الدولي حول طبيعة الحل السياسي وقواه الفاعلة، والقادرة على كسب ثقة المواطن السوري الذي سيكون له الكلمة الأخيرة في كل ما يتمّ اقتراحه، وكل ما يتمّ الإجماع عليه في لجنة مناقشة الدستور كما في أي نشاط أممي ديبلوماسي داعم لعمل اللجنة.
ومن الملاحظ أن الإصرار الأمروصهيوني على بنية لجنة مناقشة الدستور، وعلى لوائح عملها، وقواعد السلوك في التداول أثناء الجلسات مبعثه أن الحلف المذكور لا يتوجه نحو الحل بمقدار ما يتوجه نحو اتخاذ الذرائع لما يحدث داخل اللجنة من أجل تعطيل أي إنجاز، ومن ثم التمكين الجديد لقوات الاحتلال الأمروأطلسي على الأرض السورية وحول منابع البترول حتى تكون المعادلة الجديدة للوجود الأميركي على الأرض السورية قابلة للاستدارة في كافة الاتجاهات التي تسمح للمحتلين بأن يغطّوا لا شرعية وجودهم بشرعية وهمية مرّة حرصاً على آبار البترول السورية من أن تعود لتقع بيد داعش، ومرّة بأن أميركا ما زالت تحالف قسد وحماية الشعب ومفروض عليها أن تواصل بقاءها لتحميهما من الهجوم الأردوغاني عليهما، ومرّة يعلن ترامب عن شهية كبيرة لديه في الاستحواذ على منابع البترول السوري لكونه هو الأصيل الذي كان يحمي الوكيل داعش في السيطرة على المناطق السورية واستنزاف خيراتها، وكلنا نتذكر أموال البترول المتوجهة نحو تركيا تحت مراقبة أميركا ودعمها.
ولو عدنا إلى تحليل تقلبات الرأي لدى ترامب حول مواصلة وجود قواته على الأرض السورية، أو حسم القرار بسحبها واللعب على هذه المسألة بتوتر وتوتير للأجواء الدولية، والإقليمية، وحتى الداخلية السورية والغرض من هذه المنافقة السياسية أن يتمكّن من صناعة وقائع على الأرض تفصل ما بين اقتراب هزيمة الإرهاب في إدلب، والمناطق الباقية له، وبين الحق الشرعي للدولة السورية بإعلان النصر، وكأنّ الوجود الأميركي مع الوكلاء الأذناب لأميركا سيكون له كيفية في الحلول محل الإرهابيين حتى لا تتمكن الدولة الشرعية السورية من مدّ سيطرتها على أراضيها، والشروع بإعادة الأمن والاستقرار ودوران عملية الإنتاج الوطني للشعب الذي لديه خبراته في إعادة إعمار بلده مثلما كانت خبراته، وتضحياته قد أنجزت تحريرها من الوجود الأمروإرهابي على مدى تسعٍ من السنوات، فالمعادلة التي يحدث تركيبها الآن أن أميركا وتابعيها بعد زوال الإرهاب سيتولون السيطرة على البترول والغاز، وما تنتجة المنطقة التي تسمى بشرق الفرات من القمح، والقطن وغيرهما.
والهدف الأهم في التركيب القائم للمعادلة هو منع قسد من أن تواصل عودتها إلى الصف الوطني وتستوعب أن أميركا لا تحرص على الأكراد بل تستخدمهم وحينما تنتهي فوائد استخدامهم تتركهم للجحيم كما تركت غيرهم من قبل.
وكما تركتهم حين لم تمنع أردوغان من الهجوم عليهم. ثم الهدف الأخير من اللعبة الأميركية هو مواصلة التضييق على التعاون بين سورية، والعراق، وإيران، وقطع المنافذ البرية للدعم أو لتبادل اللوجستيات فالمكروه عند إسرائيل كيان العدوان هو أن يحدث أي تنسيق عراقي سوري وخاصة على مستوى الجيوش لما فيه من تشكيل قوة تقوّض المشروع الصهيوني برمّته هذا إذا ما تحدّثنا عن التنسيق الثلاثي الحاسم عبر جبهة المقاومة للمشروع الأمروصهيوني الذي سيتعزز من التواصل البري وجغرافية التعاون، والتآزر في الحرب على الإرهاب، أو على الوجود الاحتلالي في سورية والعراق، أو في تصفية أوكار الإرهابيين وقطع الطريق على أميركا في تدوير عملهم من مرحلة إلى مرحلة حتى يواصل التهويل بخطرهم منهجاً نافعاً في الغطرسة الأميركية على أرض العرب، والمسألة الأخيرة من هذا النفاق السياسي الأميركي هي استدامة التهديد الأميركي للممالك والمشيخات بأن المزيد من الدفع لأميركا يخفف من المزيد من سحب القوات، فالمرابي شايلوك الأميركي ليس له استراتيجية في منطقتنا العربية تحترم العلاقات الدولية التي رسم لها القانون الدولي الإنساني، أو مواثيق الأمم المتحدة بل استراتيجيته المحددة هي ابتزاز العملاء حتى آخر قطرة بترول لديهم ومن ثم توفير كافة الظروف الإقليمية لحدوث انقسامات ديمغرافية تؤدي إلى إعادة التوزع الجغرافي حتى لا تبقى على وحدتها التاريخية أي منطقة من إيران إلى تركيا، إلى العراق، وسورية، ولبنان، والأردن، والممالك والمشيخات، وحين تتم عملية نسف الوحدة الجغرافية ستنسف معها الوحدة الديمغرافية، وتتوزّع الناس على الأساس العرقي لها، أو الديني المذهبي، أو الاجتماعي القبلي وهذا هو مخطط الحلف الأمروصهيوني في الشرق الأوسط الجديد (لبيريز) والكبير لأميركا عبر إداراتها المتعاقبة، والثابتة في خدمة الصهيونية.
ووفقاً لمقتضاه نحلل الموقف الأميركي والصهيوني في تدخلهما بطبيعة عمل (اللجنة الدستورية)، ومحاولتهما أن تكون أطروحات التعطيل أكثر من عمليات التسهيل، وما لا يخفى على أحد هو المحاولات الواضحة في الأسس الدستورية المزمعة من قبل حلف العدوان أن يتم تجاوز الدستور الحالي المقرر باستفتاء الشعب عام 2012م لكي تفرض القواعد الجديدة التي تهمّ المشروع الصهيوني في منقطتنا أكثر، وما يتشدّقون فيه بأنهم سيأتون بدستور يحوم حول طبيعة الوحدة الجغرافية والديمغرافية لتغييرها بذريعة ما يسمّى تغيير الطبيعة الكلاسيكية للسلطة السورية المتوارثة منذ ما بعد الاستقلال عن الفرنسيين، والبحث عن عقد اجتماعي جديد هو لأهدافهم أيضاً، ومن المعروف لدى الشعب في سورية أن أميركا وحلف الإرهاب الذي قادته ضدنا، وتقوده لا يبحثون عن التوازن الداخلي للمجتمع السوري بل ما يهمهم هو نسف ركائز الاستقرار الداخلي ووضع البلد على حافة الاشتباك المستمر مثلما فعلوا في العراق وتونس، وليبيا، واليمن وحتى في مصر إذ مَنْ لا يريد إنهاء داعش من أرض مصر سوى أميركا وإسرائيل وعملائهما. وبناءً عليه، فالدولة السورية الشرعية تمارس الإيجابية الديبلوماسية في التعاطي مع لجنة مناقشة الدستور لكنها لن تقبل بأن تترك الانتصارات على الإرهاب بدون أي احتساب على طاولة الحوار فالسوريون الآن لن يخلصهم الدستور المزمع لأن إرادة الحلف الأمروصهيوني لن تقدم لنا دستوراً نتفق عليه بمقدار ما ستقدم لنا ما نختلف عليه ولا نتواصل إلى أي مشترك حوله، ولذلك يدخلون اللامركزية بغرض التفكيك، وتغيير البنية الكلاسيكية للدولة بغرض التفكيك، واسم الدولة بغرض التفكيك، والعودة إلى آلية مؤتمر جنيف بغرض نسف منجزات أستانا وسوتشي فالمطلوب عند الحلف الأميركي هو الحل بالتفكيك للأرض والشعب والدولة، وثوابتنا الإصرار على وحدة هذه الأقانيم وعلى الشعب أن ينظر بالتوافقات التي ستكون من الآن حائط الصد في وجه مشروع حلف العدوان، وأن ندير بلدنا بميثاق الوطن الواحد والشعب الواحد الذي تعاقدنا عليه وما زلنا نحترم ثوابتنا فيه.