وتركه حراً طليقاً لمجرد عدم القبض عليه خلال الثواني أو الدقائق الأولى من وقوع الفعل الجرمي (أي بالجرم المشهود)، لا بل العكس، فهي تحتم تعقب آثار المجرم أينما كان، وفي أي وقت كان طالما أن العقوبة لم يسقط بالتقادم (القصير أو الطويل).
هذا يقودنا إلى أسواقنا الداخلية وتحديداً في المدن التي باتت مولاتها ومحالها ودكاكينها وحتى أرصفتها تغص بالمواد المهربة التي ارتفع منسوب تدفقها وبشكل كبير مؤخراً (نتيجة ظروف الأزمة وتضاعف عدد تجار الأزمات) ولاسيما بعد تحييد عن الرقابة الجمركية، لا بل نقلها من داخل إلى خارج المدن التي بات قسم كبير من تجار أزماتها يجاهرون أن بضائعهم المهربة هي (أوروبية المصدر أو تركية المنشأ)، كيف لا وهم مطمئنون أن يد الجمارك لن تطول ليس فقط بضائعهم المعروضة بل المكدسة منها وبكميات كبيرة داخل الأقبية والمستودعات التي تم تجهيزها واستئجارها (جلها داخل الأحياء السكنية) لهذا الغرض.
طبعاً كل ذلك، لمجرد أن البعض ممن يطلقون على أنفسهم اسم التجار، انخدش شعورهم وتشوهت أبصارهم واضطربت نفسيتهم التي عانت الضيق والإحساس بالسلبية لمجرد رؤيتهم العناصر المكلفة بتقفي أثر كل مادة مهربة ومصادرتها وتنظيم الضبط اللازم أصولاً والغرامة المستوجبة قانوناً، لحظة دخولهم إلى أحد المحال في أحد الأسواق، كيف لا وهم وإن لم يكونوا فاعلين فهم شركاء أو متواطئون مع من لا يرف له جفن سواء تضرر جاره أو زميله في السوق أو أصاب صناعتنا الوطنية السوء والأذى، أو تعرضت خزينتنا العامة للدولة وتحديداً بند إيراداتها للنزف، لكون المهم والأهم لهم هو الكسب بغض النظر عن نوعه (مشروعاً كان أو غير مشروع).
واعتبار أن المنتفعين والمنتهزين والمتسلقين والمتصيدين هم حفنة قليلة جداً مقارنة مع المتضررين سواءً الذين يستوردون وفق القنوات الرسمية الأصولية أم الذين يعتمدون وبشكل رئيس على المنتج الوطني، فإن من المنطقي لا بل من واجب صاحبة الشأن نسف هذا القرار فوراً، لأن ما صنع في سورية أهم بملايين المرات مما هرِّب إليها.