الأمر الذي تجلى منذ اليوم الأول لاحتلال الجولان من خلال نضال منظم وموقف وطني موحد في التصدي للاحتلال حيث استشهد العديد منهم خلال مقاومتهم وتصديهم لقواته، فيما اعتقل المئات منهم ليظلوا على موقفهم الرافض للخضوع للاحتلال وإجراءاته العنصرية.
وفي الذكرى الثامنة والثلاثين للقرار الصهيوني الباطل ضم الجولان السوري المحتل، يتمسك أهلنا في الجولان المحتل بأرضهم وهويتهم وهم أكثر إصراراً على مواصلة النضال لمواجهة المخططات الصهيونية، وشكل القرار الذي أصدرته حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الرابع عشر من كانون الأول في عام 1981 بضم الجولان السوري المحتل تعبيراً مفضوحاً عن الأطماع الصهيونية التي لطالما شكلت هاجساً ومطمعاً بالنسبة لحكام ومنظري كيان الاحتلال نظراً لموقع الجولان الاستراتيجي المهم.
سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمدت منذ اللحظة الأولى لاحتلال الجولان السوري عام 1967 إلى تدمير وجرف ما يقارب مئتي قرية ومدينة ومزرعة كانت آهلة بالسكان من السوريين الذين تم تهجيرهم قسراً بفعل العدوان الإسرائيلي، لتبدأ المخططات لإقامة مستوطنات على أنقاضها بالظهور على الفور.
كما اتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فيما بعد خطوات وإجراءات لتكريس ضمها التوسعي العدواني، عبر الاستيلاء على جهاز التعليم من خلال إلغاء المنهاج الدراسي السوري في محاولة لفصل أبناء الجولان السوري عن هويتهم الوطنية، كذلك عمدت إلى استثمار الجولان السوري سياحياً بعد طمس آثاره العربية وتصعيد الإجراءات التعسفية بحق أهلنا هناك من خلال الضرائب التي تقتطع قسراً، إضافة إلى حملات المداهمة والاعتقال بحجج وذرائع مختلفة.
وقرار الضم المشؤوم قوبل برفض دولي واسع، إلا أن سلطات الاحتلال تجاهلت المنظمات الأممية وقراراتها، مستندة إلى دعم أميركي وغربي وصمت دولي مريب، فيما يخص بطلان قرارها المشؤوم، ولاسيما قرار مجلس الأمن رقم 497 الصادر في 17 كانون الأول عام 1981 الذى يعتبر أن قرار الاحتلال بفرض القوانين والولاية القضائية وإدارة الجولان السوري المحتل لاغ وباطل وليس له أثر قانوني دولي.
ومع كل إدانة أممية وقرار لمجلس الأمن ضد كيان الاحتلال لعدم امتثاله حتى الآن لقرار الانسحاب من الجولان السوري يوسع الاحتلال اعتداءاته على شعوب المنطقة ويعربد مستفيداً من غطاء الفيتو الأميركي الداعم لتلك السياسات العدوانية إذ لا تتردد الإدارات الأميركية باستخدامه عشرات المرات لتغطية جرائم المحتل وحمايته من العقاب بما يهدد السلم والأمن الدوليين .
مقاومة قرار الضم المشؤوم تجلت بالإعلان في الرابع عشر من شباط عام 1982 عن إضراب وطني استمر ستة أشهر ما أدى إلى شلل كامل في مختلف مناطق الجولان المحتل إضافة إلى خروج مظاهرات عارمة في مختلف قرى الجولان للتعبير عن الرفض القاطع لهذا القرار العنصري، وهو الأمر الذي ردت عليه قوات الاحتلال بحملات قمع ومداهمات واعتقالات طالت العشرات من أبناء هذه القرى، ولتتواصل مقاومة أهلنا في الجولان بما يثبت فشل قرار سلطات الاحتلال واستحالة تطبيقه على الأرض.
ويواصل أهلنا في الجولان المحتل مقاومتهم لمخططات وقرارات سلطات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة إلى الاستيلاء على أرضه ومقدراته ومحو هويتهم الوطنية من خلال تمسكهم بانتمائهم إلى وطنهم وتأكيدهم المستمر على وقوفهم إلى جانبه في وجه ما يتعرض له من تآمر وعدوان إرهابي، ليثبتوا أن الجولان كان وسيبقى جزءاً أساسياً من أرض سورية مهما طال الزمن.
وكانت آخر فصول صمود أهلنا في الجولان المحتل بوجه ممارسات الاحتلال بعد إفشال إجراء انتخابات «المجالس المحلية» غير الشرعية في الجولان المحتل التي دعت إليها سلطات الاحتلال ورفضهم السياسات الاستيطانية العدوانية في الجولان محاولات الضغط عليهم لإجبارهم على تسجيل أراضيهم المملوكة عن آبائهم وأجدادهم لدى دائرة الملكية التابعة لكيان الاحتلال ومسح الأراضي الزراعية بهدف وضع اليد عليها.
ويشارك أبناء الجولان اليوم جميع السوريين ثقتهم بأن الدماء التي تسيل في معركة الكرامة والسيادة ستكون مشعلاً لتحرير الأرض السورية من نير الاحتلال كما هي اليوم مشعلاً في تطهيرها من رجس الإرهاب، مؤكدين أن المعتدين وأدواتهم الإجرامية لن يستطيعوا مهما بغوا حرف بوصلة سورية وتشتيت انتباهها عن المعركة الأساسية المصيرية مع الاحتلال الإسرائيلي، رغم كل ما تخوضه في الداخل والخارج على كل المستويات العسكرية والدبلوماسية والسياسية في وجه الإرهاب الدموي العالمي، وأن معركة تحرير الأرض من العدو الإسرائيلي ستتواصل، والجولان سيعود إلى وطنه الأم عاجلاً وليس آجلاً.