الرقابة على الحدود، على عقد اتفاقات دولية، على الفضاء ومصادر المياه. وبرأي نتنياهو إذا لم تستوف هذه الشروط فستعرض الدولة الفلسطينية للخطر وجود الدولة اليهودية.
ومع ذلك، يكاد يكون للفلسطينيين منذ الآن كل شيء. لغزة، التي تسيطر على نحو نصف عرب الضفة الغربية «يشع» (يهودا والسامرة وغزة) (1.2 مليون) لا ينقص سوى مكانة الدولة. لرام الله (1.5 مليون) سلطة كاملة على العرب في كل الضفة، باستثناء حفنة في المنطقة ج يخضعون في شؤون التخطيط والبناء للحكم العسكري. مناطق (أ و ب) التي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية تضم 40 في المئة من الارض، ولكن معظم الـ 60 في المئة التي في يد إسرائيل هي صحراء يهودا وغور الاردن. في ظهر الجبل المأهول تركت إسرائيل لنفسها فقط جيوبا هي البلدات اليهودية والأروقة الرابطة بينها «نبضات اوسلو» نظفت كل الوعاء، ولم يتبقَ شيء يقشط منه.
هذه الجيوب والأروقة تعود الى «الحدود الأمنية»، وذلك لأن شارون خطط الاستيطان اليهودي انطلاقا من حساب سيستند إليه الجيش في حماية معابر سريعة وآمنة من السهل الساحلي الى غور الاردن، الخزان الجوفي للجبل ومواقع سيطرة استراتيجية. وفي داخل السكان المعادين فإن الجيش لا يمكنه أن يصمد على مدى الزمن (نابليون: «لا يمكن الجلوس على الرماح»).
خارج مناطق الاستيطان اليهودي، سيطرة السلطة الفلسطينية كاملة: برلمان، حكومة، رئاسة، قضاء، تعليم، إغاثة، زراعة، تجارة وصناعة، داخلية، راديو، تلفزيون، تلفون، انترنت، نقليات، امن داخلي، سفراء، تمثيل في الأمم المتحدة (باستثناء التصويت)، أجهزة سرية، بريد وطوابع، جوازات سفر. ما ينقصهم هو طرد الجيش الإسرائيلي، تصفية الاستيطان اليهودي وإقامة دولة – كل ما سيجعل الحياة في اسرائيل جحيماً.
هكذا مثلا، الوهم بأنه يمكن تعويض العرب من داخل أراضي سهل بيسان، قاطع لخيش والنقب (دونم مقابل دونم) على الكتل التي ستضمها اسرائيل. هذا الوهم سيتبدد حين تثور هناك الصرخة – وليس بالذات من جانب المستوطنين الذين مسموح الدوس عليهم. دون أن نذكر بأن اقتلاع مئة ألف المتبقين «فقط» – سكان البلدات خارج الكتل – سيخلف وراءه دولة لم نعرفها من قبل.
ولا تزال الضربة الأشد منها جميعا ستكون إقامة الدولة الفلسطينية. اليوم، «يشع» (المناطق) هي الارض الإقليمية الاخيرة في العالم التي لا يوجد لها صاحب سيادة. المصير او العناية أبقيا لليهود «ارض الميعاد» مفتوحة لاختيارهم، بينما لا توجد في العالم دولة ذات «حق عودة» الى «يشع» حسب القانون الدولي: الأردنيون اجتاحوا، وفي عام 1988 تنازلوا ايضا؛ الانتداب البريطاني الذي سبقهم قضى نحبه؛ الأتراك، في معاهدة لوزان، تنازلوا عن حقهم والمماليك – في المتحف.
يبقى ساري المفعول، ما دام لا يوجد صاحب سيادة آخر، صك الانتداب الذي اعترف بالحق التاريخي للشعب اليهودي بأن يعيد من جديد إقامة وطنهم القومي في بلاد إسرائيل، وأمر البريطانيين بتشجيع «الاستيطان الكثيف للأرض، بما في ذلك أراضي الدولة». وعليه، فنحن لا نزال رب البيت – وهو وحده يمكنه أن يتنازل عن حقه. فقط اذا ما قامت لا سمح الله، بموافقة إسرائيل دولة فلسطينية، فإن أراضينا ستعتبر «ارض فلسطين». وبعد ذلك، حتى حين يخرق الفلسطينيون الاتفاق والجيش الإسرائيلي يعود لاحتلال نابلس، سنضطر دوما للخروج، إذ إن هذه ستصبح «أرض فلسطين».
ألمانيا النازية أبيدت، ولكنها استبدلت بـ «ألمانيا أخرى»، وذلك لأن هذه «أرض ألمانيا». الويل للزعيم اليهودي الذي على اسمه سيسجل في التاريخ تحويل ارض إسرائيل الى أرض فلسطين. يوجد يهود كانوا يفضلون الموت على أن يساهموا في مثل هذه الكارثة التاريخية، التي توازي كل المخاطر المادية بأسرها. من سيشرح للسناتور ميتشيل (ولرئيس وزرائنا) بأن كل ما يمكن إعطاؤه للعرب، سبق أن تلقوه وما تبقى – اسرائيل لا يمكنها أن تعطيه دون أن تنتحر.
بقلم: الياكيم هعتسني