.
فعلى مرأى من زحمة ومشهد مراقب اختصرته خطوط نقل الموظفين الى نصف المسافة تماشيا مع نصف الكمية المخصصة من المحروقات ،لتعود نصف المعاناة الى سابق عهدها من بعض سنوات الحرب..هي مساحة من صورة نائمة غابت لبعض الوقت .
في لحظة مزاج «رايق» كما يقال أطلقت لنفسي العنان بأن أتجول في شوارع العاصمة دمشق صاحبة البهاء الدائم بكل تفاصيلها ، فهي تغفو على أوزان ثقيلة من المجد وأطنان من الكبرياء و لأن طبيعة العمل تتطلب الدوام أيام العطل الرسمية .. أردت أن أكتشف عن قرب بعض المزاج ولو كان من قياس هدوء ، وصخب الأمكنة وحديث الشوارع ..
فعلى مسافة استجمام بين دوار كفر سوسة وساحة المحافظة .. تكاد تكون الطرقات والدروب الفرعية خالية إلا من بعض رواد أيام العطل ..موظفون ..زائرون.. متقاعدون راغبون بالتسوق النظري ومن بعيد.. ولأن العين هي كاميرا الصحفي قبل الكاميرا الآلية فقد شرح صدري رؤية أطفالنا وطلابنا وهم يستعدون في ملعب تشرين الرياضي لخوض سباق الدراجات الهوائية بأعمار مختلفة عكست الصورة طبيعة الإنسان السوري العاشق للحياة الرافض للاستسلام والخنوع والخوف .
وخلف مجمع الأمويين تصادفك سيدة مسنة متأنية في خطواتها تحضن خبزها بدفء وحنان كما لو أنه طفلا.وعلى عكس خطواتي المتسارعة باتجاه وكالة سانا، كانت خطوات تلك الأم وبناتها الثلاث وهن يستمتعن بتناول الساندوش مع دردشة وبسمة تعلو الوجوه،رغم حملهن لمتاعهن الثقيل..وفي جولة للعين بكل الاتجاهات على امتداد جسر الرئيس إلى ساحة المحافظة، يبدو أن جيل المتقاعدين من آبائنا وإخوتنا وأصدقائنا وجدوا ضالتهم للاستمتاع برياضة المشي بيوم عطلة رسمية وأن صرافات الإدارة المركزية للمصرف العقاري على ما يرام وجاهزة لتلبية الحاجة طيلة أيام العطل الرسمية ،عكس ذلك سرورا على وجوه المئات ممن قصده من أبناء العاصمة وضواحيها ..
حركة متواضعة للناس والسيارات التي شكلت لوحة مشهدية طويلة المقاس طولا وعرضا أمام محطات الوقود. وربما كانت هذه فرصة لتعارف السائقين على بعضهم البعض تبادل أطراف الحديث ومناقشة الأوضاع الاقتصادية العامة وقد يصل الحديث إلى رصد هموم العائلات وطلاب الشهادة في المنازل..
أيام من الوجع السوري المستمر بقياسات متعددة ، لكنه مصمم بإرادة وعزيمة شعب وأبناء لا تلين ..معدلة بقناعة ، من أن بعد العسر يسرا ،وبعد الضيق الفرج ، وبعد الصبر الفوز ، وبدل أن نشتم الظلام والظروف وننعت الحالة الضاغطة بأقذع الأوصاف أن نعمل بصدق وإخلاص بما تيسر من امكانات وقدرات ذاتية صحية أولا وحياتية اخرى نتشابه فيها جميعا .
كل يوم وسورية تنتصر على أعداء الداخل والخارج، على الوهم والظلم ..وكل من تاجر بأمن وأمان وسلامة الوطن .