تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أهي نهاية المحافظين الجدد?

شؤون سياسية
الأثنين 27/10/2008
د . حيدر حيدر

بينما يتخبط العالم والغرب خصوصاً بأزمته المالية التي تحولت إلى أزمة اقتصادية وربما سياسية في المستقبل يطلع علينا دهاقنة تيار المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأميركية ليعلنوا )

أن الحروب يجب أن تبقى خياراً جاهزاً, باعتبارها أهم أدوات تنفيذ السياسة الخارجية الأميركية(, وهاهو أحد زعمائهم وليام كريستول يرفض الاعتراف بالهزائم المتكررة على أيدي الإدارة الأميركية الحالية والتي ألحقت بالبلاد والعالم خسائر فادحة بشنها الحروب الظالمة ضد أفغانستان والعراق, وجعلت الاقتصاد الأميركي ينهار بسياساتها الحمقاء التي أثقلت الفئات الوسطى بالضرائب لحساب الأثرياء وإعفائهم من الكثير منها , كما ألحقت بسمعة أميركا وهيبتها أضراراً فادحة بتخليها عن دور المنظمات الدولية وتخطيها الشرعية الدولية وإصرارها على شعار )أميركا أولاً وليذهب الآخرون إلى الجحيم ما حدا بالرئيس الفرنسي نيكولاساركوزي إلى القول الأميركيون أمة عظيمة تثير الإعجاب لكنهم ليسوا وحدهم يقررون مصير العالم .‏

ورغم الأزمة المالية الطاحنة والتي جعلت العالم الصناعي خصوصاً يستنفر ويضخ ستة آلاف مليار في شرايين المصارف وأسواق الائتمان المنهارة ورغم ذلك لم تتمكن تلك المليارات من كبح جماح الأزمة وتراجع أسعار الأسهم.‏

نقول رغم ذلك يطلع علينا أحد رموز المحافظين الجدد روبرت كاغان وقبله السيئ الذكر ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي للتأكيد بوقاحة منقطعة النظير أن أميركا جاهزة لحرب باردة جديدة أي إنها مستعدة لمواجهة دولية جديدة تشمل الصين وروسيا وها هو كاغان يطرح إلغاء منظمة الأمم المتحدة بذريعة أنها لم تعد تفي بحاجات الدول الديمقراطية( على حد تعبيره كما أنها لا تحقق مصالح الولايات المتحدة.‏

وهذا غيض من فيض مما يتفوه به زعماء تيار المحافظين الجدد والذين تغلغلوا في مختلف مفاصل الإدارات الأميركية بدءاً بالبنتاغون مروراً بالخارجية الأميركية وانتهاء بالمفاصل الاقتصادية والثقافية في الحياة الأميركية عموماً وبسيطرتهم وإحاطتهم بزعيم البيت الأبيض الحالي جورج بوش الذي يستعد لمغادرة كرسي الرئاسة غير مأسوف عليه فإنهم لا ينوون التخلي عن مناصبهم وامتيازاتهم بل يستعدون للمواجهة والاستمرار في التحكم بمفاصل الإدارة والحكم حتى ولو جاء رئيس جديد من الديمقراطيين وقد أكد وليام كريستول زعيم تيار المحافظين الجدد وراعي أفكارهم وحركتهم أن القافلة تسير ولن تتوقف( ويعني بذلك أنه وزمرته مصرون على مواصلة نهجهم الإجرامي بحق أميركا والعالم وقد أعلن أيضاً أن تياره غير نادم على دفع بوش لشن الحرب ضد أفغانستان والعراق بل والمح أيضاً إلى ضرورة مهاجمة إيران والأنكى من هذا فقد بدا) متفائلاً( ومن معه من أنصار أن الانتصار سيكون حليف هذه الطغمة رغم الأزمة المالية الحالية الخانقة.‏

إذاً نحن أمام مشهد غريب, محافظون جدد يمثلون ايديولوجية اليمين الأميركي المتطرف الممثلة بالليبرالية الجديدة تتشبث بطروحاتها ومواقفها التي أوصلت العالم إلى الكارثة وبين دول أخرى صناعية مثل أوروبا وروسيا والتي تريد وتقترح حلولاً للأزمة المالية الحالية, وهذا ما عبر عنه رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون عندما تحدث عن المقترحات الأوروبية للحل قائلاً: لا نريد أن يتمكن أولئك الذين أوصلوا النظام المالي العالمي إلى ما وصل إليه, من أن يعيدوا غداً الفعل ذاته لأننا لم نتخذ القرارات الضرورية معلناً في الوقت نفسه إنه يجب ألا تتمكن الولايات المتحدة من الاستدانة إلى مالا نهاية على حساب العالم.‏

وإن تصريحات وأقوال زعماء زمرة المحافظين الجدد تشي بأن المعركة معهم مستمرة فهم لن يتخلوا بسهولة عن مواقعهم ومراكزهم وأيضاً عن ايديولوجياتهم ونظراتهم الاستعلائية إلى دول العالم فما زالوا يصرون على شن الحروب وما زالوا يتحدثون عن ضرورة إلغاء الأمم المتحدة واستبدالها بمنظمة أخرى تحقق مصالحهم. كذلك فإنهم لا يتوانون عن إشعال فتيل حرب باردة أخرى وهم غير مهتمين بمصير الأميركيين الفقراء ولا حتى بالفئات الوسطى في المجتمع الأميركي.‏

صحيح أنه لا نتوقع أنهم يتخلوا ببساطة عن مراكزهم ومواقعهم وصحيح أيضاً أنهم سيحاربون أي تغيير يؤدي إلى إزاحتهم عن مواقع القرار والفعل داخل الإدارة الأميركية لكن الصحيح أيضاً أننا نشهد بداية صحوة داخل المجتمع الأميركي نفسه تطالب بالتغيير وهناك أقلام حرة متنورة وحرة تنبه إلى قرب الكارثة المحيقة بأميركا في حال استمر النهج الحالي وتنذر ليس بكارثة مالية أواقتصادية فقط بل وبكارثة سياسية في المستقبل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية