكل عملية التمويل وإعادة هيكلة قطاعات الاقتصاد تحديات جمة أمام قطاع التأمين يفترض أن يكون داعماً للاصلاح الاقتصادي السليم حيث ينتظر هذا الاصلاح مهمات في كيفية مواءمة دوره الآن مع متطلبات التنمية ولاسيما أن قطاع التأمين يمتلك قدرات جيدة (وصلت حجم أقساطه خلال الربع الأول من العام 4 مليارات) ومن المأمول أن يكون لتلك القدرات دور حيوي في دعم الاستثمارات لخلق الوظائف من مشاريع البنى التحتية إلى تغطية كافة الأنشطة الاقتصادية وطبعاً الأساس في هذه المرحلة التأكيد على دور نظام الاستثمار المعدل لجهة رفع نسبة استثمارات شركات التأمين من حقوق المساهمين وليس في رأسمال الشركة فقط إضافة إلى تعديل نسبة الاستثمار الخاصة بتملك العقارات ورفع النسب الاستثمارية المحددة وفتح قنوات استثمارية خاصة بالمشاريع فأولويات الاصلاح تعتمد في توقيتها على توسيع الاستثمار وتمويل مشاريع الاقتصاد الوطني.