تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بين الحقيقة والـــــرأي

منوعات
الثلاثاء 27-3-2012
سعد القاسم

بعد أكثر من نصف قرن على انتهاء دولة الوحدة بين سورية ومصر لا تزال هذه التجربة موضع اهتمام المؤرخين والباحثين والسياسيين وسواهم. فمن المؤكد أن هذه المرحلة الاستثنائية

من تاريخ سورية، قد مثلت في الوقت ذاته لحظة تاريخية فاصلة بين ما قبلها وما بعدها، وبقيت تأثيراتها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية حتى يومنا هذا، بصرف النظر عن تباين المواقف منها، ومن تأثيراتها اللاحقة..‏

أحدث ما نشر في هذا المجال كتاب دفع به قبل وقت قليل إلى القارئ الكاتب الأستاذ مازن يوسف الصباغ ويحمل عنواناً تفصيلياً طويلاً (دولة الوحدة.. سورية ومصر.. الجمهورية العربية المتحدة) ويليه عنوان فرعي يؤرخ لبداية وانتهاء هذه الدولة (23/2/1958-28/9/1961). بما يشير إلى الطبيعة التوثيقية للكتاب، وهو أمر تعززه المعرفة المسبقة باهتمام الكاتب بمجال التوثيق الذي نتج عنه القسم الأكبر من كتبه وقد بلغ عددها حتى اليوم ستة وثلاثين كتاباً..ومع ذلك فإن الكتاب الجديد ليس كتاباً توثيقياً بالمعنى الحرفي، وخاصة إذا انطلقنا من عنوانه فهو لا يقتصر على المرحلة التي يحددها العنوان، وإنما يرجع إلى آلاف السنوات السابقة لها مستعرضاً تاريخ العلاقات بين سورية ومصر منذ قيام الحضارات الأولى بين المنطقتين، فارشاً بذلك للفصول التالية من الكتاب التي توثق الأحداث والوقائع والمواقف السابقة لقيام دولة الوحدة، فالإجراءات والمقررات البرلمانية والحكومية التنفيذية الممهدة لها، ثم الوثائق المتعلقة بهياكل ومؤسسات وهيئات دولة الوحدة، وأخيراً البلاغات العسكرية للانفصال..‏

منذ قيام الوحدة وحتى يومنا الحالي تطرح وجهات نظر مختلفة، تنطلق من دوافع مختلفة، حول تجربة واجهت منذ بداياتها مؤامرات إقليمية وعالمية واسعة المدى لإفشالها، ومع أن خمسين عاماً مضت على انفصال عرا الوحدة بانقلاب عسكري مدعوم من دول عربية وأجنبية، فإنه لا يبدو أن أعداءها قد شفوا غليلهم، فدأبوا على امتداد نصف القرن الماضي على تشويه صورة التجربة، وقائدها، مغفلين كل مرة -عن قصد أو عن جهل – الوقائع التي أدت إلى قيامها.وهنا تبرز أهمية كتاب الأستاذ صباغ، الذي يجعل الوثيقة حكماً بين حقيقة يراد تشويهها، ورأي يفتقد للحقيقة.ففي القسمين الثاني والثالث منه يعرض الوثائق التي توضح طبيعة الوقائع والتحولات السياسية في المنطقة بعد ثورة تموز 1952 في مصر، وعودة الحياة البرلمانية في سورية عام 1954، والتي تشير بما لا يقبل الجدل إلى أن قيام الوحدة مع مصر كان نتيجة مطلب شعبي سوري عام عبرت عنه القيادات السياسية والعسكرية وعلى رأسها الرئيس الراحل شكري القوتلي.وربما أن هذا ما دعا المؤلف إلى أن يهدي كتابه إلى: «قيادات سياسية وعسكرية وشعبية تحركت بروح وطنية مخلصة.. عملت وجاهدت بتفان وإيثار وسعت لإقامة دولة الوحدة السورية المصرية على أنها خطوة على طريق الوحدة العربية.».‏

وفي الإطار السابق يلفت الانتباه إعلان السيد صبري العسلي رئيس الحكومة في الخامس من تموز 1956 (أي قبل إعلان الوحدة بسنتين) أن حكومته اتخذت قراراً بتفويض وزير الخارجية بإجراء مفاوضات للاتحاد الفيدرالي بينها وبين مصر.وإقرار هذا الأمر من قبل مجلس النواب السوري في الثامن عشر من تشرين الثاني 1957، والذي قرر في الشهر التالي رفع العلم المصري إلى جانب العلم السوري في قاعة الاجتماعات العامة لمجلس النواب إلى أن يتم توحيد البلدين. وأخيراً كتاب الرئيس شكري القوتلي إلى الرئيس جمال عبد الناصر الذي يعلمه فيه بالقرار التاريخي لسورية في تحقيق الوحدة التامة الكاملة مع مصر..‏

الكتاب باختصار يقدم صورة موثقة عن تلك المرحلة التاريخية المهمة.لكن هذا الاختصار لا يفي الكتاب www.facebook.com/saad.alkassem ">حقه..‏

www.facebook.com/saad.alkassem

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية