تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الخطر في السعادة... على متن رسائل إيلوار إلى جالا

ثقافة
الأحد 25/9/2005
لينا هويان الحسن

(هل كان ليحتمل الحياة أو ليحتمل أن يكون إنساناً, لو أن الانسان لم يكن شاعراً محللاً للأسرار?)

(إن الحياة تقول لمن يشكو وهي تتحكم فيه بغمزة من عينيها: إنك عاشقي فانتظرني لحظة لأتفرغ لك)‏

أيضاً ثمة حقيقة مقلقة ومتطلبة:‏

(إننا ننمو مثل الأشجار, مثل كل ما هو حي -هذا ما يستعصي على الفهم- ولسنا ننمو في مكان واحد فقط, لكن في كل مكان لا في اتجاه واحد بل بقدر ما ننمو الى الأعلى, الى الخارج, ننمو الى الداخل والأسفل), الافراط بالبوح يستدعي الافراط بالاعتراف والتوقيع المر في أسفل وجع مدجج بأكثر من استفهام... ربما الشعراء وحدهم يجرؤون على هذه (العملة)...‏

فالروائيون مثلاً... يفعلون ذلك وهم متوارون خلف شخصياتهم المستنبطة من جراحهم المخبأة بإتقان...‏

لهذا امتلكت الكلمة دائماً فضيلة شافية بشأن الحلم... وكتابة الرسائل وسيلة حسنة للخلط بين ما يتقدم ويتأخر من سوء فهم ضاع وضوحه بين سديم ماضٍ كان وحاضر يتبخر بخبث... هذا ما حدث بالضبط مع بول إيلوار أحد أشهر شعراء القرن العشرين وأجمل شعراء الحب....‏

كان قدره أن يدخل في منافسة لم تكن لصالحه أو عادلة مع سلفادور دالي على حبيبة واحدة -شهيرة- هي (جالا)...‏

كالعادة في عادة الزمن المفضلة في النبش فقد نشرت دار غاليمار الفرنسية حديثاً رسائل متبادلة بين كل من بول إيلوار وجالا زوجته السابقة وحبيبته الأزلية وزوجة صديق لدود شرس هو سلفادور دالي...‏

وقد تم اختيار بعض قصائد إيلوار الى جالا ورسائلهما المتبادلة في الكتاب الصادر عن دار الفارابي-بيروت (بول إيلوار-قصائد حب) من اختيار وتقديم عصام محفوظ...‏

رغم الاجحاف الواضح بحق القارىء العربي عندما يعمد المترجمون الى تقديم أنصاف الحقائق وفق ذوقهم بالانتقاء وحرماننا من الاطلاع الكامل على الرسائل. استطاع الكتاب تقديم شذرة معقولة في إعطاء فكرة عن حالة الشغف الغريبة التي استمرت بين زوجين عاشقين رغم انفصالهما وزواج كل منهما بآخر... فبرغم العواصف والفراق والخلاف, وربما بسبب هذا كله, كانت ثمة علاقة فريدة في استثنائيتها على أكثر من صعيد سواء الصعيد الانساني أم الصعيد الأدبي...‏

(جالا)?!‏

هي امرأة سيطرت على أهم كتاب وفناني الحركة السوريالية منهم أندريه بروتون, ماكس أرنست وتطلقت من إيلوار لتقترن بدالي حتى نهاية عمرها, تم اكتشاف تفاصيل الحب بين إيلوار وجالا باكتشاف رسائل إيلوار إليها بعد وفاتها 1982 وكانت خبأتها ثلاثين عاماً منذ وفاة إيلوار عام 1952 عند ابنتهما سيسيل.‏

بدأت حكايتها عندما يحدث وأن يتعرف شاب اسمه بول أوجين غريندل (سيعرف فيما بعد دبول إيلوار) الى فتاة روسية هي هيلانة ديمتريفنا دياكونوفا والتي ستحمل حتى وفاتها اسم (جالا) كما أطلقه بول عليها...‏

كان ذلك في مصح للأمراض الصدرية في مدينة كلافاديل في فرنسا 1912 وكانا يتعالجان من إصابة بالسل وكان آنذاك في عمر واحد في السابعة عشرة.‏

وكان شفاؤهما. وتعود هي الى روسيا وينخرط هو في الجيش مع بداية الحرب العالمية الأولى, وقبل أن تنتهي الحرب تلتقي مجدداً ببول, وتقيم في بيت أهله الذي كان يزوره كلما سنحت له الفرص, ثم يتزوجان في نهاية الحرب 1917 ويرزقان ابنتهما الوحيدة سيسيل في العام التالي.‏

وكما تقول هي في إحدى رسائلهما كانا من طينة واحدة, وهذا ما سوف يجمعهما, فهي امرأة فريدة بين النساء كما تقول عن نفسها, وهو فريد بين الرجال كما تقول عنه.‏

عاشا حياة فريدة أيضاً, بتواصلهما أم بفراقهما ودون أن تنطفىء في الحالين جذوة حبهما.‏

رسائله إليها?!‏

رسائله لم تبدأ إلا بعد بداية الفراق, ففي أولى رسائله يشرح المعركة مع الرسام ماكس إرنست في بيت أندريه بروتون حين كانت هي مسافرة:(لقد تجرأ وضربني الخنزير ماكس وتورمت عيني, وما عاد في استطاعتي أن أخرج في الشارع ليس الأمر مهماً, لكنني, إذ سكت عنه ولم أنتقم منه فلأنني فكرت فيك. لا تخونيني... كنت أريد أن أقتله إلا أنني أدركت أن هذا سوف يسبب العذاب لك).‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية