وكنا إذا اضطررنا لأن نكذب بإخلاص من مثل :إذا صدفةً صرنا أمام مائدة طعام ونحن (جائعون)كنا من باب التعفف (نمثل) بإخلاص بأننا للتو قمنا من على (السفرة ),وكنا نرويها,نسوق (الكذبة) بصدق.
مسرحنا السوري (مديرية المسارح والموسيقا)إذا به يعلن عن إقامة (سفرة )مع بداية الموسم الحالي في منتصف 4002-وهي لا شك مثيرة ومغرية,بعودة مهرجان دمشق المسرحي الذي توقف عام 9891.وهذا عرض لا يمكن مقاومته,ومهما مثلنا الكذبة بصدق وإخلاص فإنها ستبدو مكشوفة.فشدينا الحزام,وأغلقنا الأبواب تلك التي كنا نتركها مفتوحة بالرتاج,وصرنا نحمي ,وصار المهرجان وشفنا (الدملة)كيف انفقت.?..
في الماضي الذي أعيننا -لا يزال - على مرمى منه,كنت تشوف في كل موسم مسرحي قومي ما يزيد على عشر مسرحيات بين دمشق وحلب,إن لم يكن أكثر,وكنت (تنقي )مسرحيتك,كنت تخرق القوانين,وتطالع الصدق الذي كنت تخبيه /تحتكره,وكنت تنفعل,وكنت تتعرق,وتشوف حالك كم واحد سرقك ونهبك,وكم واحد داس على راسك,وشغلك أجيراً عنده رغم أنك صاحب المعمل,وثم أكل أجرتك - أي كنت تعيش لساعة أو يزيد,بعضاً من حرية ليس للقانون أي سطوة عليها سوى سطوة وجدانك وضميرك الذي هو ضمير الأمة.اليوم صرنا (نتشنطط).فبعد أن خلص مهرجان دمشق المسرحي الثاني عشر- أي منذ 03/11/4002 وحتى الآن لم يقدم المسرح القومي سوى:سيدنا الجنرال وغوايات البهاء وشوباش, وهذه كانت قد عرضت في المهرجان - أي (انعملت )له .ومسرحية الدرس .حقيقة أنا ضيعت وما عدت أعرف أعد, كم مسرحية قدم القومي في موسمه هذا الذي شارف على الانتهاء.
أين الموسم المسرحي ?هل سنظل نشتغل على طريقة :راجع الاستعلامات ودق الباب قبل الدخول .هذا مسرح وطن,هذا مسرح أمة.وليس مسرحاً لتجار أو متعهدي حفلات -مسرح لا يبحث عن مال أو عن جاه أوسلطان .وكذلك هو ليس مسرح تسلية .هل نعود ونكرر الأخطاء ونقول:هكذا قدرنا - والقدر له ضحايا,ومن الطبيعي أن تكون ضحاياه بريئة .ياأخي نحن بطلنا-نحن نريد ضحايا من المجرمين الذين تتزين بهم التراجيديا - والذين يتخبؤون فيها,تلك التراجيديا التي كتبها يوربيدس واسخيلوس وشكسبير وهنريك إبسن ولوركا وآرتووعبد الكريم برشيد وعز الدين الحدفي وجلال خوري وبول شاوول ونجيب سرور والفرد فرج ومحمود دياب وفرحان بلبل وسعد الله ونوس وممدوح عدوان.
أين الموسم?من يعطله?..من يتسلى بنا,من يحولنا إلى أعدائه ,من يضحي بنا???.
يوربيدس في مسرحيته (أفجينيا في أو ليس) دفع أجاممنون لأن يضحي بابنته من أجل النصر,مثلما دفع يفتاح لأن يضحي بابنته فرحاً بهذا النصر.إلا أنه في مسرحيته التالية (أفجينيا في تاورس) وكأنه شعر بالذنب - شعر أنه ارتكب جريمة أخلاقية,فدفع (أثينا) إلهة الحكمة لأن تضحي بالحيوان بدل الإنسان في الاحتفالات الدينية أو الوطنية .لكنه أبداً لم ينوه - طبعاً يوربيدس - فيما إذا كان بالإمكان أن تسمح الآلهة ببيع لحم الحيوان,لحم الأضاحي بدل توزيعه بصفته لحم قرابين.
أين الموسم المسرحي الذي يقوي إحساسنا بالحياة,المسرح الذي يمسك قضايا تخص شأننا,تخص أمننا القومي :من تلويث البيئة إلى تلويث الثقافة .