يضم الكتاب بحثين الأول: نقد العولمة الجديدة والدعوة إلى عولمة, الثاني: نقد العولمة.
يشير الكتاب أنه لم يعد هناك شرق مطلق ولاغرب مطلق, ذلك أن الحضارة نتاج ثقافي شاركت في صنعه مادياً ومعنوياً العديد من الشعوب, لكن البعض يصر على أن العلاقة صراع بين الشرق والغرب وأن الصراع بينهما حتمي... من هنا برزت الحاجة إلى الحوار لتأسيس أرضية إنسانية مشتركة, بعيدة عن التعالي والتمركز حول الذات, تقوم على الحوار والتعارف والتكامل.
ولذلك نرى أن هذه السلسلة من الكتب تهدف لتعريف كل طرف على فكر الآخر, وتقدم أبحاثها بموضوعية وجرأة بعيدة عن المجاملات, للوصول إلى الطريق العلمي للتعارف, وفهم الذات والآخر بوضوح, والتفهم لخصوصيات وثقافات الآخر, واحترام حقه بالاختلاف, وسيلة لنمو الحضارة والثقافة الإنسانية.
وجاء في ختام الكتاب: موقفان في العالم العربي من العولمة, أحدهما مندد بها ورافض لها كلية, وآخر ممجد لها مثمن أن يندمج الوطن العربي فيها.
والعولمة في الحقيقة واقع موضوعي لاسبيل إلى إنكاره وإلغائه بمنطق الرغبة الذاتية, كما لايجوز الخضوع لها خضوعاً سلبياً... فالمطلوب الوعي بهذه العولمة, وقبول مبدئي وعملي بها, وسعي استراتيجي متعدد المراحل للاندماج الناجع فيها, والرد الإيجابي على تحدياتها.
إن مواجهة جبروت العولمة تستلزم تجاوز الأحادية القطرية واعتماد التكتلات التجارية والجمركية, والتكامل الاقتصادي على الصعيد الإقليمي.
لقد أُغرقت السوق العالمية بالمنتجات المعولمة من السيارات إلى الموسيقا وألعاب الأطفال, وإن نجت مع ذلك من هذا الطوفان بعض الخصوصيات الثقافية والمميزات الوطنية, فإن كان الواقع يشهد أن ثمة طغياناً على التمايزات القومية والثقافية, فإنه شاهد كذلك على بقاء بعض الخصوصيات الإقليمية.
تدل المؤشرات الاقتصادية في نطاق العولمة أن ثمة تمايزات كبيرة ضد الشعوب ذاتها, إن منظري العولمة لايستطيعون أن يتصوروا إلا بصعوبة تعددية للثقافات وأنظمة مجتمعية في العالم.
ومن الواضح أن للعولمة علاقات وثيقة بمنظومة الطاقة, وأن مخزون الطاقة من نفط وغاز يتعرض للاستنزاف, وأن المزيد من استخدام الطاقة سيؤدي إلى انهيار للمناخ, كما أن العاملين في الأسواق المالية لايعرف جشعهم حدوداً يمكن إن تجاوزناها أن تقذف بنا جميعاً في أتون أزمة عالمية, فالعولمة أصبحت عولمة مالية مرتبطة بشكل وثيق بمنظومة الطاقة المعولمة والإشكال يكمن في كيفية إدارة هذه الأسواق والأزمات دون تدمير اقتصادات, تدمير سيؤدي إلى كوارث اجتماعية وسياسية.