لا ريبَ أنّ الكلمة سلاح خطير عندما تكون مقدمة إلى إشعال الفتنة التي لعن الله من أيقظها، وعندما تفضي إلى التجييش والتحريض على الآخر. ما يجعل الأبواب مشرعة أمام أيّ متهور نزقٍ ليسارع إلى محو ذلك الشخص أو الأشخاص من الوجود اعتقاداً منه أنهم منكر تجب إزالته باليد لأن فعل القلب لا يصح في هذه الحال بما هو تراخ عن الانتصار ! ويأتي بعد ذلك أضعف الإيمان وهو الهجوم المنظم عبر قنوات كثيرة اعتدنا منذ بدء الحرب علينا وجودها كسلاح فتاك لبث الفتن والتحريض ونشر الإشاعات والأكاذيب لتقويض شعورنا الوطني والعمل على زعزعة ثقتنا بقوة هذا البلد وجيشه وصموده !! إنه إرهاب من نوع آخر، إرهاب لا يشهر السلاح لكنه يهيئ لإشهاره ويحرض..على القتل.
الكلمة الطيبة سلاح له وقع السحر في النفوس البشرية وقد شبه الله الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء (أَلَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُهَا ثَابِتٌ وَفَرعُهَا فِي السَّمَاء)
الكلام غير المسؤول من تكفير وتخوين وغير ذلك مما يحلو لبعضهم إشهاره عبر الفضائيات والمنتديات الإلكترونية؛ سلاح خطير لم يجد للأسف من يقول لأصحابه كفوا، فما تقولونه ليس في مصلحة الوطن ووحدته في هذه المرحلة الصعبة من حربه مع الإرهاب، إن فعلهم هذا ينبع من أبواب كلها شرٌ وعمالة .
إنهم يكذبون ويشتمون ويفترون دون أن يرفّ لهم جفن، فلقد تواطأ جميعهم على اختراع الكذب وكانوا أول من صدقه، ومن خلال القنوات أيضاً اعتاد بعضهم القيام بدور المناصر للشعب فيظهر شاهداً ومؤيداً .لقد انتشر ذلك الخطاب وشاع حتى أصبح من يحاول تحليله لا يجد سوى لغة مشحونة بمفردات الحقد والكراهية والتخوين والتكفير، ونكاد لا نجد لهذا الخطاب الذي يعج بكل تلك الحمولات مثيلاً في المنطقة، وكأنه لارابطَ دينياً ولا وطنياً يربط بين منتجيه والمستهدفين به، ما أقام حاجزاً نفسياً وجداراً عازلاً بين الطرفين أين منه جدار برلين فالجميع متهم في دينه ووطنيته.
أما المواقع الإلكترونية فتقوم بدور مرسوم ومخطط له، الغرض منه الطعن والتحريض والكذب بكل ما أوتيت من قوة؛ بهدف تشويه بعض الطوائف والتشكيك في دينها ووطنيتها لتشيع هذه الرسالة فيتلقاها أكبر عدد من الناس الذين يراهنون على سذاجتهم فيصدقون ما يتلقون دون أدنى جهد. ما يؤكد أننا نعيش زمناً يكثر فيه عدد مَن لا يحترمون الكلام المسؤول، ولايدركون خطر الكلام غير المسؤول على المجتمع ووحدته. كما يؤكد عجز المطالبين بالحوار الوطني عن ترسيخ ثقافة الحوار التي كان يمكن لها أن تحول دون انتشار هذا الخطاب الموبوء، إضافة إلى شعور منتجي ذلك الخطاب بالأمن؛ حيث لا توجد وسيلة لمحاسبتهم فيكثر افتراؤهم لأنهم أمِنوا العقاب والكثيرين من خفافيش الإنترنت وغيرهم ممن يكتبون بأسمائهم الصريحة ينشرون ردوداً لا تخلو في مجملها من الشخصنة والهجوم صراحة أو ضمنا!!
وأتساءل عن مراقبة المواقع التي تنضح بالحقد والكراهية؟
وأخيرا تنبع ثقافة التكفير والتحريض من ضعف المحصول الأخلاقي والثقافي وتواري الحس الوطني، لبعض المنتميين اسماً لبلادهم والذين استمرؤوا بيع أنفسهم في مزادات الشتم والسباب، فكلما جلدوا أبناء وطنهم وحرضوهم على قتل بعضهم زادت رواتبهم ومكافآتهم ونقصت بل انعدمت أخلاقهم وضمائرهم.