والمفاهيم القيمية للوجود الانساني، وطرق وأشكال الاستثمار والتنافس على استقطاب العقول المبدعة وتوظيف الحيازات الذاتية والغيرية والاستئثار بها في عصر غدا للفكرة فيه ثمنها .. بهذه الكلمات افتتح الباحث ابراهيم الصوالح محاضرته التي جاءت تحت عنوان مسؤولية بناء الانسان وذلك في المركز الثقافي العربي في اليرموك ..
المدرسة محور أساسي في التر بية
بدأ الصوالح محاضرته بتعريف المسؤولية بأنها تعني قيام الفرد أو المؤسسة بما هو مطلوب منه مشيرا إلى أنه يمكن تقسيم المسؤولية في بناء الانسان من الناحية النظرية إلى ثلاثة محاور هي (الأسرة ، المدرسة ، المجتمع )
وأكد الصوالح أن المدرسة تشكل المحور الأساسي الذي يعتمد عليه كل من المحورين الآخرين لان العوامل المحددة لهويته أكثر وضوحا وتحديدا ومتابعة .
وقال الصوالح إن التنمية البشرية هي أساس التنمية الشاملة التي ترتكز إلى المعرفة والتقانة المتجددة وان هذه العملية هي عملية بناء، وهذا النوع من البناء هو الأبعد مدى في ظهور نتائجه وهو الأكثر استهلاكاً للوقت ولكنه الأكثر متانة وديمومة واقتصاديا وإنتاجيا .
وأشار الصوالح إلى الدور الذي تقوم به التربية (المدرسة ) في بناء الإنسان من خلال تكوين أساسيات المعرفة والتنمية العقلية وتربية التفكير وتحقيق التوازن النفسي (الانفعالي ) وتكوين منظومة القيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية والمهنية، وإكساب المهارات الأساسية العلمية والحياتية وتعزيز الانتماء للوطن والهوية، وأوضح الصوالح أن تحقيق الأهداف المذكورة يتم من خلال التخطيط الاستراتيجي الذي ينطوي على مجموعة من المبادىء والأهداف والعمليات والمشاريع الاستراتيجية التي تحقق الرؤية المستقبلية للتربية .
وضع استراتيجيات متقدمة لإصلاح النظم التربوية :
وأكد الصوالح أن المتغيرات الاجتماعية والسياسية تفرض تحديات جمة نوعية وكمية في بناء إنسان مزود بالمعارف قادر على مماشاة العصر ، ومؤمن بأهداف أمته العربية ووحدة تاريخها ومصيرها وحتمية تحرير أراضيها ، معتز بتراثها وقيمها مرتبط بقضايا وطنه ذي فكر موضوعي يتسلح بالفكر العلمي والمعلوماتية ، يأخذ بنظام القواعد واحترامها ويؤمن بمجتمع الكفاية والعدل وبالعقل المتفتح والعمل الجماعي والمسؤولية تجاه الفرد والمجتمع والوطن ويرفض كل أشكال الأمراض الاجتماعية ويلتزم التزاما صارما بروابط الوحدة الوطنية والقومية يؤمن بقيم المقاومة والإيثار والفداء ويتمتع بجسم قوي وصحة نفسية سليمة وعقلية قويمة .
وأوضح الصوالح في سياق محاضرته أن استراتيجية النهوض التربوي في سورية تسعى لبناء الانسان الذي هو غاية الحياة وهو منطلق الحياة منطلقة من التوجهات المذكورة أعلاه، مشيرا إلى أن المعالم الفكرية والعلمية لهذا البناء تتضح في السياسات التربوية تخطيطا وتنفيذا من خلال وضع استراتيجيات متقدمة لإصلاح النظم التربوية والتركيز على الأداء النوعي ومعايير الجودة وتربية التفكير النقدي والابتكاري مستشهدا بقول السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم أمام مجلس الشعب بتاريخ 17/7/2000 عندما قال : لا بد من الإصلاح والتطوير في مؤسساتنا التربوية والتعليمية والثقافية والإعلامية، بما يخدم قضايانا الوطنية والقومية ويعزز تراثنا الأصيل ويؤدي إلى نبذ ذهنية الانغلاق والسلبية ، ومعالجة الظواهر الاجتماعية التي تؤثر سلبا على وحدة المجتمع وسلامته .
الاهتمام محتوى التعليم :
وعن أهداف بناء الانسان أوضح الصوالح أن استراتيجية بناء الإنسان تستند إلى الأهداف العامة للتربية في سورية وإلى الأهداف التي اقرها المؤتمر التربوي الثاني لتطوير التعليم عام 1998 كأساس لبناء الاستراتيجيات والسياسات التربوية في بناء الشخصية المتوازنة والمتكاملة لدى المواطن القادر والمبدع والمؤمن بوطنه وأمته الواحدة والمخلص بالدفاع عنها ، بغية تحقيق أهدافها القومية والإنسانية والاهتمام ببناء محتوى التعليم على قاعدة راسخة من التراث العربي ولخصوصية الوطنية والقومية وتمكين الناشئة من مواجهة التخلف والتجزئة والاستعمار وتزويد المواطن بالمعارف والكفاءات والمهارات النظرية والعملية التي تدعم قدرته على الإسهام في تطوير الإنتاج الفكري والاجتماعي والاقتصادي لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة ورفع المستوى العلمي والثقافي والتركيز على البحث العلمي منطلقا ، وعلى التجريب وسيلة ، والتطبيق العملي قاعدة للتدريب وتنمية الاتجاه العلمي لرفع مستوى الأداء والانجاز بما يمكن خريجي المستويات التعليمية المختلفة من الإفادة من نتاج العلم وتقاناته ، تحقيقا لربط التربية بالتنمية الشاملة وتنمية مهارات التعليم الذاتي تحقيقا لعملية التعلم المستمر، والتوسع بتطبيق خطة التعليم المهني والتقني بما يحقق ترابطا أكثر فاعلية بين مخرجات التربية وخطط التنمية وحاجات سوق العمل المتجددة .
وضع المعايير الوطنية للمناهج الدراسية.
وبين أن مؤشرات البناء لم تقتصر على الزيادة الكمية في أعداد المدارس والشعب الصفية والطلاب والعاملين والهيئة التعليمية بل انه يترافق بتطور نوعي يتجلى في تحديد المشروعات التربوية ذات الأولوية الاستراتيجية من خلال وضع المعايير الوطنية للمناهج الدراسية التي تهدف إلى تنمية الموارد البشرية ومهارات التعلم الذاتي لدى المتعلمين ومراعاة حاجات المتعلم ومتطلبات نموه وربط المناهج بالحياة , وتمكين المتعلم من التعامل مع التقنيات الحديثة والإفادة منها وتمكين المتعلم من مهارات البحث والاستقصاء واستخدام مصادر المعرفة بأنواعه، وأيضا تطوير التعليم المهني والتقني تأمينا لعمالة مدربة مهنيا وتقنيا وترسيخا لمبدأ الجودة والحصول على خريجين مؤهلين لتلبية احتياجات سوق العمل .
تطبيق مشروع التلمذة الصناعية:
وأضاف المحاضر إن مادة التربية المهنية بما تتضمنه من مفاهيم ومهارات مهنية أدخلت ضمن مناهج صفوف الحلقة الأولى من التعليم الاساسي وتم الشروع بإدخال هذه المادة في صفوف الحلقة الثانية من التعليم الأساسي ، وصدر المرسوم 39 لعام 2001 القاضي بتنظيم العملية الإنتاجية في المدارس المهنية والمعاهد التقنية وتحويل المعاهد المتو،سطة الى مراكز إنتاجية وسمح بترخيص مراكز التدريب المهني الخاصة بموجب القانون 33 لعام 2003 وأحدثت كليتان للهندسة التقنية في جامعتي حلب وتشرين تستوعب كل منهما نصف طلابها من حاملي الشهادة الثانوية المهنية ، وتم حصر المهن والاختصاصات القائمة والمطلوبة وتحليلها وتوصيف مهارات الخريجين فألغيت مهن وطورت أخرى وأحدثت مهن جديدة ووضعت مناهجها وتوافرت المخابر والتجهيزات ، وبدأت وزارة التربية بتطبيق مشروع التلمذة الصناعية بالتعاون مع قطاع الأعمال في عدد من المحافظات وسوف يتم التوسع به ليشمل تدريجيا جميع المحافظات التي تتوافر فيها مستلزمات التنفيذ.
الاهتمام بالطفولة المبكرة :
كما أشار إلى أنه يجري العمل بشكل حثيث لتعميق التأهيل التربوي للمعلمين من اجل إحلال المعلم المجاز جامعيا والمؤهل تربويا محل المعلم الحاصل على شهادة أهلية التعليم وتنظيم الموسسات التعليمية الخاصة ، والاهتمام بالطفولة المبكرة من خلال مشروع رياض الأطفال (تهيئة للطفل لتكيف مدرسي أفضل ) وإطلاق القناة الفضائية التعليمية ومعالجة حالات التسرب (خمس مدارس داخلية لأبناء البادية) تعميقا للترابط التربوي والاجتماعي بين المدرسة والمجتمع البدوي وإحداث وافتتاح المؤسسة العامة للطباعة تأمينا للكتاب المدرسي بطباعة جيدة وفي الوقت المحدد ، والمركز الوطني للمتميزين تأهيلا لعناصر تمتلك قدرات إبداعية وابتكارية ودمج التكنولوجيا في بالتعليم واستثمار تقانات المعلوماتية في التعليم والمجمعات الإدارية التربوية لتخفيف الأعباء عن مديريات التربية وسهولة انجاز قضايا المواطنين والإشراف الميداني على العملية التربوية وتمهين التعليم من خلال ايجاد نظام لتوصيف المهن التعليمية وتصنيف المؤسسات التعليمية وتقويم أداء الاطر التربوية وانتقائها وفق معايير الاختيار المهني وتطوير نظام الامتحانات وتطوير أنماط البناء المدرسي وإحداث وظيفة المرشد النفسي التربوي في الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الاساسي والمرحلة الثانوية ، ووظيفة المرشد الاجتماعي في الحلقة الأولى مرحلة التعليم الأساسي .