ولعل هذه الرؤية الخلابة لفعل الكتابة كما بين د. ثائر زين الدين في حفل إعلان جوائز وزارة الثقافة، كانت الدافع الرئيس في إحداث الجوائز المخصصة للكتابة، وفي دلالاته إنما تمثل مؤشرا ساطعا على حراك ثقافي يسهم أيما إسهام في خلق بيئة ثقافية إبداعية معافاة، وتقدم أصواتا جديدة للساحة الأدبية، وتبعث الروح في كتاب أو نص كان من شأنه أن يظل حبيس عتمة الأدراج، وربما تطلق صوتا فريدا كان ضائعا في ازدحام الأصوات المتشابهة.
ومع بعض هذه الأصوات التي حظيت بالفوز كان هذا لقاؤنا:
«حكايات من الليل الإغريقي»
اعتمد محمد مصطفى الدنيا الفائز بالمركز الأول لجائزة سامي الدروبي للترجمة، في ترجمته عن الفرنسية مجموعة حكايات من الليل الإغريقي، وهي مجموعة حكايات خرافية كانت تحكى في الأمسيات والليالي يتم تبادلها أثناء العمل والليالي الطويلة لكسر جمود الروتين والملل، واستطاعت هذه الحكايات أن تنتشر في أنحاء العالم وخصوصا في شرق المتوسط وشمال إفريقيا والبلقان، ولكنها كانت تكتسب ثقافة البلد الذي تحل به، ويضاف إليها تفاصيل من البلد المضيف.
هي حكايات جميلة كما يبين الدنيا، والأجمل هذا الفوز بهكذا جائزة رفيعة المستوى صادرة عن وزارة الثقافة، وهذا التكريم الذي نحظى به، مايشكل حافزا للمساهمة في إضافة ثمرة جديدة في شجرة المعرفة.
«الشيخ والفول»
غاص مازن أيمن النفوري في روايته «الشيخ والفول» الفائزة بالمركز الأول لجائزة حنا مينة للرواية في تفاصيل الحرب على سورية وماخلفته من تشرد وبطالة، فكانت الحياة الاجتماعية في تلك المرحلة ماجسده النفوري في روايته، مبينا الألم والحزن الذي ألم في المدينة دمشق وهي التي اعتادت الفرح والأمل.
ورغم أنها روايته الأولى بعد إنجازه للعديد من القصص، لكنه استطاع أن يتربع على المركز الأول ليشكل هذا الفوز دافعا قويا ورغبة في متابعة الكتابة في هذا النوع الأدبي الهام، علما أن الكاتب مدرس لمادة اللغة الإنكليزية، لكن حسه الروائي دفعه ليوثق تلك المرحلة في مجتمع دمشق على وجه الخصوص.
«خواطر كأسين»
تقوم قصيدته على ثنائية الحياة والموت، واعتمد زاهر جميل القط الفائز بالمركز الأول بجائزة عمر أبو ريشة للشعر على الغوص في الشخصيات التي تقف خلف هذين الكأسين وماهي الحكايات التي يختزنها زجاج هذا الكأس، ليخرج بعد ذلك بثلاثة تصورات عن افتراضات استوحاها من الواقع ومن وحي الحرب ويصل إلى نتيجة تتضح فيها ثنائية الحضور والغياب، الحضور المتمثل بالأمل والغياب الموجع في الموت.
يقول الشاعر القط: أشعر بالفخر لفوزي بجائزة تحمل اسم شاعر تربينا على قصائده وحفظنا شعره وهذا مايمثل لي الكثير من الدعم والتفاؤل ويدفعني للمزيد من العمل والعطاء والتفاني.
النظارة السحرية
وعن قصتها الفائزة بالمركز الأول في القصة القصيرة الموجهة للطفل، تقول ضحى جواد: أكتب القصة القصيرة والسيناريو، وأنشر منذ زمن في مجلة أسامة وشامة المتوجهتين للأطفال، وكانت القصة الفائزة بالمركز الأول «النظارة السوداء» التي استطاعت هذه النظارة أن تحدث فرقا لذاك الطفل الذي كان يعاني من قصور في البصر، واستطاعت أن تغير حياته.
وتتضمن هذه القصة رسائل تربوية وقيما نحاول تكريسها لدى الطفل، ولاشك أن الكتابة للطفل هي من أصعب الكتابات لأن قصة الطفل يجب أن تجمع بين الأسلوب الجذاب والقيم التربوية والمتعة، وجميعنا يعرف تحديات العصر في جذب الطفل للتقنيات الحديثة وإبعاده عن الكتاب.
ونحن نسعى إلى تحقيق تلك المعادلة التي تجمع بين المتعة والفائدة والأسلوب الجذاب بلغة سلسة ورشيقة, وهذا التكريم اليوم يحملنا مسؤولية إضافية لتقديم الأفضل دائما.
اللوحة الموجهة للطفل
وكان للرسوم الموجهة للطفل حصة من الجوائز واحتلت لوحة لينا نداف المركز الأول في مسابقة ممتاز البحرة للرسوم الموجهة للطفل، تقول:
غمرتني السعادة الكبيرة بالفوز، ولكن في الآن نفسه شعرت بالمسؤولية الملقاة على عاتقي والعمل على تطوير مهاراتي دائما لتقديم الأفضل، والتعرف على الطرق الجديدة في عالم الفن وخصوصا في مجال رسوم الأطفال لتقديم لوحة فنية متكاملة في كتاب، فلوحة الطفل ليست فقط ألوانا مشرقة، بل هي صورة فنية تقدم رسالة جمالية وأخلاقية.
«هبوب السموم»
وعن روايته «هبوب السموم» فاز عمر الحمود بالمركز الثاني لجائزة حنا مينة للرواية، وهي رواية اجتماعية تتحدث عن قصة حب تنشأ بين هلال ونجمة، ونظرا لانغلاق ريف مدينة الرقة يواجهان مصاعب عديدة..
روايته كما يقول الحمود تغرف من بيئة الفرات ومن القاع الاجتماعي للناس، ووظفت التاريخ والذاكرة والموروث الشعبي، وامتزج فيها الخيال بالواقع والحقيقة بالأسطورة والمنطق بالجنون، وشكلت بنية سردية تبعت خطا دراميا ذروته نهاية مفتوحة، تترك للقارىء فرصة إتمامها ووضع نهاية لائقة بها.
ويعبر عن سعادته بالفوز، لأنها تقدير واعتراف بقدرة الكاتب الإبداعية وتفرده، والجائزة تشكل حافزا لإنتاج المزيد من الأدب المتميز والإبداع اللائق.
وفي المركز الثاني تحدث بشار عريج في قصيدته الفائزة «بانوراما الحرب» عن الهم الوطني خلال سنوات الحرب، وقصيدته النثرية كانت أولى تجاربه في هذا اللون من الشعر، فقد كتب على مدار ثلاثين عاما القصيدة العمودية ونال قبل ذلك جوائز عديدة، ويعمل طبيب أسنان، وشكل له هذا الفوز نقطة تحول جديدة في عالم الشعر والإبداع.
وتحدث همام زينة في ترجمته «عجائب الدنيا» والتي فازت بالمركز الثالث في جائزة سامي الدروبي، عن الحضارات في العالم البائدة منها والحاضرة، وخص سورية بفصل فيها، وهو كتاب تثقيفي يعرف الطفل من العام 7 إلى 15 سنة على عجائب الدنيا التي اشتهرت عبر العصور.
ومن جوائز المركز الثالث في الشعر قصيدة «السندباد» للشاعر سامر محمد يقول: القصيدة وجدانية صوفية تتحدث عن العشق الإلهي، وسعادتي كبيرة بالتكريم الذي يعد جزءا لايتجزأ من حركة الأدب ذاته، ويشكل الدافع الأساس لانطلاقة جديدة للأديب، فالثقافة لاشك تحتاج دعما معنويا وماديا، والتكريم يعيد الكاتب إلى الخارطة الأدبية من جديد.