تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


علماء اللغة.. هل يفكون رموزها ..?

ثقافة
الاربعاء 13/7/2005م
ديب علي حسن

دور مارغريت في فاوست حيث ادى الصوت المنبعث من صدرها الكبير الى تكسر عدة قطع زجاجية, ويؤخذ العنف هنا بمعناه الحرفي البحت , جسد يخترق جسدا ..

يتوقف (لوسركل) عند امثلة تطبيقية في هذا المجال وهي نصوص مستلة من الآداب الاوروبية , ولكن المثال اللافت للنظر هو حديثه عن السحر والشعوذة فثمة من يؤمن بالسحر ويؤمن بالخير الذي يطرد هذا السحر والاداة في الحالين هي اللغة فيقول في هذا المجال (ان العاطفة العنيفة لاتنفصل عن الكلمات التي تنقلها والكلمات هنا توهب القوة كما توهب انجازية الرغبة ويجري الصراع ليس عبراللغة بل باللغة وتترك كلمات اللعنة الموهومة اثرا حقيقيا في الاجساد لذلك فاذا ما سمينا الساحر الشرير تسمية ناجحة اصبح بامكاننا ايذاؤه.‏

أخطار الكتابة..‏

ويتوقف لوسركل عند بحث اجراه ميشيل وشنايدر حول السرقات الادبية من وجهة نظر التحليل النفسي فالكتابة حسب الاثنين لومركل وشنايدر هي مشروع ينطوي على اخطار وهي مشحونة بدفعات من الطاقة النفسية والعاطفية لأنها تنطوي على علاقة انتهاكية بل حتى سفاحية بين الكاتب ولغته الأم فالمرء يكتب عن امه وضدها عن لغته الام وضدها وذلك لكي يتخلص من قلق التأثير ويلاحظ شنايدر بشأن العوارض المعروفة:‏

آلام الحمل وآلام الولادة وكآبة ما بعد النشر (الولادة) وينطوي هذا على نظرية حول علاقة المتكلم باللغة يلخصها شنايدر في المقولة اللاتشوسكية التالية : ليس هناك لغة فطرية او خلقية ان لغة الكاتب لغته الام لا ينظر اليها كوسيلة للتعبير عن المعتقدات او المشاعر بل من خلال مفهوم التحريم انها اتحاد وانفصال .. وليست اللغة اداة حيادية ,بل هي مجموعة من الكلمات المشحونة بقوة الرغبات والاحقاد والحب ومشاعر الذنب وتكون نتيجة ذلك صياغة اخرى لتناقضات المركزي,إذ قالت العرب قديما : المرء بأصغره قلبه ولسانه ولندع القلب جانبا ولنتجه الى اللسان فالعبقرية العربية كما رآها المرحوم زكي الارسوزي هي في لسانها وربما لهذا كان ولع العرب بالشعر وبالآداب وبعلوم اللغة فيما بعد واذا كانت الموضوعات التي طرحت منذ ابن جني حتى الآن قد اتت ثمارها سواء في علوم اللسانيات أوفقه اللغة فاننا اليوم امام موضوعات جديدة تضاف الى قائمة البحث وتبدو ميدانا خصبا وقابلا لان يتفرع الى موضوعات اخرى تستفيد من الانتصارات او القفزات المذهلة في العلوم النظرية وفي عالم التنظير النقدي والتربوي والنفسي .‏

من الذي يتكلم?‏

موضوع جديد يطرقه باحث فرنسي هو جان جاك لوسركل ويؤلف كتابا هاما في هذا المجال وقد ترجم الكتاب الى اللغة العربية د.محمد بدوي وصدر عن المنظمة العربية للترجمة.‏

وقد جاء في مقدمة المترجم ان هذا الكتاب يتناول قضية محورية في علم اللغة المعاصر فعندما يقوم شخص ما باستعمال اللغة من يكون المتكلم ?‏

