تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في الصداقة والقرابة والمصلحة العامة

معاً على الطريق
الثلاثاء 26-1-2010م
د. أحمد برقاوي

حين كنت رئيساً لقسم الفلسفة ، في كلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة دمشق . قمتُ - وأنا فخور بذلك - بإنجازات عدة .

طلبت تسعة معيدين في اختصاصات فلسفية دقيقة وجرى تعيينهم وهم الآن يتابعون دراساتهم العليا في دول أوروبا أو في القسم نفسه.‏

توسعتُ- بقرار من القسم - في عدد دبلومات الدراسات العليا فصارت أربعة بدل واحد.‏

كنت على مسافة واحدة من جميع الأساتذة محافظاً على حقوقهم . وفوق هذا وذاك لم تؤثر أي علاقة صداقة على إدارتي .‏

جاءني مرة صديق وزميل لي في القسم وقال لي بنوع من الثقة المطلقة . نريد أن نعين زوجتي قائمة بالأعمال في القسم . فأجبته: جئت إلى هذا القسم وفيه الآن ثلاثة قائمين بالأعمال ولا عمل لهم إطلاقاً . وإذا ما وافقت على تعيين زوجتك قائمة بالأعمال في القسم أكون قد مارست الفساد بأجلى صوره .وبالتالي لامجال لتعيينها إطلاقاً.‏

هو ظن أن الصداقة كافية لحملي على الموافقة على مايريد وكأن الصداقة تبيح للإنسان أن يطيح بالمصلحة العامة.‏

وبعد انتهاء مدة رئاستي للقسم تعينت زوجة صديقي قائمة بالأعمال.‏

أوردت هذه الحادثة التي قد تغضب بعض أصدقائي في القسم لأقول أمراً مهماً.. منطق المؤسسة لايقوم على منطق الصداقة والقرابة إطلاقاً.‏

وبعض الأصدقاء أو الأقرباء يتكدر خاطرهم إن أنت رفضت مايطلبون لأن مايطلبونه مخالف لقيم المؤسسة.‏

متى يفهم الناس، في بلاد العرب ،أن المؤسسات لاتبنى على أساسٍ واحد من العلاقات الخاصة.‏

وهذا خطاب موجه إلى الجميع . سواء كان في موقع المسؤولية أم خارج موقع المسؤولية .‏

لأن الذي يحصل هو إما أنك تغضب الأقرباء إن أنت حدثتهم بالقانون ، أو أنك تخترق القانون من أجل الأقرباء ، وفي الحالتين أنت مذموم.‏

ومع احترامي لعلاقات القرابة والصداقة فإنها لاتصلح أساساً لبناء مؤسسة المصلحة العامة.أوحتى لبناء مؤسسة اقتصادية أو ثقافية خاصة بفرد أو بمجموعة أفراد ، والمتأمل بالمؤسسات الخاصة سيجد أنها تجهد للحصول على أهم الكوادر والاختصاصات ومعيارها موضوعي في نتقاء العاملين فيها .مع أن صاحب المؤسسة الخاصة قادر دون عناء أن يختار انطلاقاً من القرابة والصداقة.‏

لكنه لم يفعل لأن مصلحته فوق هذه العلاقات فما بالك بمؤسسات كبرى شغلها الشاغل هو المصلحة العامة.‏

وهناك أمر أخطر في هذا الشأن يشار إليه عادة «بالتنفيعة» ، والتنفيعة هي أن تقدم شخصاً تربطه بك علاقة قرابة أو صداقة لشغل عملٍ ما وهو غير جدير بهذا العمل من أجل أن تقدم له نفعاً مادياً.‏

كأن ترسل شخصاً لشغل مدير مركز ثقافي في عواصم أوروبية أو عربية وهو لايملك عقلاً يغضب الشيطان ولا وجهاً يرضي الرحمن كما يقول المثل الشامي- الفلسطيني وهذا أمر كارثي أو أن ترسل شخصاً للعمل في سفارة ما ، أو ترشح شخصاً لمنصب يدر راتباً عالياً وكل ذلك يتم باسم«التنفيعة».‏

ولعمري أن التنفيعة أمر مدمر جداً للمؤسسة أي مؤسسة . لأن من حصل على منصب عن طريق التنفيعة قد يرتقي إلى مناصب أعلى وهكذا.‏

يجب أن تكون المعايير موضوعية وأهم هذه المعايير الكفاءة بكل أنواعها.‏

تعليقات الزوار

عماد عامر |  e_amer@hotmail.com | 26/01/2010 09:42

أستاذنا العزيز .. وأقول أستاذي لأنك فعلاً أستاذي الجامعي .. منذ أكثرمن 25 سنة مرت .. وتبقى مثلاً ومعياراً علمياً وقيمياً .. والمعاير الحقيقية قيمة حضارية تطورية .. ومن يؤمن بها من الأفراد أو المؤسسات فهم في طريق التطور والتقدم والتنمية .. ومفهوم المعايير وتوصيفها وإعتمادها وثقافتها قضية علمية وواقعية وتنموية .. وتحتاج الى التعميم وخاصة في العمل المؤسسي الاداري والخدمي والانتاجي .. وهذا مانفتقر اليه في الكثير من القطاعات مما يعود علينا جميعاً وعلى مؤسساتنا والوطن بالتراجع والخيبة .. ولهذا متى نعتمد ونطبق المعايير في تخطيطنا وتنظيمنا وتنفيذنا .. وخياراتنا وخاصة المؤسسية .. ومتى نضع أسس لهذه المعايير والتي هي أساسها التخصص والكفاءة كمتلازمة .. وتكافؤ الفرص والعدالة من جهة أخرى .. ونحن مثلك يا أستاذنا العزيز نريد المعايير الموضوعية وليست الموضوعة .. والتي تخدم الجميع وتعود بإيجابياتها على الوطن بأفراده ومؤسساته ..

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية