، وهي مواقف تهدف للنيل من مسيرة إنسان يسعى إلى تحقيق طموح بعينه، فتوضع في طريقه العراقيل، من خلال أدوات معينة، بعضها مادي ملموس، وبعضها معنوي، وهو المعني بمضمون الكتاب المذكور.
تذكر المؤلفة أن هنالك في الحياة مصادفات محفّزة تدفعنا لأن نعطي أفضل ما لدينا، وهنالك أيضاً مصادفات تزرع فينا ألغاماً قد تفضي إلى تدميرنا، إذ يمكن لفرد أن ينجح بتدمير آخر بانتهاج الاستنزاف المعنوي، وقد يحصل أن تصل شدّته إلى إعدام نفسي حقيقي.
من الطبيعي أنه في الوسط الثقافي، والكتّاب الجدد على وجه التحديد، أو ممن يطلق عليهم أصحاب المواهب الجادة، يتعرضون عادة لاستنزاف معنوي من قبل القائمين على المنابر الثقافية، ما يدخلهم في حالة إحباط، تجعل الكثيرين منهم ينزوون بأنفسهم بعيداً عن هذا المعترك الذي أحبوا خوضه.
من جانب آخر، فإن الكاتبات الشابات تحديداً من أكثر الكتّاب عرضة لمثل هذا الاستنزاف، وهو في اعتقادي استنزاف مزدوج، فمن ناحية تتعرض الكاتبة الشابة لمضايقات الوسط الثقافي وصعوبة الاندماج فيه، نتيجة لتراكمات اجتماعية، ومن ناحية أخرى ما تتعرض له من محيطها الاجتماعي الضيق الذي يفرض عليها رقابة صارمة قوامها الأعراف والتقاليد.
إن التعامل مع الأقلام الجديدة يحتاج إلى خبرة خاصة ومميزة، وإلى معرفة عميقة بالواقع الاجتماعي الذي تعيشه هذه الأقلام، وهو أمر يساعد في اكتشاف المواهب التي سترفد الحركة الإبداعية في سورية بأسماء جديدة تعمل على نهضتها وتقدمها. الأمر ذاته ينسحب أيضاً على الكتّاب أصحاب التجارب، وحتى المشهورين منهم، وهذا ما نلحظه عادة في تداعيات المسابقات الأدبية التي كان لها أبلغ الأثر على نتاجهم الأدبي.
الاستنزاف المعنوي مرض يعشش في نفوسنا، أحياناً يتم استخدامه عن سابق إصرار، وأحياناً بحسن نية دون أن ندرك عواقبه، وهو غالباً ما يكون جارحاً ومؤلماً.
ghazialali@yahoo-com