هل هو الشخص بذاته ام ان اللغة هي التي تتكلم ?بكلام اخر : هل يكون الشخص المتكلم مسيطرا سيطرة تامة على الاداة التي يستعملها وهي اللغة بحيث انه يفعل بها ما يريد وفق شروطه الخاصة ويشكلها وفق تصوراته المسبقة ام ان اللغة تلعب دورا اساسيا في عملية التعبير بحيث تفرض شروطها هي وتتحول متكلما او لاعبا اساسيا في العملية ويشير المترجم في مقدمته الى ان جان جاك لوسيركل يؤكد اكثر من مرة انه في هذا الكتاب ليس رائدا في مجال هذا البحث وهو يورد اسماء باحثين كثر عالجوا هذا الموضوع سابقا من مثل فرويد ولا كان وجاكبسون وغيرهم الا ان انجاز الكتاب عنف اللغة, يكمن في طرح هذا الموضوع بشكل كلي ومتكامل وفي تسليط الضوء على ما يحدث في اللغة وفي المتكلم اثناء عملية التعبير .‏

يركز لوسيركل على الجانب من اللغة الذي يدعوه ب¯ المتبقي الذي يروغ من قواعد النحو ويتفلت من قوانين الالسنية التي درسهاوصاغها فرديناند دوسوسير وهذا الجانب هو الذي يرتع فيه المبدعون والشعراء والصوفيون والمهووسون ومن شابههم ومع ان الممارسات في هذا الجانب لا تسير بحسب قواعد النحو, الا انها كما يؤكد لوسيركل تغني اللغة وترفدها ولا تنقض عراها.‏

عنف اللغة...‏

لن اقف عند فصول الكتاب كلها وهي ستة فصول جاءت كالآتي علم الالسنية والمتبقي الفصل الثاني جراب الخرق , الثالث نظرية للمتبقي , الرابع , الاستعارة , الخامس : الفساد , والسادس هو الفصل الذي اعطى الكتاب اسمه عنف اللغة عند هذا الفصل سنقف محاولين نقل اشارات هامة توقف عندها لوسركل وقدمها ضمن سياق تطبيقي.‏

في الصفحة 399 يتوقف لوسركل عند عنوان عريض هو عنف اللغة المادي : اللغة والجسد.‏

يرى ان اللغة هي جسم قبل ان تكون ممارسة انها جسم من الاصوات وهناك عنف في صرخة الخوف, وكما نقول في الفرنسية: يستطيع الصوت ان يخترق طبلة اذني ويعود تصوري لعنف اللغة المادي الى قراءتي في وقت مبكر لمغامرات تان تان وللوسركل وبالذات لاحدى مغامراته التي كانت فيها صورة ( لاكاتا ستروف) تؤدي غناء الاسلوب هو نتيجة الانفصال والنزاع بين لغة الكاتب الخاصة واللغة الام التي يحاول الاستيلاء ويضيف شنايدر ان الاستيلاء يعني ايضا التدمير (ان الكتابة هي ايقاع العنف من قبل المرء بلغته الخاصة وهي فعل دفاع سادي ضد اثر الام - وتنطوي هذه العلاقة على الحقد.‏

ويميز شنايدر بين حالتين في اكتساب اللغة الحالة الاولى ان تكتسب من الاخرين من علاقات متوترة بين الاشخاص او من الاستيلاء الذي هو تدمير واعادة بناء من ضمن نظام لغة المرء الخاصة او اللغة الام .‏

خلاصة القول.‏

ان ما جاء به لوسركل بحث جديد سوف يفتح آفاقا واسعة في علم الالسنية وفقه اللغة ولكنه سوف يوظف يوما توظيفا غير علمي على الاطلاق وربما لن يمر وقت طويل حتى نسمع من يقول او يصنف : هذه لغة عنيفة وتلك لغة لينة سلسلة وربما سوف تصنف اللغات ما بين ارهابية ومسالمة والله اعلم .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية