تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اضحك مع شكسبير

ملحق ثقافي
19/1/2010
غازي حسين العلي

منذ سنوات كنا نتداول على سبيل الدعابة، طرفة تقول بأن الكاتب المسرحي الإنكليزي وليم شكسبير

الذي عاش في القرن الخامس عشر هو من أصل عربي ويدعى «الشيخ إسبر»، ولم نكن نتوقع حينها أن هذه الطرفة ستتحول في يوم من الأيام إلى حقيقة على يد الناقد السوري كمال أبو ديب، الذي أصدر مؤخراً كتاباً بعنوان «سونيتات أو تواشيح وليم شكسبير» يؤكد فيه أن شكسبير سوري الأصل، وأنه من قرية صغيرة مجاورة لمدينة صافيتا، وأن اسمه الحقيقي هو «الشيخ زبير» وليس «الشيخ إسبر»، كما كنا نطلق عليه على سبيل الدعابة!‏‏

وبغض النظر عن توقيت إصدار هذا الكتاب والهدف الذي يرمي إليه المؤلف، فإنني أعتقد أن مثل هذا الكلام لن يلقى الصدى الذي أراده كاتبه، وأنه سيتحول أيضاً إلى مجرد دعابة أو زوبعة في فنجان على أبعد تقدير، وأن تلك المعلومات التي جاء بها مهما كانت قوية الحجة، لن تفيد الثقافة العربية بشيء والسورية على وجه الخصوص، لاسيما أن الكثير من الأقاويل والشائعات لحقت بشكسبير، ومنها على سبيل المثال أنه ليس هو كاتب المسرحيات التي ظهرت باسمه، وأن ثمة دوقاً أو أميراً –على ما أذكر- هو من كتبها، وأن هذا الدوق أو الأمير تخفّى مع أفكاره وطروحاته وراء اسم صعلوك كان يهوى التمثيل ويظهر على خشبات المسرح، الذي كان شائعاً ومزدهراً في تلك الأيام.‏‏

ماذا يهمنا إن كان شكسبير عربياً أو إنكليزياً طالما أنه كتب عن مجتمع إنكلترا القرن الخامس عشر وبلغته، وأنه كان المعبر عن ذلك المجتمع سياسياً واجتماعياً، وهذا يعني أنه ينتمي إلى ذلك المجتمع جسداً وثقافة وروحاً، ولنا من ذلك في الثقافة العربية وعلى مدى قرون أمثلة كثيرة تجلت في عدد كبير من الأسماء المبدعة التي أثرت الثقافة العربية ولم تكن من أصل عربي، ولكنها كانت ابنة الثقافة العربية لغة و روحاً وجسداً ، فقدمت أعمالاً جليلة ما تزال حتى الآن تنتمي إلى الثقافة العربية وتعتبر من عيون الأدب والفكر فيه،وهذا يعني أيضاً أن المبدع يعبر فيما ينجزه من خلال الثقافة الحاضنة له والتي ترعرع فيها ونشأ عليها وتحدث بلغتها وفكّر من خلالها، وهذا ما يجعل نتاج هؤلاء ينتمي إلى هذه الثقافة، عربية كانت أم غير عربية، ومهما كان أصلهم أو فصلهم.‏‏

ما جاء به كمال أبو ديب لا يتعدى الإثارة الثقافية في أقصى حالاتها، و ليس هنالك ما يمنع من تداول اعتقاده هذا، فنقول الشيخ زبير بدلاً من الشيخ إسبر...‏‏

لكن ما نخشاه أن تفاجئنا ذات يوم إدارة المركز الثقافي بصافيتا بالإعلان عن إقامة مهرجان مسرحي باسم ابن بلدتهم البار المغترب وتحت عنوان عريض «مهرجان الشيخ زبير المسرحي» كما هو الحال هذه الأيام مع بعض المهرجانات المناطقية التي تحمل أسماء أبنائها المبدعين.‏

ghazialali@hotmail.com ‏‏

تعليقات الزوار

مغتربة سورية |  baraa_96@hotmail.com | 19/01/2010 12:24

استاذ غازي العلي كيف يمكن لك أن تنقل العدوى بخفة الظل الى بعض كتاب الثقافة المعاصرون وما يلحقونه بنا من ارتفاع بالضغط بسبب تعقيد وغلاظة التراكيب المستخدمة في مقالاتهم

الطائع الحداوي |  etaiflsh@gmail.com | 19/01/2010 21:37

العزيز حسين غازي تحية طيبة أريد أن أضيف إلى ما قلته عن شكسبير أن أحد الأساتذة في السلك الإعدادي عندنا في المغرب، وهو السلك الذي يتلو مباشرة المرحلة الابتدائية،كان ينشط مخيلتنا بأحاديث أدبية لانعرف نحن الأطفال مدى صحتها أو كذبها ولكن نعلم أنها مثيرة وصادرة عن أستاذنا الفاضل ومنها أن شكسبير هذا الذي يفتخر به الغرب،يقول معلمنا،هو من أصل عربي والدليل على ذلك أن اسمه الحقيقي هو الشيخ الكبير وليس شكسبير كما يحلو لهم أن يطلقوا عليه.وأنت تعلم في هذا السن الغض كم كنا نصدق مثل هذه الأقوال.نطلب الأجر الأوفى لكل من علمنا

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية