هذا إن حالفها الحظ بحجز كرسي دون الاضطرار للوقوف ، و الانحشار وسط زحام خانق تشهده المواصلات العامة ، المتضرر الأكبر فيها ذوات الجنس الناعم ، فالازدحام قد يكون بيئة مساعدة لضعاف النفوس للتحرش ، و مضايقة الجالسات بالتعدي على المسافة الفاصلة ، فيلتصق بعضهم بمن تجاوره دون ترك مسافة احترام لخصوصية و حرمة جسد ، و يجعلها تنزوي و تقلص من جسدها حتى تكاد تتمنى الخروج من النافذة ، بينما الواقفات لسن بأحسن حال حيث تتزاحم الأجساد فوق بعضها في مشهد مستفز ، يدعو المشاهدين لإعلان نصرة النساء و استنهاض المروءة ، و استنفار أخلاق الركاب لترك مسافة بسيطة تبعث شيئا من الراحة .
مسافة ثقة .. مسافة احترام .. مسافة أمان ، تلك المطالب الضمنية التي تتمناها حواء لحمايتها من تحرش خفي تخشى البوح عنه ، و تلوذ بصمت خانق وسط حشود ركاب ، و التنقل بأمان في وسائل النقل العامة ، يكاد يكون هما يورقها إلى حد التوتر ، و بعثرة طاقتها قبل الوصول إلى عملها أو مكان دراستها .
«خليلي مسافة» عبارة مرفقة بصورة تنبه إلى آداب الجلوس في وسائل النقل العامة ، و إلتزام المسافة المخصصة دون التعدي على حرية الآخرين و احترام وجود النساء ، كانت تلك حملة تم إطلاقها في بعض سرافيس ريف دمشق ، لمحاربة التحرش في السرافيس ، عبارة على بساطتها كانت مبعثا للراحة النقسية لدى الكثيرات ، و أشبه برقيب خفي يدعو إلى رقابة ذاتية صارمة تحول دون انتهاك حرية المرأة و المساس بأمانها .