اللعبة
ملحق ثقافي 19/1/2010 قصة: وجدان أبو محمود: أحسّ نور الدين الموظّف الصغير في الوزارة أنّه ضحيّة مكيدةٍ دنيئةٍ،
وأنه لن يخرج هذه المرّة من مأزقه سالماً، فالقضية بدت أكبر بكثيرٍ من دهائه الذي يفاخر به، إذ أنّ الأمور ما لبثت أن تعدّت حدود الخسائر البسيطة و تصفية الحسابات لتصل في النهاية للملك شخصيّاً،
دعك وجهه بكفّيه، ونظر بارتباكٍ للملك الواقف أمامه تماماً كما لو أنه يسأل بعينيه عن تفسيرٍ، حبس أنفاسه، وجمع قواه من جديدٍ علّه يستوعب أكثر خطورة موقفه، فمنذ أن قُتل الوزير أمام ناظريه ووضعه يتدهور و يزداد سوءاً، بدأ العرق ينزّ من جبينه العريض، ويسيل ساخناً على حواف وجهه العابس، وبينما هو ينتظر بتوتّرٍ مصيره شاهد شفتي الأستاذ فريد ترسمان بإيجازٍ ابتسامةً لئيمةً، ودّ لحظتها أن يلكمه بقبضته على وجهه فيكسّر له أسنانه إلاّ أنّه اكتفى بأن يهمهم بصوتٍ مخنوقٍ: لن أمكّنك منّي، ظلّ الأستاذ فريد صامتاً وكأنّه لم يسمع، ثمّ شرد يفكّر كمن يخطّط لشيءٍ ما، أدرك نور الدين عندها أنّ نهايته قريبةٌ جدّاً، تذكّر تهديدات الأستاذ فريد له من قبل أن يصبح رئيس قسمٍ في الوزارة ذاتها بالانتقام لهزائمه القديمة، تفجّر الغيظ في عروقه و شعر بالندم لأنه لم يأخذ حذره منه كما ينبغي، فمثله يتمسكن حتى يتمكّن، نظر للملك ثانيةً برجاءٍ ضارعٍ، وسلّم أمره لله، وفجأةً همس الأستاذ فريد وهو يرقّص حاجبيه: ألم أقل لك ستندم!، تفجّر الغيظ في عروق نور الدين، فقرّر ألاّ يستسلم حتى ولو كلّفه ذلك أن يخسر كلّ شيءٍ دفعةً واحدةً، تملّى للمرّة الأخيرة في الملك المحايد، وجده مجرّد ملكٍ لا أكثر ولا أقلّ، ملكٌ يشبه أيّ ملكٍ، يصير ساعة يبقى وحده هشّاً جدّاً، تخلّص من مخاوفه، وأمسك به بغتةً، ثبّته في مكانه بضع ثوانٍ، ثم دفعه للأمام بحركةٍ هجوميّةٍ، انتفض الأستاذ فريد منتشياً وصاح على الفور: أوقعت نفسك، أمسك فيله و أنزله بقوّةٍ فوق المربّع الأسود، صفّق بعد ذلك منتصراً وهو يهتف: كش مات... الكنافة عليك.
|