وباستخدامه أسلوباً دبلوماسياً متقلباً غير معهود خلال فترة زمنية غير بعيدة,اختيار الكلمات المناسبة لإرضائهما خلال استقبال كل منهما على حدة.
وحين استقباله رئيس وزراء تل أبيب في الحادي عشر من نيسان المنصرم,أكد الرئيس بوش قائلاً (يؤكد الواقع الجديد المفروض على الأرض,أنه من غير المنطقي أن تشترط المباحثات المقبلة حول الوضع النهائي للصراع الفلسطيني -الإسرائيلي انسحاباً إسرائيلياً كاملاً إلى حدود عام 1949) ويستطرد قائلاً ( وكل اتفاق يتم التوصل إليه سيكون مبنياً على قاعدة هذا التغيير,الذي يتم الموافقة عليه باتفاق الطرفين, ويعكس هذا الواقع)
وقد أعربت إدارة الرئيس بوش تأييدها بالمحافظة على بقاء الكتل الاستيطانية الكبرى في أراضي الضفة الغربية ,ضمن إطار(الحدود المرسومة) مستقبلاً لإسرائيل .ودون شك هلل رئيس حكومة إسرائيل لهذا التطمين الأميركي وبالمقابل أثار سخط وخيبة أمل الفلسطينيين.
وفي السادس والعشرين من شهر أيار المنصرم,وفي أول زيارة له إلى الولايات المتحدة,حصل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس,خلال استقبال الرئيس بوش له على تطمين مختلف النغمة أيما اختلاف,حيث أكد له الرئيس بوش أن إجراء أي تغيير على حدود 1949 ينبغي أن تتم الموافقة عليه من قبل الطرفين,كما وينبغي أن يضمن الحل السلمي الممكن في قيام دولتين إسرائيلية وفلسطينية جنباً إلى جنب,شرط الامتداد الجغرافي الطبيعي للدولة الفلسطينية على أراضي الضفة الغربية,ولا يمكن القبول بهذا الوضع من الأراضي المبعثرة هنا وهناك..وهذا هو موقف الولايات المتحدة, ولن يتغير. ومن الطبيعي أن يهلل الفلسطينيون لمثل هذه التطمينات والتأكيدات.وقد علق أعضاء السلطة الفلسطينية بالقول: ( لم يغير الرئيس بوش من مواقفه) إلا أن تلك التصريحات لم تنطل على المعلقين والمراقبين وكتب المعلق في صحيفة الها آرتز الإسرائيلية في افتتاحيتها يقول( بعض الكلمات التي استخدمها الرئيس بوش مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني مثل عبارة (موافق عليه من الطرفين) لم تتغير,وإنما الذي تغير وتبدل هو النغمة في كلام الرئيس.أما رئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع في الكنيست يوفال ستينيتس فيعتقد أن ( خطاب الرئيس بوش يشكل هزيمة لإسرائيل).
لأول مرة منذ اشتعال الانتفاضة الثانية في عام ,2000تؤكد الادارة الأميركية,وعلى الملأ على أن (حدود عام 1949) أو ما يعرف بشكل عام (حدود عام 1967) نسبة إلى الحرب التي شنتها إسرائيل في عام 1967 في شهر حزيران,واحتلت جزءاً من الأراضي العربية,تشكل نقطة الانطلاق لأي مفاوضات تجري بين الطرفين في الأمور التي تتعلق بالجانب الحدودي للصراع.
ومبدأ الانسحاب الإسرائىلي إلى حدود عام 1967 مطلب فلسطيني ثابت منذ اتفاقيات أوسلو عام .1993
ويأمل شارون,وفي غمرة الأزمة التي تمر بها حكومته بسبب المعارضة على خطته القاضية بالانسحاب من قطاع غزة المتوقع في شهر آب المقبل, كسب الوقت,مرة أخرى.إلا أن شيمون بيريز.رئيس حزب العمل الإسرائىلي استخلص من جانبه,معنى آخر لطرح الرئيس الأميركي الأخير. إذ حسب وجهة نظره,يعني ذلك أن ( على إسرائيل الانسحاب من مستوطنات أخرى,إذ من غير المعقول أن تظل كافة المستوطنات في محلها).
وريثما يتحقق ذلك, ما زالت المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية متعطلة,وما زالت عمليات بناء(جدار الفصل) الإسرائيلي داخل أراضي الضفة الغربية,وعمليات مصادر الأراضي متواصلة على قدم وساق,بيد أن تبدل (النغمة) في واشنطن لابد وأنها مثيرة للانتباه وماعلينا إلا أن نتمنى ألا يكون ذلك موقفاً دبلوماسياً ظرفياً.