خاصة مع ضياع البوصلة الاميركية بعد نصر البوكمال والتقدم المستمر للجيش العربي السوري على أكثر من محور، مادفع بواشنطن وحلفائها إلى إعادة خلط الأوراق من جديد عبر محاولة تجميع المشتت من ادواتها عبر ما سمته مؤتمر «الرياض2» والتي رغم كل التهليل بها لم تستقر على موقف واحد كون كل طرف ممول يحاول سحبها الى جانبه، ومع الهزائم المتلاحقة للارهاب الذي خسر الكثير من دعم مشغليه بدأت بعض اطرافه بالتسول لإعادة التمويل الأمر الذي أجبر واشنطن أيضاً على التفاوض من تحت الطاولة مع الروسي.
التصعيد الكبير للتنظيمات الارهابية في دمشق وحمص عبر استهداف المدنيين بالقذائف كان خلفه عدم رغبة للاعتراف بالهزيمة الساحقة التي مني بها داعمو الارهاب على امتداد الجغرافيا السورية، فيما كان السبب الابرز بالتصعيد على دمشق فشل المصالحة التي كان من المفترض عقدها في حرستا حيث اعلنت مصادر ميدانية عن تراجع وتجميد للمصالحة بعد ان كانت في مراحلها الاخيرة، بسبب عدم القدرة على فصل ملف المصالحة عن باقي مناطق الغوطة، فيما كانت الإشكالية الثانية ربط المصالحة بفتح المدخل الجنوبي لطريق دمشق، أي إن اختبار هذه التنظيمات فشل في الهدن المؤقتة ووفقاً للتحليلات فإن فترة الاختبار إن لم تتحول إلى مصالحة حقيقية فهي «فاشلة بكل الأحوال»، وما هي إلا تأكيد على أن هذه الفصائل لم تكن جادة في تعهدها بوقف الاعتداءات.
تأتي هذه الاعتداءات والجرائم في الوقت الذي توجهت فيه بعض التنظيمات الارهابية في الجنوب الى التسول بعد قطع غرفة «الموك» السوداء التمويل عنها، حيث نقلت بعض المواقع التابعة لهذه التنظيمات أن هذه الحملة تأتي بعد أيام من تخفيض غرفة «الموك» دعم الارهابيين، بالمقابل ذهبت الاردن بانفصامها السياسي وتذبذبها المستمر الى اعادة دعم تنظيمات ارهابية على حدودها عن طريق محاولة توحيدها في جبهة واحدة، حيث أعلنت تنظيمات ارهابية تضم 19 فصيلًاً ارهابياً عن نيتها التوحد في مسمى واحد، في ظل اطلاق بعض الاطراف الاردنية لتصريحات قد تندم عليها لاحقاً والتي تؤكد تخوفها من النوايا الاميركية تجاه سورية، أي أنها بررت دعمها لهذه التنظيمات بكونه قراراً يخص الاردن وحدها الا أن المصدر عاد وصرح بأن مسألة الحدود مع سورية على حد قوله لا يقع ضمن اختصاصات الحكومة وإنما من اختصاصات دائرة امنية ضيقة! لا نعلم إن كانت تعني بها « اسرائيل» أو واشنطن بكلتا الحالتين ستفرج الايام القليلة القادمة عما في الادراج التآمرية للأردن وأسيادها، والتي تلفظ آخر مخططاتها عبر محاولة تجميع من تبقى من « معارضة» في قوقعة واحدة ضمن «الرياض2»علها تغطي بعضاً من خساراتها الكبيرة/ لكنه يبقى كما يقال «عشم ابليس في الجنة» فبعض المنصات المشاركة في المؤتمر المزعوم لم تتفق قبل بدئها على الاوراق التي ستناقشها بل اختلفت بعض المنصات بالقضايا التي طالبت بها حيث ثبتت بعض المنصات على موقفها ورفضت تغيير مواقفها في حين رفضت جهات اخرى مشاركة ماتنادي به هذه المنصات لكونها تتعارض مع اهدافهم ومصالحهم والأوامر التي تلقتها من مشغليها.
كل ما يجري لم يمنع روسيا من التفاؤل بالحلول السياسية في ظل القضاء الكبير على الارهاب الامر الي دفعها بدعوة الدول الضامنة في آستنة الى بحث اتجاهات الوضع السياسي العسكري بعد ان أثبت اتفاق خفض التوتر قدرته على خفض اطلاق النار بعيداً عن كل الاختراقات، فالجيش السوري استمر بكنس ما تبقى من ارهاب وتعبيد الطرق بالنصر ليطرد فلول «داعش» المتبقية من جيوب البوكمال وسيطر على قريتي حران وحردانة شمال شرق مدينة حماة، بعد طرد بقايا تنظيم «جبهة النصرة» الارهابي والمجموعات المنضوية تحت زعامته، كما استعاد السيطرة على عدد من التلال الاستراتيجية والحاكمة في منطقة سهل حينة وكفر حور وبيت تيما بريف دمشق الجنوبي الغربي المتاخم لريف القنيطرة.
وفي سياق آخر تستعد قوات «قسد» المدعومة من الولايات المتحدة الأميريكة الى إعادة تسليم بعض المناطق التي استولت عليها ومنها منبج، فبعد أسبوع من الاحتجاجات من الاهالي ضد «قسد» تحدثت مصادر ميدانية عن قيام عملية تسليم المنطقة باتفاق توسطت فيه روسيا، يشمل نحو خمس قرى واقعة على خط المواجهة مع قوات «درع الفرات» المدعومة من تركيا، الامر الذي دفع بالاهالي مجدداً الى الخروج ووفقاً للمصادر بمسيرات دعماً لعودة الحياة الى طبيعتها بوجود الدولة السورية بعيداً عن كل الفصائل والأطراف التي حاولت طمس الحياة بالإرهاب.