تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الصولجان والقلم .. رؤساء في عالم الإبداع

ثقافة
الثلاثاء 26-1-2010
ترجمة: مها محفوض محمد

بمناسبة ترجمة الأعمال الشعرية للرئيس الأسبق جيمي كارتر إلى الفرنسية تمت مراجعة وإعادة ترتيب من هم الرؤساء الكتاب؟ سنيغور، ديغول، ميتيران، أوباما.

ماذا أصابهم؟ يريدون جميعاً أن يصبحوا كتاباً ويتمنون أن نلقبهم أدباء هل هو هوس أو مرض شائع لدى قادة فرنسا وكأنهم لا يستطيعون تبوء مناصبهم دون أن تنشر لهم أعمالاً مهمة سواء كتبها الرئيس بنفسه أم كتبها أحد له.‏

مع أن الكتابة قد تعرضهم للسخرية التي تقضي عليهم لأن قلة منهم من يملك الحس الأدبي وقد تتباين الأحكام فلدى القراءة أكثر من مرة هناك من يفضل كتابات الرئيس شارل ديغول على كتابات فرانسوا ميتيران فما بالنا برؤساء الدول الآخرين؟‏

ليوبولد سيدار سنيغور من الأدب إلى الرئاسة:‏

الرئيس الأول للسنغال وأكثر المتحمسين والمنافحين عن اختلاط الثقافات، سينغور دون شك هو الرئيس الوحيد الذي قدم من الشعر إلى الرئاسة فهو أستاذ في علم القواعد كالرئيس بومبيدو وقد اختار الفرنسية كلغة أصلية له يقول: «أكتب بالفرنسية لأنها اللغة القادرة على ترويض ثروة جذوري».‏

تم انتخابه عضواً في الأكاديمية الفرنسية عام 1983 واليوم يحل مكانه جيسكار ديستان في المقعد رقم 16 مع أن جيسكار لا يرث ذرة من موهبة سينغور الأدبية.‏

لقد شكل الشاعر سينغور مع سيزير (السياسي والشاعر الأول في معركة تحرير الزنوج) شكلا المدافع الأكبر عن الزنوجة يقول: «زنوجتي أبداً ليست خنوع العرق لكنها شمس الروح زنوجتي رؤية وحياة زنوجتي مدية في يدي ورمح في قبضتي».‏

فرانسوا ميتيران: الأكثر موهبة‏

لا أحد يستطيع أن ينكر أنه من بين جميع رؤساء فرنسا الحديثة فرانسوا ميتيران الأكثر موهبة في الأدب والأكثر صداقة مع الكتاب من مارغريت دوراس إلى فرانسواز ساغان ومن وليم ستيرون إلى بول غيمار ومن ايلي ويزل إلى غابرييل غارسيا ماركيز الذي يشيد بالرئيس الاشتراكي ميتيران يقول ماركيز عنه: «يبدو لي الرئيس ميتيران في رؤيته للعالم شخصاً متقداً بحمى الأدب بدلاً من أن تكون رؤيته رؤية رجل سياسة» له أكثر من عشرين كتاباً ناهيك عن رسائله.‏

ستبقى كتاباته خالدة لأن فيها موهبة رغم الشعور لدى قراءتها بشيء من التعالي لكن التألق والذكاء يولد الاحساس بمتعة أدبية ويجعلنا نستغرق ثانية في مذكراته «الثلاثاء 24 أيار 1977» ومن بعض ما جاء فيها: «عام بعد عام وتتردد الاشاعات في صالات التحرير وفي عشاءات باريس الفخمة وتتضخم لتصل إلى الريف الباريسي وتصبح حقيقية.‏

باراك أوباما: أكثر الرؤساء إبداعاً‏

«أنا ابن رجل أسود من أصل كيني ومن أم بيضاء من كنساس عندي إخوة وأخوات وبنات أخوات وأولاد أعمام وأخوال من جميع الأعراق ومن كل الألوان موزعون على قارات ثلاث ولو عشت عمراً مديداً فلن أنسى أبداً بأن قصتي هي قصة عجيبة لا يمكن تصورها في بلد آخر من العالم».‏

هذا من كتابه «التغيير» وفيه يتحدث عن الأصول وتعقيداتها.‏

أوباما دون شك هو أكثر من يكتب أدباً بين الرؤساء ويثني على أعماله زملاؤه الكتّاب أمثال توني موريسون وجوناثان فوير ويمدحون قدرته على التحليل والتأمل والتعبير.‏

جيمي كارتر: شاعر بعد الرئاسة‏

يقول جان مينياك مترجم أعماله الشعرية إلى الفرنسية: «عند كارتر شيء من هيزيود» الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة المنتخب عام 1976 لم تتحدث الصحافة كثيراً عن كتاباته أثناء رئاسته كما تحدثت عن اتفاقات كامب ديفيد التي كان أحد صناعه مع شغفه المفرط (بحسب رسامي الكاريكاتير) بزبدة الفستق السوداني والأرض جعله يذكرها ويثني عليها في. مذكراته، يقول: «الانطباع الراسخ في ذاكرتي من الطفولة في المزرعة هو كل ما يتعلق بالأرض، كانت هناك ألفة بيني وبينها كنت أغوص في الرمل، في التربة الحمراء وهذه الألفة تبدو لي طبيعة وخالدة ، وبعكس الرئيس ميتيران أوسينغور كارتر أصبح شاعراً بعد انتهائه من عمله السياسي إذ أخذ يكتب الشعر البسيط والرثاء ولا تلحظ الثوروية في شعره. متأثر بالعهد القديم ما يعرف عن كارتر تواضعه واهتمامه بالآخر وهذا ما يميزه قطعاً عن جميع الرؤساء المدعين والمقتنعين بأنهم يتحدرون من فولتير وسان سيمون.‏

شارل ديغول: أسلوب جاف وصارم‏

أما بالنسبة للجنرال ديغول فعلينا أن نمتلك قلب الجندي وروحه كي ننجح باجتياز كتاباته عندما نقرأ على انفراد (مذكرات الحرب)ولاشك طبعاً بأهميتها وقيمتها كشاهد على العصر لكن الأسلوب جاف ممل، أسلوب عسكري كجندي يبحث عن العدو وهو في طور الحراسة.‏

استعارات صلبة وكأنها قادمة من حملات نابليون. لكن نرى فرنسا وكأنها تتكلم من خلاله.‏

جاك شيراك: لا يسأل كثيراً عن الأمر.‏

عناوين كتبه «خطابات من أجل فرنسا»، «نعم لأوروبا»، «فرنسا جديدة»، تدل على أن الرئيس السابق يريد تماماً الدفاع عن مواقفه ويعبر عن أفكاره لكن هل شيراك كاتب؟‏

هو ذاته لم يدّع ذلك حتى ولو أنه تلقى في العام 2001 ميدالية بوشكين. التي تمنح لأصحاب الأقلام‏

كما أنه يستشهد بأقوال غوته في مقدمة الجزء الأول من مذكراته حين يقول مثلاً: «كل خطوة يجب أن تكون هدفاً» لكن يبدو أنه لا بوشكين ولا غوته له أن يلهم شيراك أو يوحي له.‏

فاليري جيسكار ديستان: ماذا تريدونه أن يفعل عندما يشعر بالضجر؟‏

مؤلف «السلطة والحياة» و «الديمقراطية الفرنسية» عليه الآن أن يظهر من جديد أمام زملائه أعضاء المجمع العلمي الفرنسي فبعد خمسة عشر عاماً على صدور روايته الغرامية الأولى «العبور» أصدر جيسكار في الأشهر الماضية روايته «الرئيس والأميرة» وتدور حول علاقات مفترضة لرئيس دولة فرنسية وأميرة بريطانية.‏

الأصدقاء الانكليز استقبلوا الكتاب بشيء من الدعابة أما القراء الفرنسيون فبكثير من الارتياب وقد أراد جيسكار نشر الكتاب باسم مستعار غير أن أصحاب دور النشر منعوه من ارتكاب غلطة كهذه.‏

أما الرئيس ساركوزي فيأتي ترتيبه في النسق الأخير من الصف.‏

ساركوزي لا يحب الأدب الكلاسيكي وهذا ليس من صالحه ولم يسبق لنا أن رأينا رئيساً مثله يبدي ازدراء تجاه العمالقة والمثقفين. يضاف إلى ذلك أسلوبه البائس ليقترب أحياناً من لغة غير مفهومة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية