تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«زينـــــة الدنيـــــا»... زينــــة شاشـــــتنا المحليـــــة

فضائيات
الأربعاء 20-1-2010
جواد ديوب

يثير إعجابي مثلما يثير غضبي أن أشاهد في أحد البرامج التلفزيونية الأميركية وهو«Americans got talent» كيفية تشجيعهم لطفلة مشاركة بموهبة استثنائية في التمثيل،

تلك الطريقة المفعمة بالدهشة الممزوجة بكلام جميل يربّي في تلك الطفلة إحساسها بقيمتها عند نفسها و قيمتها أمام الملايين من متابعي البرنامج: «أنت فتاة مذهلة و تستحقين أن تقفي على الخشبة بكل جدارة...»، أو جملة من قبيل: «جدير بوالديك أن يفخرا بموهبتك و أن يفرحا بها»، بالإضافة إلى التصفيق الطويل و قيام أحد الراقصين الشباب من المشاركين في المسابقة بحملها على كتفه و الدوران بها ليخفف من دموع خسارتها و خروجها من البرنامج.‏

يثير غضبي لأنني أقع فوراً في مطب المقارنة مع أحوال أطفالنا ممن يملكون مواهب ساحرة و إمكانيات نادرة لكنها تُقتل بسبب الإهمال و التجاهل، ولكني أقول «مطب» المقارنة إذ أنها تحمل في جانبٍ منها ظلماً لوجهَي المقارنة أو المشابَهة لاختلاف البيئة و أنماط المجتمع و... إلخ، وفي نفس الوقت لاأقدِر أن أهادن و أدير وجهي عن ظلم أكبر يقع على الموهوبين الصغار (و غير الموهوبين أيضاً) بحرمانهم.‏

و تحت ثقل هذا التخويف، يتأتئ الطفل و ينكمش ليس فقط أمام أي لجنة فاحصة و في أي مسابقة للمواهب إن وجدت، إنما أمام الناس أيضاً، و في حياته اليومية، و تحديداً أمام كاميرا التلفزيون (عين الكاميرا هنا تصبح عيناً مراقِبة و تجسّداً لتمثيلات سلطوية تملك القوة و السيطرة على الطفل: عين الأب، عين الأم، عين الأستاذ و الآنسة في المدرسة)، الكاميرا التي تتحول بالنسبة للأطفال إلى وحش مخيف كما في خيالات قصصهم، يرتعدون أمامها كأفراخ وقعت في الماء، تزيغ عيونهم في الفراغ، يشردون، و يقعون خارج الكلام.‏

أتابع باهتمام و إعجاب مقدمَي برنامج الأطفال «زينة الدنيا» على التلفزيون السوري، الطفلين خالد المصري و ماجد عجلاني، و أهنئهما على جرأة لم يمتلكها العديد من مذيعينا و مذيعاتنا، و تلقائية أتمنى أن لا تجردهم منها تعقيدات العمل التلفزيوني و تشابكات الروتين مع ضغط التهميش والإلغاء التي قد تمارس عليهما.‏

أتابع، أستمتع بالمشاهدة، أتذكر طفولتي، و أضحك من قلبي على التماعات الذكاء الحاضر و روح الدعابة التي يتمتع بها الطفل خالد المصري حين يصر دوما على الحديث باللغة العربية الفصحى منتقداً بخفة و لباقة جميلة جداً زميله ماجد عجلاني- الذي لا يقل عنه طلاقةً و لباقةً و قدرة على تقبل الملاحظة و الأخذ بها- حين ينسى و يتكلم بلهجة عاميّة أثناء أدائه لفقرات البرنامج. كما أنه لا ينسى أن يُذكّر المتصلين الأطفال بوجوب التكلم باللغة العربية الفصحى، و محاولة تصحيح أخطائهم، بل و محاولة مساعدتهم على الإجابة و التحرر من الخجل. أشاهد، أستمتع، أضحك، و أتمنى لنفسي و لكل الأطفال الآخرين أن نمتلك طلاقة هذين المقدمَين في الكلام.‏

إنها بالتأكيد خطوة تحسب للقائمين على اختيار الطاقات البشرية الموجودة في التلفزيون السوري و تحسب لمعدّة البرنامج (ليندا وكّاع)، ولكن الرهان يكمن في الاستمرارية، و الاستمرارية هنا تعني أن يتحول هذان اليافعان إلى مثال لحالة خلق مستمرة لمبدعين آخرين، و أن يتم الوقوف إلى جانبهم بدعم حقيقي مادي و معنوي ليصنعا مستقبلاً مهنياً تصقله التجربة المتكررة و الجهد المثابر.‏

قد يبدو كلامي تنظيراً أو قد يبدو كلاماً يطالب بمثالية غير موجودة و مستحيلة ولكنني أذكر هنا كلاماً لمؤسس و مدير معهد المخترعين السوريين الدكتور نزار فريسان الذي أكد عبر سيرورة واعية من العمل و التواصل مع مخترعين شباب: «إن البيئة المناسبة و الجيدة هي التي تصنع المخترع و المبدع في أي مجال».‏

تعليقات الزوار

اسماعيل |  youcefismail20@gmail.com | 31/01/2010 22:41

تحية لهذين الطفلين البارعين في التقديم. احبكي يا سوريا العروبة.

فائق طلاع |  mulham20102010@hotmail.com | 03/02/2010 22:38

أنا صديق دائم لزينة الدنيا وأتمنى أن تحققوا لي طلباتي وهي أنتعيدوا الأغنية القديمة وشكرا

محمد سالم القاسمي |  aalkasmy112.112@hotmail.com | 14/09/2010 08:34

مقال جميل عن برنامج حميل لكن اود بكل احترام اعادة الطلب برعاية هذه المواهب الاعلامية البكر والاستفادة ما امكن من طاقاتها وتقديو الشكر مرة ثانية لمكتشفيها وارجو تعميم الفائدة في جوانب اخرى . تحياتي سيد جواد مرة ثانية مقال جميل عن برنامج جميل فأرض الشام في الكثير من ثمار الخير .. وتحياتي أبو أسامة القاسمي..........

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية