لكن سكان مشروع دمر بدلوا هذه المقولة باستثمار مجمع دمر الثقافي الذي في أحضانهم والذي أوعزت لهم به وزارة الثقافة , فآلوا على أنفسهم الاعتراف بوجود ثقافة شعبية وحس فردي عالي المستوى بقرار مفاده - تحدي التكنولوجيا والتحكم بالثقافة الشعبية بتوجيهها وتحويلها إلى عامل بناء بدلا من أن تكون عامل هدم – ولهذا الهدف مأسسوا المجمع «مجمع دمر» ليسهل عليهم التعامل مع الأفراد من خلال مجموعة أنشطة متنوعة ثقافية واجتماعية وفكرية وبأشكال عديدة تنهك السلبيات وتستهلك القوى الحائرة وتترك للقوى الإيجابية عجلة القيادة.وأهم ما فيه ملامستهم لموضوع الأطفال الذين تجاهلتهم النخبة ليكبروا ويكبروا دون نظرة رحمة أو عطف ثقافية مع بداهة أن الأطفال هم نواة الجيل والمجتمع.
ولشدّ ما أعجبت بهذا النشاط وعائداته على كافة أفراد أسرتي لذلك قررت التحدث عنه باستفاضة وفخر.
بداية التقيت مع د. عبد العزيز علون الناقد والباحث في تاريخ الفن بوصفه متحمسا لهذه الفكرة وهو المتفاعل دائما مع الأنشطة الثقافية البناءة وقد سجلت له الأعوام السابقة أعمالا متميزة وملفتة خاصة على صعيد الفن التشكيلي.
خطط طموحة
يقول د. عبد العزيز علّون:
« وزارة الثقافة طرحت الفكرة علينا فتحمسنا لها وتطوعنا وشاركنا».
المجمع الثقافي في دمر هو فكرة ثقافية جديدة دخلت بلدنا حديثا , تعتمد ربط الثقافة بالمواطن «عكس المراكز الثقافية التي تدعو الناس إليها».
وفي المجمع هنا مجموعة من الغرف والفراغات ودور العرض جاهزة لاستقبال أي نشاط من خارج الحي أو من الحي نفسه لعرضه على المواطنين , وطبعا الفكرة التي وضعتها وزارة الثقافة للمشروع طموحة جدا , وهي عملية تنفيذ نشاطات موسيقية, ومسرحية وفنون جميلة , وتمثيل, و ورشات عمل, والحقيقة يفترض أن ينتج عنه أمور عظيمة , وأهم شيء فيه, أنه نزل بالسوية لنشاطات الأطفال, لأن الثقافة ليست شيئاً مشتركاً بين الكبار فقط , ونحن عندما نحرم الأطفال من توجيه فكرة النشاط لهم , تكون خسائرنا فادحة , لأن الثقافة المفروض أن تبدأ بهم , وهذا المجمع يقدم على خطط طموحة تهدف إلى تعليم الطفل عادة المطالعة والتعود عليها , بالإضافة لإقحامه في ورشات العمل , مثلا هناك مشروع - يوم لتعليم القراءة الصوتية المسرحية , ويوم للفنون الجميلة كأن يدخل نحات يعلمهم النحت , ومصور لتعليم التصوير, فيدخل إلى مفاهيم الطفل عندما يكون أمام لوحة كيف يبدأ منها وكيف ينتهي.
وأنا أرى أن هذا المشروع الذي وضعته وزارة الثقافة في الوقت الحاضر هو من أهم النشاطات وهي أمنية أن ينتقل إلى كافة محافظات القطر بأن يكون فيها مشاريع مماثلة تربط بين المواطن وبين طموحات بلدنا الثقافية. الخطة التي وضعت للفنون الجميلة مثلا: الفنانون الذين يقيمون في الحي هم أسماء كبيرة , وعددهم كبير , وهذا من محاسن الصدف , فمنهم أساتذة في كلية الفنون , ومنهم من يهتم بالكتابة وغيرها , في هذا المشروع ستكون الفرص متاحة لتعرف أهل الحي على فنانين يعشون معهم , يشاهدون أعمالهم كل حين , وهذا لا يكلف سوى نقل العمل من بيت الفنان إلى صالة العرض , في هذه الحالة الفنان يكسب فرص بيع لجيرانه , وهذا أيضا سيتغلب على فتور العلاقات الاجتماعية بين الناس مثل جميع أحياء سورية.
تغيير فكرة المراكز الثقافية
الثقافة آخذة الطابع الشعبي الموجه للناس ونحن دخلنا على هذا الأسلوب التثقيفي وسمي مجمعاً لأنه يهدف إلى عدة أغراض. مثل خلق رابطة اجتماعية على مستوى هذا الحي الكبير والضخم , وهذا مهم جدا.
في الحقيقة هذا النشاط لم يكن موجودا في بلدنا لكنه موجود في العالم.وهذا المشروع غير فكرة النشاطات الثقافية التي عودتنا عليها المراكز الثقافية , والتي وجهت نشاطاتها لكل الناس , وبنفس الوقت ليس لأحد ! بمعنى أنه من المؤسف أن تكون هناك مثلا محاضرة في مكتبة الأسد والحضور لا يتجاوز العشرة أشخاص مثلا !!.
إضافة إلى ذلك هنا سيتمكن الطفل , وحتى الكبير أيضا من تحقيق هواياته في المستقبل , سيعلم الشخص شيئا عن الفلم الوثائقي , وهذا له حيز ضمن نشاطات المجمع ,وسيبدؤون هنا بمجموعة وثائقية من إعدادي , عن الفنانين التشكيليين ,وكل فلم مدته 22 دقيقة , وسيعقبه تعليق للمعد والمخرج والفنان , لشرح طريقة العمل يعني الفلم يكون وثيقة, ودرساً تعليمياً , لفائدة المشاهد , وسنجد أيضا نزار غازي بإعداداته الوثائقية أيضا ومنها الفلم الجميل الذي ركبه عن بيكاسو مثلا.
أيضا هناك محاضرات ستلقى أسبوعيا وكان لي ملاحظات , إذ أنني لا أريدها تقليدية معلبة , بل فيها تواصل مع الناس ليكون فيها فرصة لتقديم معلومات إضافية حول موضوع ما , حقيقة أنا متحمس لما طرح في هذا المشروع لأنه بتقديري ستكون الفائدة الكبرى لجيل الشباب والصغار معا وسيكون هناك أخصائيون في مختلف المجالات .وبذلك نقدم مساعدة لهذا الجيل لاختيار خطوات إيجابية باتجاه المستقبل ووزارة الثقافة هي السبب في الموضوع.
أيضا ستقام أماسي وأيام لمشاغل وأنا مع هذه الفكرة يعني محترف نحت وآخر تصويري وغيره تجليد كتاب أو طباعة والحضور لمختلف الأعمار لذلك اسمحي لي إن كنت قد بالغت في الموضوع لأنه فعلا موجود بالعالم وينقصنا.
مشروع المستقبل..قد بدأ
هكذا يبدأ فتح باب النشاط الثقافي على مستويات مختلفة واختصاصات مختلفة لإعداد فنان المستقبل وأديب ومسرحي المستقبل وهذه العملية أنا برأيي كبيرة جدا والمجمع يحتاج إلى خبرات أكثر ونحتاج للاستفادة من خبرات الدول الأخرى وأنا مع الخبرة الدولية في هذا الموضوع لأنها سبقتنا إليه.
النشاطات الثقافية لاتصنعها الدولة ولا يقع على عاتقها يفترض أن يقوم المواطنين بجهد أولي بتعاون بسيط ممكن يكون مادياً يغطي النشاطات ونصف ليرة سورية لا تقدم ولا تؤخر لأننا أمام حي فيه عدد سكاني هائل.
وهذا المشروع معتمد على تبرع المواطن سواء بالمادة أو بالمشاركة أنا أراه مشروع المستقبل وقد بدأ ويجب أن يستمر.
ترحيب بالأفكار الجديدة
المجمع تابع لوزارة الثقافة , وهو عبارة عن ثلاثة كتل متحف الفنون , وآخر سينما ثلاثية الأبعاد , والكتلة الثالثة هي التي نحن فيها الآن , يعني كل فعاليات وزارة الثقافة تصب في هذا المجمع , في عام 2008 كان تابعا للأمانة العامة للاحتفالية واليوم أردنا تفعيله , فهو مساحة كبيرة يمكن استثماره في نشاطات ثقافية متنوعة بالتعاون مع الجهات المعنية بشكل رسمي, مثل مديرية الفنون الجميلة , والمسارح والموسيقى والمعهد العالي للموسيقى أيضا الأمانة السورية للتنمية وغيره , المسرح المكشوف لدينا مجهز بشكل كامل ويتسع لأكثر من 2500 شخص , وأيضا ستقام فيه حفلات موسيقية ورقص وباليه.
لدينا مكتبة «صندوق الدنيا» وهي قسم للأطفال وآخر لليافعين , وبالنسبة للأطفال لدينا ضمن المكتبة مسرح عرائس, ومرسم , التعليم هنا يقوم على فكرة التطوع ,وفيما يخص المطالعة فنحن نجمع كل عشرة أطفال , وتقوم سيدة بالقراءة لهم بالعربي ولغات أخرى , ولدينا ورشة عمل ونادٍ للرسم ستبدأ مع بداية العطلة «الإنتصافية» وسيقام لهم معرض فني في شهر شباط ترافقه أمسية موسيقية ,بالنسبة لمكتبة اليافعين يسمح لهم باستعارة الكتب وهي من مطبوعات الهيئة العامة للكتاب , إضافة لنتاج الاحتفالية وبعض دور النشر , سيكون لدينا ملتقى الشعر وقصص من إنتاج الأطفال بعد التدريب وسنطبع لهم كتباً لمؤلفاتهم على حساب الوزارة.
نحن نستقبل الأفكار الجديدة دائما.
في شهر شباط لدينا معرض لفنانين من سكان الشام الجديدة وهم مندفعون للفكرة وسيكون كل شهر لدينا معرض على مدار 2010 بالإضافة لأفلام ومسرحيات ونادي استماع موسيقي كل يوم اثنين , نستقبل كل الفرق النظامية والخاصة , لدينا برنامج جميل عنوانه الرأي والرأي الآخر , حاليا نقوم بترتيب برنامجنا ليأخذ شكلاً معيناً ويكون في متناول الجميع , نحن نستفيد من خبرات هامة مثل د.عبد العزيز علون وياسر المالح وسليمان العيسى الذي وعدنا بجميع مؤلفاته ليزود بها المكتبة
في الحقيقة معارض مهمة وأسماء مهمة ونشاطات مهمة , ولم ننس ذوي الاحتياجات الخاصة وتدريبهم والاهتمام بهم , من خلال مساحة توفر لهم مستلزماتهم.
القدس في عيونهم كانت تجربة جميلة اقيمت هنا بالتعاون مع الآرت هاوس ضمت 22 فناناً من مختلف الدول وهم فنانون كبار ومهمون.