|
استبعد تأثيره على الخزينة وارتفاع الأسعار..الصابوني (للثورة): تحرير قطاع الاتصالات ليس جديداً.. وسنحتفظ ببعض الاحتكار.. لكن ليس للأبد اقتصاد لكن ليس إلى الأبد, مشيراً إلى أنها ستضع الهاتف الثابت والبنى التحتية لقاعدة الاتصالات في نهاية جدول تحرير القطاع.
وقال الصابوني في لقاء مع (الثورة) إن اتجاه الحكومة يسير إلى تحرير قطاع الاتصالات (وليس تخصيصه) بعد احتكار دام أكثر من أربعة عقود, لافتاً في الوقت نفسه إلى أن التحرير ليس جديداً بل طال خدمات متعددة, ولدينا عشر سنوات للبحث عن تحرير القطاع بكامله, مستبعداً أي تأثير للتحرير على موارد الدولة. وأشار إلى أن المؤسسة تستعد للانتقال من مظلة المؤسسات العامة إلى مظلة قانون التجارة, مؤكداً أن التخلص من بعض الآليات المبطنة للاستثمار يؤكد على الانطلاقة الحقيقية لقطاع الاتصالات. وهنا نص اللقاء: * طرح أخيراً موضوع تحرير قطاع الاتصالات, هل يعني ذلك تعدد اللاعبين المنافسين بعد احتكار دام لأكثر من أربعة عقود? ** لا شك أن مفهومي التحرير والتخصيص مختلفان تماماً, فتحرير قطاع ما يختلف كلياً عن ما يسمى تخصيصاً أو خصخصة القطاع. الخصخصة هي تحويل الملكية من القطاع العام إلى الخاص, بمعنى إذا كان هناك مؤسسة معنية مملوكة في إطارها العام للدولة وتدار وفق آلياتها يمكن لتلك المؤسسة أن تتحول إلى شركة مساهمة يباع جزء من رأسمالها أو أسهمها, وتجد صيغة معينة للملكية أو تنتقل الملكية بالكامل إلى القطاع الخاص, هذه الخصخصة غير مطروحة اليوم في قطاع الاتصالات, أما التحرير فهو شيء آخر, ويعني بالدرجة الأولى كسر الاحتكار, أي احتمال وجود لاعب وحيد أو أكثر من لاعب أو يسمح بدخول منافسين آخرين إلى قطاع معين مع إبقاء اللاعب الأول من حيث المبدأ كما هو أو إجراء بعض التغييرات في بنيته الاقتصادية والهيكلية. غير أن الحديث يدور اليوم عن التحرير وعن المدة الزمنية لتنفيذه والسير في هذا الطريق, وأعتقد أن هذا الموضوع فهم خطأ, أولاً لأن تحرير قطاع الاتصالات بدأ منذ مباشرة شركات الخليوي العمل إلى جانب المؤسسة العامة للاتصالات بالرغم من أن هذه الشركات غير ممنوحة رخصاً بل تعمل بنظام BOT (التنفيذ.. التشغيل ثم نقل الملكية) لكن يسمح لها بالاستثمار وتقديم الخدمات, واعتماد سياسة اقتصادية خاصة بها, كما أنها تتنافس فيما بينها على الخدمة المقدمة, والتغطية الجغرافية والخدمات المضافة, وهي بدورها تتنافس مع مؤسسة الاتصالات في مجالات خدمة الزبائن. إذاً اليوم شركات الخليوي تتنافس, والتحرير موجود في هذا الجانب, أيضاً شمل التحرير الانترنت, فبالإضافة إلى مزودخدمة الانترنت في المؤسسة, هناك مزود الجمعية السورية للمعلوماتية, ونحن الآن بصدد دخول مزود خدمة ثالث حيث تم الترخيص له مؤخراً, فضلاً عن سبعة طلبات قيد المعالجة ستدخل تباعاً وستقدم خدمات المعطيات. أما فيما يخص الخدمات الذكية, فهي أيضاً محررة بمعنى أننا نسمح بناء على منصات تكنولوجية إمكانية تقديم الخدمات لأشخاص آخرين, وفي النتيجة فإن التحرير موجود من حيث المبدأ في قطاع عريض مثل قطاع الاتصالات الذي يمتد من الطرف الأول بخدمة الاتصالات الهاتفية القاعدية, ويصل إلى الطرف الثاني الذي يغطي كل الخدمات الالكترونية. ولكن ما أحاول قوله: وبما أن التحرير ليس منتظماً على عرض القطاع بكامله إننا نستطيع أن نقسم القطاع إلى قطاعات جزئية نحتفظ لبعضها بالاحتكار أو الحصر خلال فترة زمنية معينة, بينما نعمل على تحرير أنماط أخرى من الخدمات. * لكن هل تسمح الاستحقاقات العالمية اليوم