تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«الطوطميـــة».. إرث بدائـــــي متوحــــش مازال يحكمنـــــــا..

ثقافة
الإثنين 30-6-2014
هفاف ميهوب

هي واحدة من أقدم أشكال الديانات التي انتشرت في المجتمع المشاعي البدائي, المجتمع الذي آمنَ بها كمجموعة رموزٍ وأفكار وطقوس, والذي اعتبرها كياناً أو رمزاً مقدَّساً للقبيلة.

إنها «الطوطمية» المصطلح الذي ظهر لأول مرة في القرن الثامن عشر, ومن قِبل الإنكليزي «جون لونج» الذي كان يعمل ترجماناً, والذي وجد بأن السمة الأساسية لهذا المصطلح, هي الاعتقاد بوجودِ أصلٍ مشترك وعلاقة بين مجموعة من الناس ونوع محدَّد من الحيوانات أو الأشياء أو الظواهر, وقد ارتبط ظهوره بالاقتصاد البدائي «صيد, جني ثمار».. أيضاً, بنقصِ المعرفة بالروابط الأخرى في المجتمع, إضافة إلى قرابة الدم التي كانت بحاجة إلى مقدِّسٍ هو الحامي.‏

لكن, وبالرغم من أن عبادة الطوطم, ارتبطت بالبدائية القبلية, إلا أن مختلف المجتمعات, ومُذ نشأتها واستمرارها ونموها في ظلِ مختلفِ التحولات التي شهدتها والبيئات التاريخية التي عاشتها. بالرغم من ذلك, إلا أنها لم تتخلَّ كلياً عن خصائصها الأولى, أو بالأحرى عن معتقداتها الطوطمية.‏

لقد أجمع علماء العصر الفيكتوري على أن «الطوطمية» لاتزال تحيا وترتع كرموزٍ دينية بدائية, وتحت مختلف الأشكال المتكاثرة لحياتنا الحديثة. الحياة التي نجد تلك المعتقدات فيها عبر إعلانٍ أو إشاراتٍ لدولٍ رغم حداثتها إلا أنها لاتزال تقدم الأرواح من أجل طوطمها.. أيضاً, نجدها عبر شارات المحافظات والمطبوعات والأضرحة والملابس والماركات وسوى ذلك مما جعل العالم البنائي الفرنسي «كلود ليفي شتراوس» يصبُّ إحدى دراساته على علاقة الطوطمية بالظواهر, معتبراً أنها ظاهرة تأتي كاستجابة حتمية لظروفٍ ومكونات طبيعية وبيئية, وأن هناك علاقة شعائرية أو دينية بين الإنسان وطوطمه, وهذه العلاقة كثيراً ما تتمثَّل في المناهج والأشياء المقدسة, وبأن لها من السلطة ما يجعل نظم الزواج في المجتمع الطوطمي لا تخضع لإرادة الأفراد بقدر خضوعها للقرابة الطوطمية.‏

أيضاً, ومنذُ حوالي عام 1920 رصدَ العالم «فان جنيب» حوالي 41 نمطاً مختلفاً للطوطمية في استراليا وحدها, وأثبت أن الكثير منها لايزال سارياً رغم أن جذورها الضاربة ترجع إلى الألف الثامن قبل الميلاد, وبأن هناك اعتقاداً بأن الأرواح تعود إلى الحياة, عبر توارث أسماء القبائل الأمومية - الأبوية.. كذلك أثبتَ أن الطوطمية مستمرة في تسلطها على نظم القرابة والزواج والطلاق والميراث عند العديد من شعوب العالم.‏

أما عن علاقة الطوطمية بالحيوانية النباتية, فالحكايات والمأثورات المتعلقة بالحيوان, جعلت البعض يرى بأنها أكثر قِدماً من الأساطير, وبأنها ترجع إلى مراحل التوحش, وكحكاياتٍ لها مغزاها أو حكمتها ودقة ملاحظتها, وسواء بالنسبة للطبيعة وغموضها ومخلوقاتها, أو للإنسان وفلسفته إزاء قدرات الحيوانات والطيور والزواحف والهوام والنباتات, وكل ما حُرِم منه بعجزه عن الطيران والغوص في الماء وتغيير الجلد وامتلاك قوة حيوانية وحشية بدائية.‏

كل هذا, أكَّده الاحتفاء بحكاياتِ الحيوانات والطيور والزواحف والنباتات. هذا الاحتفاء الذي جعل الحكايات المتعلقة بالحيوان, بداية لتقدم الأفكار والمعتقدات, وخصوصاً, أن أكثر هذه المعتقدات كانت تتجسَّد على شكلِ حيواناتٍ وطيور, ومن الأمثلة على ذلك أن إله البرق والرعدِ «زيوس» كان على شكلِ «نسر» وأن آلهة الحكمة والقوة «أثينا» كان يرمز إليها بـ «البومة».. الخ..‏

انطلاقاً من هذا, فسَّر الأقدمون الفرق بين حيوانٍ وآخر, فرأوا في بعض الحيوانات وأيضاً في لونها, مايثير الشؤم أو التفاؤل أو الإنذار بحدثٍ سيقع.‏

هكذا كانت رؤيتهم, وإلى أن أصبحنا لا نجد حيواناً أو طائراً أو نباتاً, إلا وتصاحبهُ مجموعة مأثورات وحكايات تحدد أوصافه وتحيطه بتفسير عصور ما قبل العلم, وفي الحكايات العربية خاصة. أما عن أهم وأقدم مصدر لهذه الحكايات, فـالحكيم الإغريقي «إيسوب» الذي قام بنسخ الكثير من حكايات الشرقِ الخرافية.. الحكايات التي فيها من المأثورات الكثير مما لازال متداولاً حتى يومنا هذا وفي غالبية المجتمعات.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية