تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


خورخي لويس بورخيس.. الأعمى البصير

فضاءات ثقافية
الأحد 31-1-2010
جوان تتر

ولد خورخي فرانسيسكو لويس بورخيس أسيفيدو في مدينة بوينس أيرس 24 آب 1899 وتوفي في جينيف 14 ‏حزيران 1986، بورخيس الذي أدهش العالم بثقافته الغنية، ومقارناته

التي يمكن وصفها بالغريبة.ولكن في ‏الحقيقة هي الأصح والأقرب إلى الواقع، خورخي لويس بورخيس الشخصية الفريدة من نوعها في الثقافة العالمية, ‏والذي لعب دورا بارزا في التأكيد على الإرادة القوية للمكفوف, تلك الإرادة التي لا تتوقف عند حدود تعطيل ‏الحواس ليغدو الظلام بالنسبة إليه نورا يحوك منه أساطيره وحكاياته عن الكائنات الخيالية، في إحدى قصصه ‏يتذكر ذلك الطفل الجالس على كرسي في الحديقة، مستسلما لتأملاته:‏

«ستصير كفيفا، لاتخشى أمرا ما، إن ما ‏سوف تراه يشبه نهاية طويلة لليلة صيف» وأيضا سيقول عن العمى الذي أصابه تدريجيا في محاضرته عن ‏العمى «أعيش في ذلك العالم من الألوان, وإذا تحدثت عن عماي المتواضع أولا لأنه ليس بالعمى المطلق الذي ‏يتخيله الناس وثانيا لأنه يتعلق بي، حالتي ليست درامية بشكل خاص، إنه هبوطٌ بطيء لليل». كما أنه سيوضح ‏العلاقة القائمة بين الشعر والعمى مستشهدا بمقولة لأوسكار وايلد: «إن العصور القديمة قدّمت هوميروس عن عمد ‏كشاعر أعمى»، وكمثال أيضا على العمى وفائدته لبورخيس بالتحديد أسوق مثالا آخر «للعمى منافعه، إنني أدين ‏للظلام ببعض الهبات، معرفتي بالايسلندية، متعة الكثير من أبيات الشعر والكثير من القصائد , وتأليفي لكتاب آخر ‏هو «مديح الظلام»» وكأن بورخيس هنا يقدّس العمى.‏العمى لدى بورخيس يحفزه على إثبات إبداعه, والقول إن الإبداع لا يقف في وجهه أي شيء, المهم أن هناك فكرة ‏تتبلور، فكرة تقدم شيئا مفيدا للبشر ولو على الصعيد النفسي. عن الذائقة والارتياح «إلى حد ما» الذي تخلفه قراءة ‏بورخيس، يقول كلود موريان: «يعتبر بورخيس من بين‎ ‎عشرة أو خمسة كتاب معاصرين نالوا حظا وافرا ‏من طرف النقاد والقراء. إننا كلما قاربنا أعماله الأدبية نشعر بتغيير ما يغمرنا، كما أن رؤيتنا للإنسان والأشياء ‏تتغير هي أيضا، إننا نشعر كما لوأننا لم نعد أذكياء».‏

إضافة إلى كتب بورخيس: «الألف»، «كتاب الكائنات الخيالية»، «صنعة الشعر»، هناك كتاب أنيق وثري بمعلوماته ونقصد «سبع ليال» و هي عبارة عن سبع محاضرات ألقاها ‏بورخيس للطلاب في جامعة تيترو كوليسيو، بيونس أيرس بين شهري تموز وآب من عام 1977، وهي في ‏الحقيقة ليست سبع محاضرات بالمعنى «المبسّط» بل سبعة كتب، حيث كل محاضرة كتاب، متاهة من متاهات ‏بورخيس المعروفة.في كل محاضرة يفتح بورخيس آفاقا لإعادة النظر إلى كل موضوع يناقشه، يُشغل مغناطيسه ‏الذي لا يقاوم, وسعيه الدائم إلى إيصال الفكرة للمستمع بطريقة شيقة, هُنا يختلف بورخيس المحاضر عن بورخيس ‏الكاتب حيث تراه لفترة يصفن أو يبحث في رفوف المكتبة في دماغه عن مثال يستحضره ليستخدمه بطريقة بهية ‏تشعر وأنتَ تقرأ أن بورخيس يهمس في أذنك ويفني نفسه في سبيل أن تصلكَ الفكرة.يقول الستر ريد الذي ساعد ‏بورخيس في تحويل المحاضرات تلك إلى كتاب: إن المحاضرات الواردة في هذا الكتاب تكشف جميعها عن ‏القفزات المتتالية في انتباه بورخيس، عن سيلان ذاكرته وعقله وإذا أردنا أن نفهم بورخيس فمن المهم أن نتذكر ‏ذلك , إذ إن التجربة الأدبية لديه هي أكثر توهجا وتأثيرا من التجربة الحقيقية»، تضم هذه الليالي سبع محاضرات ‏تناقش كل محاضرة فكرة معينة وهي: «الكوميديا الإلهية» و «كوابيس» و «ألف ليلة وليلة» و «البوذية» و «الشعر» ‏و «القابالا» و «العمى». ‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية