تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


واشنطن وأتباعها ومحاولات النيل من حلفاء إيران في لبنان

عن: موندياليزاسيون
دراسات
الجمعة 13-12-2019
بقلم: إيليا ماجنيه. ترجمة: سراب الأسمر

منذ عدة أسابيع، خرجت أعداد كبيرة من الناس في الشوارع اللبنانية يهاجمون الزعماء السياسيين مشككين بإدارتهم ومتهمين إياهم عدم القيام بأي إصلاحات، ودفعت أميركا بالمحتجين إلى الشوارع للتضييق على الاقتصاد اللبناني،

كما منعت المغتربين من تحويل الأموال لأهاليهم في لبنان ظناً منها أنها من خلال زرع الفوضى في الدول التي يعمل فيها «محور المقاومة» ستتمكن من اخضاع إيران وحلفائها وبالتالي يمكن لأميركا إملاء شروطها وهيمنتها في الشرق الأوسط.‏

في لبنان، منذ بداية المظاهرات ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، نقصت الأدوية والمواد الاستهلاكية من السوق وتراجعت قيمة الليرة اللبنانية بنسبة ٤٠% مقارنة بالدولار الأميركي. وفقد العديد من اللبنانيين أعمالهم وتراجعت أجورهم إلى النصف. وشارفت البلاد على حرب أهلية حين أغلقت الأحزاب السياسية الموالية لأميركا الطرق الرئيسية.‏

لكن الأمر الذي جعلها تتجنب هذا الشكل من الحرب هو موقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أمر جميع أعضائه ومؤيديه بالعودة، فتعليماته كانت واضحة: «من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر» .‏

لقد فهم حزب الله خفايا الأمور: وهي دعوة لبدء حرب، والدليل أن الجيش اللبناني رفض فتح الطرقات الرئيسية لمدة شهر.‏

اليوم، تغير الوضع: الرئيس يستخدم الدستور فالرئيس عون استعاد ما كان قد فقده بعد اتفاق الطائف وذلك قبل أن يطلب من أحد أعضاء مجلس الوزراء - المرشح لمنصب رئاسة الوزارة - لتشكيل حكومة جديدة، لأنه يريد أن يتأكد من فعالية الحكومة وقبولها من جميع الأحزاب السياسية وأن يحظى هو بفرصة النجاح.‏

عون لن يقدم التفويض للمرشح الجديد سمير الخطيب، لأن سعد الحريري الذي هو نفسه عيّن الخطيب نراه يطلب منه الانسحاب بالفترة الأخيرة، وطلب من رؤساء الوزراء السابقين تعيينه هو شخصياً.‏

رغم كل ما حصل الأحزاب السياسية التقليدية ما تزال تحافظ على نفوذها، وبحال تشكلت حكومة جديدة لن تتمكن من رفع العقوبات الأميركية عن الاقتصاد الوطني، على العكس فالإدارة الأميركية ترغب في فرض المزيد من العقوبات على لبنان وعلى بعض شخصياته، وفق الوزير مايك بومبيو.‏

اليوم، وبسبب القيود المفروضة على عمليات السحب لا يمكن لأي مواطن لبناني التصرف بمدخراته، وهذه سيطرة حقيقية على رأس المال، حيث يمكن سحب مبالغ صغيرة بين ١٥٠ - ٣٠٠ دولار بالأسبوع، ولا يسمح بتحويل الأموال إلى الخارج باستثناء الرسوم الجامعية أو استيراد السلع الأساسية.‏

مع ذلك، حزب الله وهو الهدف الأساسي للاتفاق الأميركي- الإسرائيلي لم يتأثر مباشرة بالعقوبات الأميركية ولا حتى بالقيود المالية الحديثة.‏

في بداية الاحتجاجات كان وضع الرئيس عون وزعيم التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل محرجاً؛ لكن اليوم تقدما جيداً على معارضيهم السياسيين، أما بالنسبة لحزب الله فقد ظل صادقاً مع حلفائه ودعمهم.‏

سيشكل حزب الله جزءاً من الحكومة الجديدة وربما يشغل أحد أعضائه منصب وزير، إن وجود حزب الله في الحكومة الجديدة يزعج الإدارة الأميركية، لهذا يجب أن يبقى ويكون لديه وزير فيها.‏

يحظى حزب الله بدعم شعبي واسع، ويعاني فساد الحكومة اللبنانية، ورغم فقره إلا أن جمهور حزب الله يقف إلى جانب «محور المقاومة» لمواجهة العقوبات الأميركية والساعية لإخماده.‏

لم تنجح الإدارة الأميركية في بلوغ هدفها ولا حتى في موجة المطالب المشروعة للمتظاهرين الذين دفعتهم في الشوارع، ولم ولن تنجح في جرّ حزب الله إلى قتال الشوارع، لم تتمكن من نبذه ولا نبذ حلفائه الذين عقدوا العزم على أن يشكلوا جزءاً من الحكومة، لقد فشلت فعلاً في عزله لأن لبنان منفتح على سورية وعلى العالم عبر البحر. ورغم كل شيء طلب محور المقاومة من أصدقائه زراعة الأرض للحدّ من ارتفاع أسعار المواد الغذائية.‏

محور المقاومة منفتح أيضاً على روسيا وإيران، ويواصل حزب الله محاولة إقناع الأحزاب السياسية بتنوع الموارد والتوقف عن الاعتماد على الولايات المتحدة وأوروبا فقط...‏

الصين مستعدة لفتح بنك في لبنان، وكذلك لجمع وتدوير النفايات، وتأمين شبكة مياه شرب وبناء مولدات كهربائية فهي مستعدة لاستثمار ١٢،٥ مليار دولار في لبنان...‏

أبواب لبنان مفتوحة اليوم لبديل عن الولايات المتحدة، فكلما ضغطت أميركا على لبنان وشعبه اتجه لبنان نحو روسيا والصين.‏

خسر اللبنانيون كثيراً منذ بداية المظاهرات وبدؤوا يسعون للإفلات من القبضة الأميركية. على كل الأحوال تمكن المتظاهرون من تنبيه السياسيين إلى أن فسادهم لن يستمر طويلاً، ويمكن أن يوصلهم إلى العدالة. ومرة أخرى، عملاء الفوضى فشلوا، بينما استعاد محور المقاومة اليد العليا في لبنان.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية