تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الوقائـــــع الافتراضيـــــــة والواقــــــع الســـــــوري

دراسات
الجمعة 6-12-2019
د. فايز عز الدين

ورد في حديث السيد الرئيس بشار الأسد لمجلة الباري ماتش الفرنسية أن الدول الأوروبية وهي تدّعي محاربتها للإرهاب لماذا لم تقف مع سورية الدولة التي تحاربه،

ثم لماذا تُدخل جيوشها لتحتل من الأرض السورية ليصبح الاحتلال مماثلاً للوجود الإرهابي طالما أنه لا يتفق مع القانون الدولي، ولا مع مواثيق الأمم المتحدة، ولم يكن مع الدولة التي لها مشروعية السيادة على أرضها وقرارها الوطني؟ وحين نحلل المواقف الأوروبية، ومعها الموقف الأميركي رأس الحربة ضد سورية الشعب، والدولة الشرعية سنتوصل إلى أن المشروع الغربي بالاستثمار في الإرهاب في سورية معروف بأنه قد تم التخطيط له من عدة اتجاهات بما تشكّلت معه حزمة من المصالح المتوافقة حيناً، والمتعارضة أحياناً بما تظهر معه صيغة للاشتباك الغربي حول تحديد المفاهيم المرادة من العدوان على سورية التي تعلن عن بناء الشرق الأوسط الجديد، والكبير لكن بما يتوافق أولاً مع فتح الطريق أمام المشروع الصهيوني في المنطقة الذي كشّر عن أنيابه بعد أن بدأت الحرب الإرهابية الكونية على بلدنا منذ العام 2011.‏

وكنا قد تابعنا كيف فتح كيان العدوان حدوده العسكرية على شريط الجولان المحتل وساهم بدعم الإرهابيين بالسلاح واللوجستيات الأخرى وصولاً إلى المشافي الميدانية وليس من غريب الحال أن نرى أوروبا العجوز تابعة في طبقتها السياسية الحاكمة إلى النفوذ الأميركي الذي يسحبها دوماً نحو مقتضيات مصالح إسرائيل، ولو على حساب مصالح دافع الضرائب الأوروبي.‏

وبناء عليه فالحرب على سورية حرب تدمير القوة العربية الرئيسة باعتبار أن التحالف السوري مع الدولة الإقليمية الكبرى إيران، ومع القطب الدولي المهم اليوم روسيا، ومع القوى المقاومة في العراق، ولبنان، وفلسطين هو تحالف مقاومة، وهو تحالف ترسم أهدافه الطبيعية مواجهة المشروع الأمروصهيوأوروبي في المنطقة العربية الذي له من المؤهلات لأن يكون -عبر الاستثمار بالإرهاب- مهدداً حتى الصين، وروسيا بآن معاً.‏

وبالأمس قد سمعنا تصريحاً لمسؤول عن منظومة الدول المستقلة في محيط روسيا بأن الأمن قد حدّد أكثر من عشرة آلاف منخرط بالإرهاب وكأنهم خلايا نائمة في تلك البلدان.‏

إذاً؛ كلما زاد تغوّل قوات الاحتلال الأمروأطلسية وبما فيها تركيا بالأراضي السورية نكتشف الحقائق التي كانت مخبأة تحت عباءة الإرهاب طالما أن الإرهاب الوكيل قد اندحر على الأرض السورية واندحر من تعهده بالدعم والتهديد وصارت أميركا وأطلسيوها مضطرين لأن يدخلوا آليات التنفيذ لمشروعهم الافتراضي طالما أنهم قد مهّدوا له بوقائع افتراضية فشل بعضها، وما زال البعض الأخير قيد الفشل، مثال: أميركا وتابعوها يدعون اهتمامهم بالديمقراطية في سورية لنرى أن قوى الإرهاب التي أدخلوها لم تُبْقِ على أي شأن للديمقراطية وحقوق الإنسان حين صار قطع الرؤوس لا يحتاج إلى محاكمة وقوانين.‏

وكذلك حين تركوا أردوغان يدخل إلى منطقة الجزيرة أولئك هم مرتزقته يسرقون منازل المدنيين، ويدمّرون البنى التحتية، ومحطات الكهرباء، والماء حتى لا تبقى أسباب الحياة لكل مدني على تلك الأرض موجودة.‏

وحتى الآن أميركا رأس حلف العدوان تخلق في منطقة الجزيرة ومحيط آبار النفط وقائع لا تشير إلى ما يسهل الوصول إلى الحل السياسي الذي تدّعيه، وتتخرّص فيه فهي قد ورّطت الأكراد التابعين لها بإنشاء إدارة ذاتية وتحضير الجغرافيا هنالك لمشروع كانتون انفصالي، وبالوقت نفسه تترك أردوغان يهاجم توابع أميركا ويطردهم ويوطّن محلهم مرتزقته، ولو أدى هذا الحال إلى تطهير ديمغرافي كامل، فكيف تكون أميركا السيد الآمر لأردوغان، وأردوغان يشن حرباً على توابعها؟!‏

وكيف تحاول أميركا أن تقنع العالم بأنها أنشأت التحالف الستيني ليكون قادراً على إنهاء تنظيم داعش وهي ما زالت تحتفظ بقطعانه على أرض كل من سورية والعراق، ومرّة تعلن عن قتل زعيمه البغدادي ومرّة تحاول مع أردوغان أن يحولوا هذه القطعان إلى جهاز مدني يتوطّن الأرض ويُحتسب على مايسموها «معارضة»؟!‏

والمخطط الأخير الذي أسفر الوجه الأميركي القبيح فيه هو التدخل الفظّ بشؤون لجنة مناقشة الدستور التي تشكلت وفق آلية أستنة ومن ثم سوتشي بزعم حرصها على السوريين بدستور جديد يحكم مرحلة انتقال سياسي في سورية، وهنا حين نفكر بمراحل الانتقال التي مارستها أميركا في العراق فهل نجح برايمر في خدمة شعب العراق، وهذا هو العراق بعد سبعة عشر عاماً لم يشهد الاستقرار، وهل استقرّت تونس، وليبيا، وحتى مصر.‏

نعم إن أميركا تسعى بدستورها المزمع لكي تحوّل الجغرافيا السورية إلى منطقة توتّر وتنازع في الدستور ومرحلة الانتقال السياسي، والدول المشار إليها يعرف المواطن السوري حقّ المعرفة ما يحدث فيها، وما يُخطّط لها أن تبقى فيه، ومن هنا كلّ الذي تخطّط له أميركا سيجعله المواطن السوري وقائع افتراضية، ولن يسمح لها بأن تتحول إلى وقائع حقيقية على الأرض.‏

وقد رأينا في الاجتماع الأخير للأطلسيين في لندن أنهم يتوافقون على عدم استمرار الحرب على المدنيين في إدلب، ومَنْ هم المدنيون في إدلب طالما أن الموقف الأميركي الأردوغاني مع الإرهاب يمنعهم من الالتحاق بمراكز تواجد الجيش السوري وحلفائه لكي يحصلوا على الأمن والسلم الأهلي. يتوجه حلف العدوان على سورية لحماية الارهابيين بالغطرسة المعروفة، وبعدم احترام حق الدولة السورية الشرعية بالقضاء عليهم. وما نستحصله من الموقف الذي تمارسه أميركا وتابعوها في سورية هو أن لا تتمكن الدولة الشرعية من حسم الموقف السيادي بإنهاء الإرهاب.‏

ربط هذه القضية بلجنة مناقشة الدستور وقد رأينا أن وفد أردوغان في اللجنة المعنية قد رفض إدانة الإرهاب، والاحتلال الأجنبي على الأرض السورية، فوفدٌ يدعم الإرهاب، واحتلال أراضي الغير بالقوة كيف ينطلق من إرادة الشعب المكافح في سورية ضد الإرهاب والوجود الأجنبي غير الشرعي؟ ثم كيف سيستقبل الشعب الدستور القادم من لدنه، والقاعدة المعلنة أن» اللجنة سورية»، والحوار ملكيته لسورية، والدستور المزمع سيكون للسوريين؟ المسألة عند المواطن السوري واضحة المعالم، مكشوفة الأهداف، والوقائعُ الافتراضية الأمروصهيونية لن يسمح لها شعبنا بالتحول إلى هزيمة افتراضية لنا، فالذي صمد تسعاً من السنوات في وجه تحالف الثمانين دولة عليه لن يقبل بهزيمة افتراضية، وسيُهزم الذين افترضوها كما هُزمت قطعان إرهابهم، والدول الإقليمية التابعة لهم، والواقع السوري حدّده السوريون بالدّم، وغيرُ الطريق إلى النصر لن يفتح السوريون أي طريق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية