فبرز الإبداع والإتقان من بين السطور والتفاصيل عدا الالتزام بحب الوطن و الانتماء إليه التي ظهرت عبر كافة الأعمال بالشكل المباشر وغير المباشر.
وقد تجلى عبرها الكثير من القيم الجمالية والمعاني والتي تبدأ بالتزام الطلبة ومتابعتهم لتحصيلهم وإبداعهم ولم تنته عند الانتماء كعنوان لحياتهم أينما توجهوا وكان الوطن حاضراً عبر كل الحالات.
حول مشاريع التخرج وأهم ميزاتها وتقنياتها الفنية ومضامينها كانت اللقاءات التالية والبداية مع الفنان (علي العلاف) المحاضر في كلية الفنون الجميلة فقال: كانت نسبة التخرج لهذا العام نسبة مرتفعة ولافتة بكل المعاني فجسدت الدليل على الدوام والاستمرارية والإرادة كما انضباط الطلبة الفنانين فلم يتأثر دوامهم بالأزمة بل على العكس إذ تجلى التحدي الحقيقي في المشهد ككل فكانت نسبة الدوام متميزة ونسبة التخرج أيضا كما هي جودة الأعمال الفنية التي قدمت كمشاريع تخرج حيث اتسمت بنوعية وجودة خاصة.
تعددت المواضيع المختارة من الطلاب كما هي التقنيات المتميزة التي استخدموها وهذا التميز انعكس على مشاريع التخرج وإن تفاوتت المستويات، ولابد من التذكير بأن مشروع الطالبة رغدة عيسى لفت الأنظار بكونها أولت العناية لكل التقنيات الفنية المختلفة المطلوبة في القسم إذ اتسمت بعض المشاريع ببعض نقاط التميز على حساب نقاط ضعف في تقنيات أخرى وخصوصا أن الفنان الطالب مطلوب منه أن يقدم مشروعه في كافة الألوان الفنية الموجودة في منهاج قسم الحفر بدءا من الحفر على المعدن و الخشب والحجر والرسم على الشاشة الحريرية.. وغيرها وعلى كل طالب أن يقدم تسع لوحات على الأقل وفي كل لون فني لوحتان أو أكثر وقد لفتت الاهتمام الطالبة رغدة بمشروعها كونها أولت العناية لكل الألوان الفنية على نفس الدرجة إذ لاقى إقبالا إعلاميا بالشكل الواضح.
وبالنسبة لمواضيع اللوحات يختارها الطالب بكامل حريته دون أي إلزام فكانت أغلبية الأعمال على مستوى فني راق وكان منها أيضا لوحة (الصرخة) للطالبة سارة ويعتبر لونها الفني تعبيريا أكثر مما هو واقعي ومن وحي الأزمة اختارت إحدى الطالبات أجواء مدينة دمشق و جسدتها ضمن لوحاتها بشكل عام كما اهتم طالب آخر بالريف السوري.
وما لفت النظر في كل تلك المشاريع أنها كانت ترجمة لحالة محورية استقطبت مضمون أغلبية أعمال الطلبة وهي تمجيد الانتماء للوطن ثم التعبير عنها بشكل فني وبأساليب مختلفة فأبدع الطلبة في إظهار جمالية الانتماء للوطن والتمسك بحب سورية والدعوة لمحبتها والاهتمام بكل التفاصيل الجمالية التي تتعلق بطبيعة وأرض وبيئة ومفاهيم الارتباط بوطنهم وكل طالب عبًر حسب رؤيته الفنية ومفرداته الخاصة وكانت تلك المضامين هي الأميز من ضمن المواضيع المطروحة لذلك لفتت نظر الجميع ليعطي مشروع التخرج هذا فكرة عن إرادة طلبتنا بالعمل وعن تحديهم ومحاولتهم للإبداع.
وتحدثت الطالبة رغدة عيسى عن مشاريع التخرج ومشروعها الخاص الذي لاقى الإعجاب بشكل كبير فقالت: كانت أعمال مشاريع التخرج متميزة في اتجاهات عديدة وبلور كل طالب رؤيته الفنية بأسلوبه الخاص وبالنسبة إلي تمحور مشروعي عن الإنسان والموسيقا وكيف يصبح روحاً واحدة هو وآلته عند العزف إذ حاولت اختزال حالات إنسانية واسعة من خلال لوحات فنية معبرة عن حالات وجدانية وروحانية متعددة تترجم وتتحدث عن حال الفن وتأثيره بشكل عام فكانت لوحاتي تأخذ الطابع الطولاني عن قصد للتعبير عن السمو الروحي كون الخط العمودي يشمل السمو الذي يخلقه الفن بشكل عام والموسيقا بشكل خاص وتحديداً كون الإنسان يخرج في بعض الأحيان عن الواقع من خلال ارتقائه الروحي. وقد عملت عبر مشروعي على كافة تقنيات الحفر وحاولت الترجمة لحالات إنسانية متعددة بعد اندماجها مع الموسيقا ثم الخلق لمعادل فني تشكيلي دقيق يصور كل تلك الحالات الانفعالية عبر تكثيفها فنيا ودمجها فرسمت اليدين والعضلات بانسيابية وليونة لذلك ظهرت الأوتار كأنها ترقص أيضا. وأدخلت الزخرفة حتى تعبر بدورها عن الجمالية الموسيقية.
وإن لفت مشروعي النظر فذالك بفضل أساتذتي في الكلية وقد قدموا لي النصح و الإرشاد في كل التفاصيل التي عملت عليها و كانوا معي خطوة بخطوة ولا أقولها مجاملة فالكلية خلقت لنا الجو المناسب الذي أتاح لي ولزملائي إنجاز هذه الإبداعات وخصوصا أن دراستنا و مناهجنا وجهت مواهبنا بالشكل العلمي والفني. ولابد لي من أن اشكر الجميع بدءاً من الكلية إلى الأساتذة والأهل لأنهم وقفوا إلى جانبنا وساعدونا للوصول إلى هذا المستوى الفني والإبداعي لنكون جميعنا في خدمة الوطن كل من مكانه.