تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءات في الصحافة الإسرائيلية... هآرتس: إخفــــاقنا الإعــلامي بعد الســـياسي والعسكري

ترجمة
الأحد 31-1-2010
إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة

احتل تقرير مراقب الدولة في الكيان الإسرائيلي الذي اقر بفشل وسائل الإعلام الاسرائيلية المكتوبة والمقروءة والمسموعة عامة وتلك التي تنطق بالعربية على وجه الخصوص،

حيزاً كبيراً في الجدل الحاصل حول نتائج حربي تموز عام 2006 وغزة في نهاية عام 2008، وجاء في تقريره السنوي الذي قدمه الى الكنيست ونشر قبل فترة وجيزة أن السياسة الإعلامية الاسرائيلية الموجهة للإنسان العربي داخل اسرائيل وفي الضفة والقطاع والدول العربية «تعاني من فشل وطني يتراكم منذ سنوات.وبحسب تقرير مراقب الدولة، ميخاليند نشتراوس، يتضح هذا الفشل في المنظومة الإعلامية الدعائية الإسرائيلية باللغة العربية» في حالات الطوارئ.. وقد بدا جليا ولاسيما في الفترة التي مهدت لعملية الرصاص المصبوب في قطاع غزة وأيضا خلال العملية وبعدها واعتبر التقرير ان الإعلام الإسرائيلي الموجه باللغة العربية «أخفق في شرح سياسة الدولة ومواقفها للمحيط العربي، وتركته مكشوفا على جبهة البث والدعاية» حيث المحطات العربية.‏

مكشوفون للدعاية المعادية‏

وقال التقرير: إن الجهات الوزارية الاسرائيلية والمؤسسات المعنية ذات الصلة «لا تعمل على هذه الجبهة..» و «المواطنون العرب في إسرائيل»... والإنسان العربي في المناطق الأخرى مكشوفون بالكامل للدعاية المعادية لإسرائيل بالمقدمة منها قناة «الجزيرة» القطرية، وقنوات عربية في لبنان فضلا عن محطتي«حماس وحزب الله». وحذر التقرير من «خطورة» القبول بوضع لا تقوم به إسرائيل بالاستجابة على نحو ملائم على الجبهة الإعلامية الدعائية...وان توضح صورة الوضع ومواقف الدولة للجمهور الهدف - المحيط العربي، وتحديدا في حالات الطوارىء.‏

وأفادت الإذاعة العامة الإسرائيلية بأن مكتب مراقب الدولة قدم ملاحظات خطيرة إلى مكتب رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية بشأن القصور قوميا في مجال الإعلام باللغة العربية. ودعا مكتب مراقب الدولة الجهات الحكومية المسؤولة عن الإعلام الرسمي باللغة العربية وعن وسائل البث الرسمية وفي مقدمتها الوزير يولي ادلشطين الى العمل على وقف المماطلة والتسويف التي تعترض تحسين برامج البث باللغة العربية الموجهة الى سكان اسرائيل والمناطق والعالم العربي. كما توصل التقرير إلى نتائج تشير إلى فشل في شرح المواقف والسياسة الإسرائيلية باللغة العربية في حالات الطوارئ ولا سيما خلال الفترة التي سبقت العملية العسكرية الرصاص المصبوب في قطاع غزة وبعدها.‏

جدل حول الفشل الاعلامي‏

ويذكر ان الجدل حول الفشل الإعلامي الإسرائيلي بعد حربي لبنان وغزة اتخذ اتجاهين متناقضين، فقد اتهم أصحاب الاتجاه الأول الصحافة الاسرائيلية حتى ان بعضا منهم وضعها في قفص الاتهام: «بحجة أن تغطيتها للحرب كانت تغطية غير وطنية وغير مسؤولة، الأمر الذي شكل، بنظر هؤلاء، خطراً أمنياً مباشراً ومساً بالأمن القومي الإسرائيلي خلال الحرب» بحسب البروفيسور غابي فايمان. أما مؤيدو الاتجاه الثاني، فرأوا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تجندت بالكامل في المعركة، الى جانب المستويين السياسي والعسكري، بل إنها وقفت إلى يمين المؤسسة العسكرية والمستوى السياسي من خلال حثها إياهم على استخدام المزيد من القوة والعنف، وإنها تجاوزت دورها وواجبها المهني والأخلاقي من خلال أدائها التحريضي، وتجنّب ترشيد وتوجيه المستويين السياسي والعسكري على حد سواء.‏

وانعكست حدة هذا الجدل وأهميته حول أداء وسائل الإعلام الإسرائيلية، في عدد كبير من الأبحاث والمقالات والتقارير التي نشرتها مراكز البحث والدراسة والتي عكست ايضا الاتهامات المتبادلة بين من يحمّل وسائل الإعلام مسؤولية ما عن الفشل، وبين من يدافع عنها. ومن جملة الاتهامات التي سيقت ضد وسائل الإعلام القول إنها: «تجاوزت الخطوط الحمراء كلها، وإنها تصرفت بانعدام مسؤولية لامس حد الخيانة، وإنها قدمت إلى العدو خدمات مهمة أثناء الحرب، بسبب المعلومات السرية التي كان يحصل عليها حزب الله من تقارير هذه الوسائل، وخاصة أن لدى الحزب عشرات الأشخاص الذين يجيدون اللغة العبرية، والذين يتابعون وسائل الإعلام الإسرائيلية ويترجمون المواد في الوقت المناسب» على حد تعبير الصحفي يوسي ليفي في معاريف.‏

