وتمثلت بتشكيل جمعية أصدقاء المركز التي تخصص جلستها الشهرية في الاثنين الأول من كل شهر لعدد من الشباب الواعدين في كتابة الأدب. مفسحة بذلك المجال للمواهب الشابة لإسماع أصواتهم الأدبية.
وعودة إلى الأمسية الشعرية، فقد استمعنا إلى ثلاث شاعرات، تلونت مشاربهن مقتربة أو مبتعدة عن ملامسة جوهر الشعر وأدواته. والبداية كانت مع عالية النعيمي التي أسمعتنا عدة مقطوعات، هي في الواقع نثر وليست شعرا. والمقطوعات رومانسية جميلة. لاتقل في لغتها النثرية عن جمالية الشعر. والنثر لايقل أهمية عن الشعر. فمن منا لايأخذه نثر جبران خليل جبران ومصطفى لطفي المنفلوطي ومصطفى صادق الرافعي مآخذ الإعجاب والانبهار. فلماذا يصر البعض على تسمية كتاباتهم شعراً وهو نثر أجمل من بعض الشعر. ثمة ملاحظة على إلقاء عالية. فقد كانت تتوقف في آخر الجمل على حركة الحرف الذي تقف عنده كقولها (أريد أن أعبر مرة من خلال ذاك الخلودِ)، وهذا أساء إلى جمالية إلقائها. فالعرب يقفون في نهاية الجملة على السكون. وفي نصوصها وقعت في بعض الأخطاء اللغوية الجوهرية. فقالت - على سبيل المثال - (وتصبح عيناي خضراوان)، والصحيح (خضراوين) لأنها خبر (أصبح) إحدى أخوات (كان)، وعليها أن تقوي قواعدها اللغوية.
هناء داوودي كانت ثانية المشاركات في الأمسية. وماقلناه عن عالية ينطبق على ماألقته هناء من حيث أنه نثر وليس شعراً. إضافة إلى أن اسلوب هناء تعيبه المباشرة والخطابة وخلوه من الصور الأدبية، فجاء أقرب إلى الخطبة أو المقال الصحفي منه إلى الملامح الأدبية.
بعد ذلك فاجأت أسيل الأزعط الحضور بثلاث قصائد عمودية شعرية جميلة. أظهرت فيها تمكنا من لغتها وأدواتها الشعرية، وبشكل خاص العمود الشعري. وسأتوقف عند قصيدتين فقط لما فيهما من صور شعرية جميلة. القصيدة الأولى (بلودان) التي تصف فيها أسيل الطبيعة الرائعة التي تشفي النفوس. لتختتم قصيدتها ببيت يعبر عن عشقها المستحكم في نفسها لبلودان حين تقول:
وليس لمن يعشق الحسن أن
يخالفه... إن نهى أو أمرْ
القصيد الثانية (عشق توالى) عن دمشق، جاءت مثل سابقتها مليئة بالصور الشعرية الجميلة التي ترسم بالكلمات لوحة بديعة عن دمشق بياسمينها وصفصافها وحاراتها وأمويها وآثارها. ولنقف عند صورة نهر بردى وهو يعبر غابات الحور والصفصاف في دمر:
يداعب الحورَ والصفصافَ في خجلٍ
وربما فاضَ بعد الغيث بالغضبِ
فهذا بردى يداعب الأشجار برقة، ولكن إذا زادت مياهه بعد شتاءٍ خيّرٍ تكون مداعبته قاسية.