بالاحتفاظ بالحصر أو الاحتكار لو لفترة معينة? ** نعم.. هناك الاستحقاقات العالمية التي يجب أن تؤخذ بالاعتبار, فسورية اليوم في قيد المفاوضة على اتفاقية الشراكة الأوروبية وقيد المفاوضات على السوق العربية الحرة, واتفاقية التجارة العالمية التي ستفرض تحرير قطاع الخدمات ككل, ليس فقط قطاع الاتصالات. وإذا نظرنا إلى اتفاقية الشراكة, نجد أنها تلزم سورية بضرورة اعتماد جدول التزامات لتحرير القطاع بدءاً من التوقيع, علماً أن هذا التحرير يجب أن يتم خلال ست سنوات بعد تصديق الاتفاقية في برلمانات الدول الأوروبية, فعملياً لدينا عشر سنوات للبحث عن تحرير القطاع بكامله, وهي مسافة زمنية طويلة جداً بالنسبة لتطور قطاع الاتصالات, لكن الشيء الأساسي الذي يجب أن نباشر به الآن هو إتمام الجدول المعتمد للتحرير حيث بدأنا بالخلوي, ووضعنا تزويد خدمات الانترنت, وخدمات ذات القيمة المضافة, ثم نستكمل تحرير باقي الخدمات, والقائمة طويلة جداً وتتضمن الاتصالات الدولية, استخدام شبكة المشتركين لتقديم خدمات أخرى مثل الحزمة العريضة على الانترنت إضافة إلى الهاتف الثابت, والبنى التحتية لقطاع الاتصالات بكاملها. * إذاً الشراكة الأوروبية تلزمنا بتحرير كامل القطاع خلال ست سنوات? ** الشراكة تلزمنا بتحرير القطاع خلال ست سنوات من تاريخ تصديق الاتفاقية, وليس من تاريخ توقيع الاتفاقية, الشيء الذي يمنحنا عشر سنوات من الآن, وأعتقد أنها حدود قصوى, غير أننا سنلتحق في وقت من الأوقات بمنظمة التجارة العالمية التي من الممكن أن تفرض علينا تحرير القطاع حتى إذا كنا على قناعة بعدم ضرورة تحريره. وفي واقع الأمر فإن تحرير القطاع إذ نفذ بصيغة سليمة وبناء على تخطيط مسبق ومتفق عليه من قبل الأطراف المعنية سيؤدي ذلك إلى نمو اقتصادي كبير, وزيادة في جودة الخدمات, وبالتالي سيستفيد الاقتصاد السوري ككل من عملية التحرير. * وأين دور الدولة والشركات المملوكة من الدولة في هذا التحرير? ** عندما يتحرر القطاع ويدخل فيه أكثر من لاعب لابد من إيجاد منظم لهذه العملية, ينظر إلى جميع اللاعبين الموجودين في هذا القطاع بلحظة معينة, ويضمن تحقيق التشريعات القانونية كأنماط الترخيص, والشروط الموجودة فيه ,وجودة الخدمات ومصلحة المشتركين. فمثلاً إذا توفر لاعبون مشتركون من الحكومة ومن القطاع الخاص, فإن لاعبي القطاع الخاص سيتجهون إلى المناطق التي توفر لهم الربحية والجدوى الاقتصادية, هنا يبرز دور المنظم الذي يفرض على الشركات تقديم الخدمة في جميع الأماكن المأهولة وإن لم تحقق عائدية اقتصادية. كما يناط بمهمة المنظم ضمان المنافسة العادلة بين الشركات, كأن لا يسمح لإحدى الشركات تقديم خدمة لا تمتلكها غيرها من الشركات المنافسة, فضلاً عن توزيع الموارد الشحيحة (مثل الترددات) بشكل عادل على الجهات التي تحاول الاستفادة منها والحفاظ على حقوق المشتركين. * لكن كيف ستضمن الدولة مواردها بعد إدخال عدد من المشغلين المختلفين في القطاع? ** من حيث المبدأ فإن فكرة تحرير القطاع تنطلق من أن الاتصالات هي مورد من موارد الدولة, فاستخدام الترددات في الأراضي الإقليمية أو في الأجواء السورية أو البحار, يعني استخدام موارد للدولة, وعندما تسمح الدولة لغيرها باستخدام هذا المورد, فإنها تقوم بذلك مقابل مورد تأتيها مباشرة من السماح للمشغلين أو اللاعبين في تقديم خدمة الاتصالات, لكن يجب أن لا ننسى أن توجه الاقتصاد السوري نحو اقتصاد السوق الاجتماعي, وعملياً فإن وجود تلك الشركات هي بالنتيجة مولدة للثروة, والثروة تصب بالاقتصاد الوطني بمعزل إن كانت من قبل مؤسسات مملوكة للدولة أو مؤسسات القطاع الخاص فالهدف في النهاية هو تحريك الاقتصاد بمشاركة القطاع الخاص, واللاعب التقليدي (مؤسسة الاتصالات). أما النقطة الثانية هي أن مؤسسة الاتصالات مؤسسة مملوكة من قبل الحكومة, ووضعت عليها استثمارات كبيرة خلال السنوات العشر الماضية, ولابد من ضمان عائدية الاستثمارات على المدى المتوسط. وفي الواقع يشهد العالم ردة عن أفكار الخصخصة التي كانت موجودة بقوة منذ حوالى عشر سنوات, وراهن الجميع على انطلاقتها, وبعد تقييم التجربة تبين أن الخصخصة ليست بالضرورة الحل السحري للمشكلة, بينما توجهنا يسير اليوم نحو الاحتفاظ بملكية الدولة على جزء من القطاع بما يحقق عائدية الاستثمارات الموضوعة سابقاً, على أن تكون هذه الجهة قادرة على اللعب مع الآخرين وفق قواعد اللعبة بحيث لا تنتقل من وضع احتكاري إلى وضع لا تسمح مرونتها المنافسة بذات الآليات, ومثلاً إذا أخذنا قطاعاً جزئياً من قطاع الاتصالات كالانترنت أو خدمات المعطيات, كي لا أتكلم عن الهاتف الثابت فقط الذي سيبقى غير محرر في المرحلة القادمة على الأقل.. * المرحلة القادمة هي المدة التي حددتها الشراكة للتحرير الكامل? ** عشر سنوات كحد أقصى, غير أننا نضع الاتصالات الدولية والبنى التحتية (الهاتف الثابت) في نهاية قائمة أولويات التحرير.. * بسبب الجانب الاجتماعي? ** لأكثر من سبب.. الأول هو تماماً ما أشرت إليه, فالهاتف الثابت يحتاج إلى استثمارات كبيرة, ومردودها غير مباشر, وبالتالي على الدولة من حيث وظيفتها الاهتمام بالجانب الاجتماعي, أما السبب الثاني هو ضرورة التأكد من عودة تلك الاستثمارات علماً أن تحرير هذا الجانب من قطاع الاتصالات ليس مرغوباً من قبل الشركات الخاصة اليوم التي تتجه نحو الخلوي, والمعطيات ,الخدمات ذات القيمة المضافة والصوت عبر الانترنت والاتصالات الدولية وغيرها. * وبالعودة إلى آليات المنافسة ماذا أردت القول? ** نعم.. إذا أخذنا قطاعاً جزئياً من الاتصالات كقطاع الانترنت أو خدمات المعطيات فإن استمرار تقديم هذه الخدمة بنفس الآليات التي يقدمها الآخرون ستتحول المؤسسة من رابح إلى خاسر باعتبار أنها كانت محتكرة وتستفيد من احتكارها بفرض أشياء على المشتركين. فالآليات العملية (التعاقد.. الرواتب.. الحوافز وغيرها) كانت مخبأة, واليوم إذا فتحت هذه الآليات أمام شركات قادرة على الاستثمار بشكل أسرع ولديها حوافز أكبر وقادرة على جذب الخبرات والمحافظة عليها, سيسهم ذلك في هروب كافة الخبرات والمؤهلات فضلاً عن أن آليات التعاقد البطيئة سوف تضع المؤسسة في مؤخرة المنافسين من حيث تقديم خدمات تكنولوجية متطورة. * هل ذلك يفرض الانتقال بالمؤسسة إلى شركة تجارية قادرة على تبني الآليات المناسبة التي يتطلبها السوق? ** تماماً.. التحول من مظلة المؤسسات العامة -إذا أردت أن نتكلم بصيغة قانونية- إلى مظلة قانون التجارة, وفي هذه الحالة لا شيء يمنع على الإطلاق أن تكون الدولة مالكة لجميع أسهم الشركة أو جزء من أسهمها, أو أن تكون المساهم الوحيد في شركة تخضع لقانون التجارة. إذاً الفكرة الأساسية في أن تتحول المؤسسة إلى شركة تجارية وتتحول الدولة إلى مالك, وتتحمل مهام الشركة من منطلق الملكية وتفرض على إدارة الشركة نوعاً من العقود, وتتعامل بموجبه مع الدول من منطلق الربح والخسارة, وتكون ملزمة بدفع الضرائب كضريبة الدخل. فإذا قسنا ضرائب الدخل التي تقدمها هذه الشركة كشركة تجارية بالإضافة إلى الأرباح التي يمكن أن تجنيها وتقدمها لمالكها الأساسي -الدولة- نجد أن الموارد التي تحصل عليها الدولة تبقى كما هي إذا لم تزد.. وما حصل في العالم يؤكد أنه ستكون هناك زيادة كبيرة في الموارد لأن التخلص من بعض الآليات المبطنة للاستثمار يؤكد الانطلاقة الحقيقية للأمام. * ما زالت الشريحة الأوسع من المواطنين بانتظار مشروع (العناية بالزبائن) الذي وصفتموه بالنقلة النوعية على صعيد علاقة المؤسسة مع الزبائن, متى سنلمس هذه النوعية? ** مشروع (العناية بالزبائن) ظاهرة عقد موقع من شركة, لكن ما وراء العقد هو نقلة كاملة لأساليب وطبيعة تقديم الخدمة في المؤسسة يفصل تماماً ما بين الشق الفني الذي يشمل المقاسم والتجهيزات, وما بين الشق الزبائني ويتضمن خدمات المشتركين, إذاً تسود في أذهان الناس فكرة أن المقسم هو مركز هاتفي بينما يخص بالدرجة الأولى المؤسسة, ولا علاقة فيه للمواطن ما عدا كونه مركز خدمات المواطنين, والمكان الذي يرتاده لإنجاز كل المعاملات التي يحتاج لها من عقود وشكاوى وفوترة. وسيحقق المشروع إعادة هندسة إجراءات العمل, إذ سيبدأ تنفيذ الهيكل الجديد نهاية العام وبداية العام القادم... * أين هو الآن? ** أحيل عقد المشروع على شركة ذات سمعة عالمية بعد منافسة حادة وتصدق وبدء أمر المباشرة, ويتكون من ثلاث موجات, الموجة الأولى تشمل مناطق الخدمة الكبيرة ومن ضمنها دمشق, والموجة الثانية تشمل مناطق مختلفة, إذا لدينا ثلاث سنوات من التنفيذ, لكننا سنلمس تغييراً كبيراً في معظم المناطق التي تضم عدداً كبيراً من المشتركين في نهاية السنة الأولى. * بعد عام من قرار تعديل الرسوم الداخلية لصالح الخارجية, ما تأثير القرار على إيرادات المؤسسة, وهل كان القرار صائباً? ** دعمنا في الماضي المكالمات الداخلية على حساب الخارجية لسببين الأول مراعاة الجانب الاجتماعي والتنموي, والسبب الآخر هو أن ارتفاع أسعار المكالمات الدولية كان يرفد خزينة الدولة بمورد إضافي من القطع الأجنبي, علماً أن 80 % من المواطنين لم يتأثروا بارتفاع سعر المكالمة الداخلية بسبب مضاعفة المكالمات المجانية, وتبين من خلال الدراسة التقييمية بعد عام من تنفيذ القرار زيادة الإيرادات على المكالمات المحلية خصوصاً إذا أخذنا زيادة عدد المشتركين بالاعتبار , وفي مقابل ذلك حققت المكالمات الدولية ارتياحاً كبيراً بين العائلات الموزعة في المحافظات. * ما المشاريع التي تعمل عليها المؤسسة أخيراً? ** هناك مشروع الريف الثالث بأربعة أو خمسة أجزاء بصدد الإحالة على العارضين قبل نهاية العام, ويستهدف 4500 موقع في سورية, ويدخل ضمن ما يسمى الخدمة الشعبية.. إضافة إلى مشروع المليون خط هاتف جديد, حيث أعلنت أجزاء من المرحلة الأولى وسيتم التنفيذ نهاية العام القادم, ويتضمن استبدال آخر المقاسم القديمة مع بداية العام القادم, فضلاً عن مشاريع أخرى تستهدف توسيع شبكة المعطيات ( إدخال الخدمة العريضة) علماً أن لدينا 3500 مشترك بالخدمة العريضة, وسيكون المشروع خاضعاً للمنافسة. ما أريد قوله أخيراً: إن المؤسسة نجحت من الناحية الفنية نجاحاً كبيراً في نشر خدماتها رغم الصعوبات القانونية والبشرية, لكنها تعاني من مشكلة كبيرة فيما يخص خدمات المشتركين, فالتعامل مع الزبون ما زال بالمستوى غير اللائق نتيجة عقلية الاحتكار الموجودة أو بسبب طبيعة الموظف العامل.. ما ساهم في انتشار الفساد على مستوى العلاقة مع الزبائن, وخلق سوق سوداء كالموجودة مثلاً في ريف دمشق التي تتسم بتأخير الخدمة لأسباب عقدية بحتة ذات علاقة بالنمو السكاني غير المخطط, ونأمل أن تنتهي لائحة الانتظار العريضة مع بداية ال¯ .2007
|