تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ماذا ينتظر العرب من القمة القادمة؟

شؤون سياسية
الأحد 7-2-2010م
د. فريد حاتم الشحف

أثبتت الأحداث الأخيرة، وخاصة العدوان الإسرائيلي على لبنان عام2006، والعدوان الوحشي على قطاع غزة، مرة أخرى، عجز الدول العربية عن اتخاذ موقف موحد،

قادر على مساندة الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الممارسات الوحشية والإجراءات القمعية التي تمارسها إسرائيل ضده، والحصار الخانق المفروض عليه، والذي أخذت تكرسه الجدران المختلفة، ولا أن تصيغ موقفاً واضحاً من التدخلات الأميركية في الشؤون الداخلية لدولنا، وفرضت هذه الأحداث وبإلحاح من جديد، البحث عن إجابة عن السؤال الذي يقلق الجميع، أين التضامن العربي؟! وأين موقعنا وموقفنا من كل مايجري حولنا؟!.‏

إن التضامن العربي مثله مثل أي شعار سياسي، لابد كي يتحول إلى واقع، إيجاد إطار قانوني وتنظيمي له، قادر أن يترجم هذا الشعار من مجرد طموح إلى حقيقة قابلة للتطبيق في الواقع العملي، وشعار التضامن العربي الذي نطمح إليه من المحيط إلى الخليج، لم ولن يتحول إلى واقع طالما بقي شعاراً نحمله مسؤولية كل مآسينا، هروباً من مواجهة الواقع بشجاعة.‏

ويخطئ من يعتقد أن جامعة الدول العربية بنظامها الداخلي الحالي، وآلية عملها هي ذلك الإطار التنظيمي والقانوني المناسب لتحقيق التضامن العربي، لأن نظامها الداخلي وآلية عملها، والذي كان للدول الاستعمارية السابقة، وخاصة بريطانيا دور مهم في فرضه منذ تأسيس الجامعة، لأسباب لسنا في صدد توضيحها الآن، ومن الأدلة الكثيرة على ذلك تأخير عقد القمة الاستثنائية التي عقدت في الدوحة أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة يؤكد ذلك.‏

وكان الدكتور عصمت عبد المجيد محقاً عندما صرح عقب انتهاء خدمته كأمين عام للجامعة: «إن الجامعة تقوم بدور الوسيط والمنسق لتقريب وجهات النظر، من خلال الحوار الهادئ والعقلاني. وإن العمل العربي المشترك لم يتحقق منه سوى القليل، لأن ذلك يرجع للإرادة السياسية للدول الأعضاء».‏

وبالرغم من ذلك، مازال البعض منا يعول على نتائج ما قد تسفر عنها القمة القادمة، التي ستعقد قريباً في ليبيا، وخاصة فيما يتعلق بالتحديات الكبيرة التي تواجه أمتنا في الوقت الحاضر وأهمها:‏

1- الحصار المفروض منذ سنوات على قطاع غزة، والجدران العازلة التي تقام حوله، وكي يكون العرب مساندين وداعمين للشعب المحاصر في القطاع، وأن لايكونوا مشاركين في هذا الحصار الظالم، واستغلال التضامن الشعبي والرسمي العالمي مع سكان القطاع، لفك الحصار المفروض عليه.‏

2- مفاوضات «السلام» بين الكيان الصهيوني والفلسطيني، وعدم تمكين الشروط الإسرائيلية والأميركية من أن تفرض على الفلسطينيين واتخاذ موقف واضح من «مبادرة السلام العربية» وأن تسحب من على الطاولة، طالما أن سياسة الكيان الصهيوني والدعم الأميركي لها يناقضان المبادرة، ويجعلانها غير قابلة للتطبيق في المدى المنظور.‏

3- العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني، يجب اتخاذ موقف واضح من العلاقة مع هذا الكيان، وخاصة في ظل وجود حكومة متطرفة جداً، تتنصل من كل الاتفاقات السابقة، وتنتهج سياسة عنصرية غارقة في الوحشية، وترفض رفضاً قاطعاً كل قرارات الشرعية الدولية.‏

4-التدخلات الخارجية في اليمن، وعدم تدويل الصراع هناك حيث أثبتت التجارب أن المساعدات الأمنية الأميركية والغربية، لم تجلب للدول المعنية سوى الفوضى الأمنية، وفتح الباب على مصراعيه أمام التدخلات الخارجية بكل أشكالها، وما حدث في لبنان في نهاية القرن العشرين يؤكد صحة ذلك.‏

5- العلاقات العربية الإيرانية، وعدم الانصياع للضغوطات الأميركية والإسرائيلية في هذا الخصوص، لأن ذلك من شأنه أن يلهي العرب، عن عدوهم الأساسي الكيان الصهيوني، ويخلق أجواء توتر في المنطقة، سيكون لها انعكاسات خطيرة، ليس على العلاقات بين الدول العربية وإيران وحسب، وإنما على الوضع الداخلي في معظم الدول العربية أيضاً.‏

6-مسألة التحريض الطائفي والعرقي داخل الدول العربية، فمن شأن ذلك إثارة نعرات طائفية ومذهبية داخلية، ستخدم بالتأكيد أجندات إسرائيلية وغربية في المنطقة، وستكون الدول العربية وشعوبها هي الخاسر الوحيد من ذلك.‏

7-سحب القضايا العربية من السلة الأميركية، والبحث عن وسيط آخر، بعد أن أثبتت الإدارات المتعاقبة انحيازها الكامل للكيان الصهيوني، وعداءها الواضح للدول العربية وشعوبها.‏

8- موقف واضح من الوضع في السودان، ورفض التدخلات الخارجية التي تسعى إلى تقسيمه، وتعريض أمنه الداخلي للخطر، من خلال اتفاقات فرضت عليه في أوج عنجهية الولايات المتحدة القطب الوحيد الذي سيطر على الساحة الدولية، في المرحلة السابقة.‏

طبعاً هذا هو جزء مما يتمناه العرب من القمة القادمة، ومن جامعة دولهم، التي يبقى الأمل فيها، أن تتحول إلى مؤسسة إقليمية، تخدم قضايا الشعب الذي تمثله، أسوة بمثيلاتها الدولية، مثل الاتحاد الأوروبي وغيره من المؤسسات الإقليمية الأخرى.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية