وضع شافيز رئاسته تحت قيادة سيمون بوليفار الذي حرر فنزويلا من نير الإمبراطورية الإسبانية، ووعد بتحقيق استقلال ثانٍ من نير الولايات المتحدة هذه المرة، كما أعرب عن نيته بقلب النظام الليبرالي الجديد، يمكننا أن نفهم أنه بتعليم كهذا سيمسي شافيز عاجلاً البطة السوداء بنظر الولايات المتحدة التي ستوقعه في حرب وخيمة النتائج.
لماذا هذه الحرب الشرسة ضد دولة غير مؤذية؟ هناك سببان: النفط حيث تمتلك فنزويلا أكبر احتياطي نفط في العالم، ولأنها تشكل مثالاً لثورة سياسية، اقتصادية واجتماعية يجب تجنبها، لتحليل وفهم الوضع جيداً، لا بدّ وأن نعرف الوقائع أولاً، تسلسلها وعواقبها.
وسائل الإعلام التقليدية لا تسير في هذا المنحى، فغالباً الصحفيون وكتاب الأعمدة يكتفون بترديد خطابات السياسيين وكبرى وكالات الأنباء مثل: مادورو ديكتاتور، إدارته الاقتصادية السيئة أدت إلى التضخم وما إلى هناك... ومن هنا تأتي أهمية وجود إعلام مستقل ينقل الوقائع بهدوء، حركته ونتائجه. في ظل حكومة شافيز (١٩٩٨ - ٢٠١٣) في ٦ كانون الأول ١٩٩٨: انتخب هوغو شافيز للرئاسة بحصوله على ٥٦% من الأصوات ومن اليوم الأول وعد بحكومة ثورية وأنه يتعين على الشعب الاستفتاء لعقد جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد.
في تشرين الثاني ١٩٩٩: أنشأ المجلس التأسيسي دستوراً تقدمياً، يعترف بدور المؤسسات الخاصة والاستثمارات العامة والتعاونيات في هذا الاقتصاد التعددي تمارس الدولة دوراً تنظيمياً، تقترح إصلاحات زراعية جديدة وتدافع عن الاكتفاء الغذائي الذاتي، وأخيراً تعديل اسم فنزويلا إلى جمهورية فنزويلا البوليفارية.
وفي نيسان ٢٠٠١: في قمة الدول الأميركية التي عقدت في الكيبيك، كان شافيز الرئيس الوحيد من بين ٣٤ رئيس دولة وحكومة من عارض وبوضوح مشروع منطقة التجارة الحرة لدول أميركا التي صممتها وروّجت لها الولايات المتحدة وبعدها في نيسان ٢٠٠٢: انقلاب حكومي قامت به الاوليغارشية المحلية بالتعاون مع المخابرات الأميركية سي آي إيه، أُسر شافيز وسجن، لكن بعد يومين قامت تعبئة شعبية كبيرة ابعدتا الاوليغارشية من القصر وأعادت شافيز إلى مهامه.
في آب ٢٠٠٤: فاز شافيز نتيجة الاستفتاء وبناءً على طلب الأحزاب المعنية. وفي آذار ٢٠١٣ توفي في سن ال ٥٩ عهد حكومة مادورو ٢٠١٣: نيسان ٢٠١٣: تم انتخاب نيكولا مادورو، وفي هذا لم تتمكن الولايات المتحدة من إزاحة صورة شافيز لكنها قررت الانتهاء من خليفته.
كانون الأول 2014 صوت الكونغرس الأميركي على القانون ١١٣-٢٨٧ المسمى «القانون العام للدفاع عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني في فنزويلا»، ويدعو هذا القانون إلى اتخاذ إجراءات قسرية من جانب واحد ضد فنزويلا في المجالات الاقتصادية، المالية والتجارية و بداية ٢٠١٥: وكالات التصنيف الأميركية الثلاث خفضت تكراراً التصنيف الانتقائي لفنزويلا كما اتبعت أميركا أنواع حصار أخرى المالية لعرقلة وصولها إلى التمويل الدولي. آذار ٢٠١٥: أصدر الرئيس الأميركي باراك اوباما مرسوما رئاسياً يصرح أن فنزويلا « تشكل تهديداً « غير عادي وكبير على الأمن الوطني والسياسة الخارجية للولايات المتحدة «.
تموز ٢٠١٧: تم إنشاء مجموعة ليما التي تضم ١٣ دولة من دول أميركا الجنوبية بالإضافة إلى كندا، وهدف المجموعة نزع الشرعية عن حكومة مادورو.
آب ٢٠١٧: توقيع دونالد ترامب على المرسوم الرئاسي ١٣٨٠٨ المعنون «فرض عقوبات إضافية على الوضع في فنزويلا»تلاها في آب ٢٠١٨: محاولة اغتيال الرئيس مادورو بطائرات دون طيار محملة بالمتفجرات.
٢٣ كانون الثاني ٢٠١٩: أعلن خوان غويدو زعيم حزب صغير يميني متطرف في ٢٣ كانون الثاني نفسه رئيساً للبلاد بناءاً على طلب الولايات المتحدة واعترفت بشرعية المغتصب خمسون حكومة من بينها حكومة جاستن ترودو الكندية.
٢٤ كانون الثاني ٢٠١٩: عارضت أغلبية الدول الأعضاء في منظمة الدول الأميركية الـ ٢٤ إقالة الرئيس مادورو.
٢٦ كانون الثاني ٢٠١٩: عارض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاعتراف بخوان غويدو كرئيس مؤقت لفنزويلا و ١٩ آذار: على إثر اجتماع استثنائي في روما معاون وزير العلاقات الدولية الروسي حذّر المسؤول الأميركي ايليوت أبرامز من الإطاحة بمادورو، بأن موسكو لن تتسامح مع أي تدخل عسكري أميركي بفنزويلا.
٢٦ آذار ٢٠١٩: وصل نائب القائد الأعلى للقوات البرية الروسية إلى كاراكاس برفقة جند وطائرتين للمعدات العسكرية (ولوحظ أنه من هذا التاريخ خفف ترامب من نبرته العدائية).
نيسان ٢٠١٩: صوتت الجمعية التأسيسية لملاحقة خوان غويدو لاغتصابه منصب رئيس الجمهورية.
هشاشة الثورة الشافستية
إن الضعف الرئيسي لثورة شافيستا هي التبعية الغذائية، وهي نفس المسألة التي تم التأكيد عليها قبل عام ١٩٩٨، تستورد فنزويلا ٧٠% من غذائها، هذه التبعية الغذائية تعتبر أمراً شاذاً لأن أرضها زراعية، انفجار النفط المفاجئ في عشرينيات القرن الماضي دفع الإنتاج الغذائي نحو الخلف، كذلك اهتمت الطبقة الارستقراطية المهيمنة بالزراعة التصديرية بدل تخصيص السوق المحلية بالمحصول، بإهمال هذا البند من الدستورالجديد، نسي قادة الثورة الشافيستية أن السيادة الغذائية هي السيادة الأولى، هذا الخطأ لا يبرر العدوان الإمبريالي لكن يسهله، هذا العدوان جزء من سياسة خارجية أوسع يسمى مبدأ مونرو ويمكن تلخيصه في عبارة: « أميركا للأميركيين».
إعلان نشره عام ١٨٢٣ جيمس مونرو الرئيس الخامس للولايات المتحدة، هذا المذهب يشكّل تصريحاً أحادي الجانب لهيمنة الولايات المتحدة على كل القارة الأميركية، الحرب القذرة التي تقودها الولايات المتحدة اليوم لزعزعة استقرار فنزويلا تعود بذاكرتنا إلى التدخلات المتكررة التي ارتكبها العم سام ضد مختلف حكومات أميركا اللاتينية، التدخل الأكثر شهرة ودموية هو ذكرى الإطاحة بالرئيس التشيلي سلفادور ألاند عام ١٩٧٣.
بقلم: جاك ب. جيليناس