اتهامات لمراسلي الصحف‏

وقد طالت هذه الاتهامات مراسلي الصحف وقنوات التلفزة العسكريين وثمة من ذهب أبعد من ذلك، عندما حمل هؤلاء المراسلون المسؤولية المباشرة عن بعض الضربات والخسائر التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي، وقد دافع ألون بن دافيد أشهر المراسلين العسكريين في التلفزيون الإسرائيلي عن نفسه قائلا: «كانت تلك حرباً غير ناجحة؛ وقد عكسناها (كما هي). كانت بكلّ بساطة حرباً غير ناجحة... وأقول إنّ الإعلام عَكَسَ حرباً لم تكن جيدة. وقد خرج الناس بعد 33 يوماً من الملاجئ وهم خائبو الأمل جداً من نتائج الحرب». على حين دافع المراسل العسكري للقناة الأولى يوآب ليمور عن أداء المراسلين العسكريين قائلا: «نحن الصحفيين نوفر المعلومات، ولسنا من يوجدها. هذه وظيفة وسائل الإعلام في الأنظمة الديمقراطية. نحن نعمل كرسل، وإطلاق النار على الرسول هو حل سيئ. لم نسلم أي معلومات إلى العدو، هذا هراء. المعلومات كلها سُلمت في المؤتمرات الصحفية اليومية، وفي المحادثات مع ضباط كبار. لقد كان العدو مستعداً لمواجهتنا لأنه أجرى مراجعة داخلية واستعد وليس لأنه شاهد أخبار القناة الأولى. أسهل شيء الادعاء أننا لم ننتصر بسبب وسائل الإعلام، لكن الحقيقة المؤسفة هي أننا لم ننتصر بسبب إخفاقات وفشل في المستويين السياسي والعسكري».‏

أما كرميلا منشيه المراسلة العسكرية للاذاعة الاسرائيلية، فقد اتهمت المستوى السياسي والعسكري بالمسؤولية عن الفشل الإعلامي إضافة إلى لفشل السياسي والعسكري قائلة: «إن الفشل والإخفاق العسكري لم يحصلا بسبب الصحف، بل بسبب السلوك السياسي والعسكري. وأضافت أن «وسائل الإعلام تُشكل هدفاً سهلاً، ولذلك ثمة من يحاول تحميلها مسؤولية كل شيء».‏

عاصفة غير مسبوقة‏

وتحت عنوان: «النقد الجماهيري للإعلام الإسرائيلي في حرب لبنان» نشرته هآرتس، شخص البروفيسور غابي فايمان، أستاذ في قسم الإعلام في جامعة حيفا، أداء الإعلام الإسرائيلي إبان حربي لبنان وغزة، وذلك من خلال تحليل منابر الخطاب الجماهيري.قائلا: «إنّ حرب لبنان الثانية أثارت عاصفة جماهيرية غير مسبوقة. وفي إطار ذلك، وُجّهت إلى الإعلام الإسرائيلي اتهامات كثيرة، من أوساط واسعة بين الجمهور، وكذلك من المؤسسة الأكاديمية السياسية والعسكرية، ومن وسائل الإعلام نفسها، تُحمله سلسلة من الإخفاقات والقصورات والأخطاء أيام الحرب. وأضاف يقول: «تضافرت عوامل عديدة خلف ذلك. ومن بين هذه العوامل، سلوك الإعلام الإسرائيلي في أثناء الحرب، الذي تميّز أكثر من أيِّ شيء آخر بإطلاق مقولات غير حذرة وتفاؤل مبالغ فيه وتفصيل زائد عن تحرّكات القوات العسكرية والعمليات الحربية. وتميّز أيضاً بالاعتماد على مُعلقين ذوي معلومات «يعلوها الصدأ»، وليست مُستجدة، وعلى ثرثرة كبيرة استدعتها على ما يبدو ساعات البث الحيّ الطويلة، غير المبرّرة في أغلبية الأحيان.‏

أما العامل الثاني بحسب الباحث المذكور: «فيتمثل في حقيقة أن من السهل إظهار الودّ لوسائل إعلام تجلب الأخبار الطيبة، مثلما من السهل مقت وسائل الإعلام التي تكون أنباؤها سيئة، جملة وتفصيلاً. ومن المعروف أنه في الحرب على لبنان، كان الإعلام الإسرائيلي نذيرَ أخبار السوء، سواء عن القتلى والمصابين والأضرار أم عن القصورات والإخفاقات». وهناك عامل ثالث يقف وراء اتساع دائرة النقد الجماهيري لوسائل الإعلام الإسرائيلية خلال حرب لبنان، هو أنّ الجمهور الواسع يرى في هذه الوسائل جزءاً من المؤسسة الحاكمة، أي جزء من الأجواء الرسمية، من جهة، وكذلك يرى فيها حصن الإجماع ورمزه الفاقع، من جهة أخرى. ولذا، فإنّ خيبة الأمل منها تبقى جزءاً من خيبة الأمل الأهمّ والأعمّ من المؤسسة الحاكمة، التي مُنيت بالفشل الذريع في كل مهماتها».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية