وإن كان المقطع الثاني أكثر تماسكاً من الأول فقد استدعى الشاعر أكثر من صورة تنتمي إلى حقل الريح:
كالريش, , والأجنحة, وصفير القطار, والمجداف الذي بما أراد به الشاعر الشراع ولكن الوزن هو الذي دفع الشاعر لاختيار لفظة المجداف . أما المقطع الأول فقد اتسم بالحشو والتداعي المجاني كما في صورة (المناديل اغتراب في الأفق, الفتاة التي تحن للمحطّات) فهي جميلة ولكن مقطوعة الجسور بالنص, وقد وفق الشاعر في استدعاء حادثة الطوفان والبحث عن الاعتصام بالجبل, وهنا أعطى الجبل معنى رمزيا. والواضح أن الشاعر لم يبرئ تماماً من لغة محمود درويش التي بدت واضحة في النص.
مريم لأسد الخضر
الوزن في هذه القصيدة قلق في البداية وغير سليم ثم يقترب في نهاية القصيدة من وزن بحر الوافر , والنص عموماً يعبر عن عاطفة الحبّ لامرأة اسمها مريم,والتي لا تلبث أن تغيب ويبقى صوت الشاعر الشاكي ممتداً إلى نهاية القصيدة.. ويبدو لي أن النص بحاجة إلى إعادة نظر وتكثيف..
صوتان للشّاعر لعصام كنج الحلبي
في صوت عصام الأول, ثمة حشد من الصور التي أثقلها التفسير والشرح : (يموج كالأشجار من ريح الغواية), (نازفاً آهاته كالناي يشد مالئاً قصب الحنين مقلداً شدوي)( وهوينام مضطجعاً على أحلامه) وقد قيد بتفسيره إيحاء الصورة فلو قال: يموج كالأشجار, نازفاً آهاته كالناي مثلي, وهو ينام على أحلامه. لربما كانت الصور أكثر تكثيفاً وعمقاً وإيحاء, هذا الإيحاء الذي حققه المقطع الأول في نهايته.. كما حققه المقطع الثاني في نهايته أيضاً وخصوصاً في قوله: ( اعترِفْ لمشيئةٍ ما, أنّ ليلاً ما, يفتّشُ عن سماءٍ ما) وفي بداية المقطع الثاني أيضاً استدعاء لصورة الخليل والرفيق والصاحب الذي كان الشاعر يخاطبه ولعل المثل الأشهر صاحب امرئ القيس ورفيق رحلته في بحثه عن الثأرعندما يقول: لا تعترف يا صاحبي. والغريب التزام الشاعر بالقافية ما أوقع الشاعر في الحشو في كلا المقطعين .
نص في أوان (أوانك ) د. بشار خليف
يبدو أن الحداثة العربية لم تبرئ من النظرة الشكلية, فالتخلي عن الوزن لا يعطي النص صفة الحداثة والكلام ينطبق على نص بشار الخليف بامتياز فهو وإن تجاوز الوزن رغبة في التحرر إلا أنه جاء بصورة تقليدية مكرورة ونمثل لذلك بصورة:التقاء الشمس بالقمر هذه الصورة التي اهترأت من كثرة الاستخدام, ولغة النص عموماً لم ترتق إلى مستوى اللغة الشعرية ولم تتجاوز الاستخدام العادي وإن طعّمها الشاعر بتناصات دينية, وانزياحات متفرقة, لكنها لم تنقذ النص من العادية ..
تراتيل لغرفة هناك لعماد الدين موسى
يشتغل نص عماد الدين الموسى على التفاصيل الصغيرة والجزئيات التي تدل على حساسية عالية, وهذه الجزئيات مصدرها حياة الشاعر وبيئته وطفولته ومن ذلك: النجمة والبئر, والسقف الذي يرشح , والطفلة التي ترتدي ثوب المدرسة . وقد عبرت هذه الأشياء عند الشاعر عن الحنين إلى الماضي والحلم بواقع أفضل وإن كانت الرؤيا ترتكس نحو الماضي.
والنص أيضاً يستثمر الصلوات الكنسية, وفواتح الأناشيد الحماسية إذ يكرر كلمة سلام بين فينة وأخرى, كما أنه يتكئ في بعض الصور والتراكيب على شعر محمود درويش في مراحله الأولى..