فالأداء التشكيلي الذي تجسده في لوحاتها التي تقدمها في معارضها الفردية والجماعية يبعدها مسافات عن الاشارات الواقعية التسجيلية، ويدخلها في اطار الحالة التعبيرية المعبرة عن عمق الانفعالات الداخلية التي تمنح خطوطها وألوانها المزيد من التتابع الايقاعي الناتج عن استخدام سكين الرسم الحادة في خطوات وضع العجائن اللونية وفي سياق رسم مواضيع الزهور وتسجيل لحظات الأنوثة بحالاتها المختلفة والمتنوعة.
ما بعد الانطباعية
واللوحة التي تقدمها تعيدنا إلى مرحلة ما بعد ظهور المدرسة الانطباعية وذلك لأن لوحاتها كانت ولا تزال تحمل شيئاً من العنف التعبيري الكامن في كثافة اللون وخشونة التقنية وصولاً إلى إضفاء المزيد من الإيقاعات اللونية المنثورة نثراً في المدى التصويري التعبيري وهذه الطريقة التي تعتمدها في نثر اللون فوق العجائن اللونية المتتابعة تمنح السطح التصويري شاعرية بصرية مقروءة في الإيقاعات اللونية المتنوعة الدرجات والحساسيات والتي تزيد من ارتباط أعمالها بالصياغة التشكيلية الحديثة الموجودة في ثقافة فنون القرن العشرين، كل ذلك يساهم في إبعاد اللوحة عن النعومة التي نجدها في الأعمال التقليدية ولاسيما الكلاسيكية والواقعية التسجيلية رغم أنها تميل في بعض جوانب لوحاتها ولاسيما في تجسيد الوجوه والأطراف لإضفاء المزيد من الرقابة العقلانية المركزة في تجسيد التفاصيل والابتعاد عن الكثافة اللونية التي تعتمدها في جوانب أخرى من لوحاتها.
موضوعات حميمية
هكذا تنتقل في اللوحة الواحدة بين اللمسة الكثيفة للون وبين اللمسة الهادئة والرقيقة وهي في ذلك تستعرض اختباراتها التقنية التي توصلت إليها في بحثها اليومي وأعطت لوحاتها هذا التنويع في تجسيد الموضوعات الحميمية ولاسيما الوجوه والأزهار، بفرح داخلي أحياناً، وبحزن مركز أحياناً أخرى، حيث ترسم وجوه الفتيات الحالمات وحركات أيديهن الحاضنة أحياناً باقات الزهور والمتلهفة للحنان.
كما أن تأملات بعض لوحاتها التي تجسد فيها المرأة تعيدنا إلى التماس بعض تأثيرات الفنون القديمة وهذه الحالة نجدها في الاستطالات الطولانية التي تعالج بها الوجوه أحياناً والتي تمنح اللوحة المزيد من التتابع الإيقاعي الروحاني وهذا يعطيها قدرة على الاستفادة أو التأويل من معطيات الفنون القديمة، ويحقق الاندفاع التشكيلي الذي يجمع ما بين معطيات التلقائية والعفوية في صياغة اللوحة الحديثة من منطلقات الفنون الأوروبية والشرقية في آن واحد.