من الجيد ان مناقشاتنا فيما يتعلق بالدستور الأوروبي اتسمت بالنشاط الشديد إلا أن القضية بالنسبة لخافيير سولانا تتكىء على ثلاث مجادلات أساسية أولها طرد الأرواح الشريرة التي سيطرت على ماضينا الأوروبي, ثانيا بسط أو توسيع الفوائد الاقتصادية والتعاون السياسي عبر قارتنا, ثالثا التعامل مع عالم أقل أمنا وحدودا.
لقد خبرت أوروبا أكثر من أي منطقة اخرى في العالم الخوف والرعب الذي شهدته في القرن العشرين ولم يكن مفاجئا أبدا أن تحاول القارة المنهكة القوى من تجريب فكرة راديكالية جديدة بعد عام 1945 إن بناء منطقة أو نطاق آمن وسالم عبر دمج المؤسسات بالاضافة إلى الجهد الطوعي والتعاون المشترك لتحقيق السيادة لم يدهشنا بقدر ما أدهشنا النجاح الباهر الذي حققه هذا المشروع ويقول سولانا: علينا كأوروبيين توخي الحذر رغم أن الارواح الشريرة قد طردت إلى الأبد وإلى غير رجعة - على الأقل في أوروبا- وعلينا استغلال هذا الإنجاز وتوظيفه كحافز لنا لنخطو خطوتنا الثانية, أما الشيء الثاني الموضوعي والمنطقي للمشروع الأوروبي فهو عملية ترسيخ القارة الأوروبية. إن توسع الاتحاد الاوروبي الذي أنجز خلال السنة المنصرمة عبر ضم دول جديدة للاتحاد كان نجاحا باهرا وكان أفضل رد ممكن لنداء ودعوة التاريخ علاوة على ذلك بقيت قوة الجذب الأوروبية في الحقل إلى حد بعيد فخلال السنة المنصرمة لعبت كل من أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي دورا رئيسيا وبارزا في ضمانة حلول سلمية وديمقراطية للأزمة السياسية ويقول سولانا: نحن نسعى إلى توثيق وتمتين علاقاتنا التعاونية مع بلدان البحر الأبيض المتوسط وجنوب القوقاز.
إن هدفنا شديد الوضوح إذ إن كل البلاد التي حققت تقدما سريعا على طريق الديمقراطية وحقوق الإنسان بالاضافة إلى الإصلاحات الاقتصادية سوف تعوض بإنشاء علاقات مميزة وأشد قربا مع دول الاتحاد .ويضيف إن السبب الثالث لدعم ومساندة أوروبا هو القوة العالمية إذ إن البقاء كمتفرج على الأحداث دون التدخل أو دون المشاركة فيها والرضوخ بالوضع الراهن لم يكن و لن يكون طريقة أوروبا في التعامل أو التفاعل إذ إن مناطق مثل غزة- دار فور- اوزبكستان- وميانمار كل واحدة منها تتطلب طريقة معالجة مختلفة عن الأخرى اذ على أوروبا التفاعل مع الأحداث وبالتالي المشاركة بها وعلينا العمل معا - يضيف سولانا- اذا ليس بإمكان ولابمقدور أي دولة منا ان تحققه إذا ما عملت على حدة? خصوصا وأنه بمقدورنا منذ الآن رؤية محيط النظام العالمي الجديد مثل الهند - الصين ودول اخرى سيكون لها نصيب في لعب أدوار قيادية هامة فإذا ما رفضنا التعاون مع بعضنا البعض سيسجل المؤرخون في كتب التاريخ أن اللحظة والفرصة التاريخية للاتحاد وللتعاون الأوروبي في بدايات القرن الواحد والعشرين لمعت فيه أسماء وما لبثت أن أفلت ويؤكد سولانا قائلا: إنه هناك دعم وتشجيع منقطع النظير لخلق ودعم دور أوروبي أشد نفوذا وقوة في العالم واذا ما وافقنا جميعا على الهدف علينا اذا دعم الدستور الجديد والموافقة عليه.
أما من الناحية السياسية فإن اتحاد 25 دولة يتطلب دستورا جديدا إذ إن أول ما يقدمه الدستور هو تقدم كبير في مقدرتنا على معالجة التهديدات الأمنية القديمة منها والجديدة واذا ما أمعنا النظر في الفقرة المتعلقة بالتكافل والتضامن الموجودة في الدستور المتفق عليه فإنها تؤمن حماية أكبر من الإرهاب والكوارث سواء كانت كوارث طبيعية أو كوارث تسبب بها الإنسان, هذا بالاضافة إلى تعزيز التعاون المشترك فيما يتعلق بالدفاع المدني وتنظيم دفاع مشترك وثانيا يؤمن الدستور طريقة جديدة لاتخاذ القرارات المناسبة إذ إنه سيعين وزير خارجية للاتحاد يأخذ على عاتقه العمل كمحاور مركزي لكل الشركاء.
ولكن وبالرغم من مصادقة وموافقة سبع دول على الدستور الجديد إلا أن كلا من فرنسا وهولندا رفضتا المصادقة عليه ولنكن صادقين وصريحين فإن أوروبا لا تستطيع ولا حتى العالم يستطيع تجاهل وتحمل هذه الضربة الموجعة والمؤذية والتي وضعها سولانا ب¯ كمن يؤذي أو يطعن نفسه إلا أنها وبالرغم مما سببته من ألم وما ستسببه من أذى لم ولن تكون القاتلة.