تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السلام أولاً

ها آرتس
ترجمة
الاربعاء 17/1/2007
ترجمة ليندا سكوتي

لاشك بأن الجميع راغب بتحقيق السلام,لكن المعضلة الرئيسة التي تواجهنا هي النظر إليه كنتيجة يمكن التوصل إليها

عبر تحقيق الديمقراطية والأمن والتنمية الاقتصادية,لكن الواقع يدعونا للنظر إلى السلام بشكل مستقل عن تلك المقومات وأن يشكل حافزا لتحقيق كل واحدة منها أو مجملها.‏

يرى البعض ومنهم الرئيس الأمريكي جورج بوش,أن تنفيذ الديمقراطية يعتبر الشرط الرئيس لتحقيق السلام,ويستند في مقولته تلك على فكرة تقول( إذا كان الشعب حرا فإنه سيختار طريق السلام حتما).‏

في كل الأحوال,فقد أثبت الواقع أن تلك المقولة تنقصها الدقة ويكتنفها الخطأ,حيث نرى أن إدارة بوش تدعي بإنشائها أنظمة ديمقراطية في كل من أفغانستان والعراق,لكن كل ماتحقق فعلا على أرض الواقع هو انتشار الإرهاب في هذين البلدين بشكل لم يسبق له مثيل.‏

لقد جرت انتخابات حرة للفلسطينيين لكننا لم نستطع التوصل معهم إلى أي مباحثات لتحقيق السلام,وذلك خلافا لمقولة بوش,لكن من دواعي الاستغراب أن نشاهد حالات من السلام قد تحققت مع دول أخرى لم تجر لديها انتخابات حرة وسليمة.‏

أما في البلدان التي جرت بها انتخابات مثل (العراق وأفغانستان ) فقط لوحظ أن الإرهاب قد استشرى بها أكثر من غيرها.‏

إزاء هذا الواقع نجد أن النظرية التي تقوم على أساس تطبيق الديمقراطية قبل تحقيق السلام أمر لاينسجم مع الواقع الفعلي القائم حاليا.‏

يرى الكثير من الشعب الاسرائيلي ضرورة تحقيق الأمن كشرط أساسي للدخول في مباحثات السلام ( أي أن يسبق الأمن موضوع السلام) لكن الواقع أيضا يفند تلك المقولة إذ نلاحظ أن السعي لتحقيق السلام عبر القيام بأمن نسبي مع كل من لبنان والسلطة الفلسطينية لم يقدنا إلى تحقيق السلام أو مجرد السير في طريقه.‏

ومن ناحية أخرى يلاحظ أن اتفاقية السلام التي أبرمت مع مصر قد جاءت بعد حرب يوم الغفران في الوقت الذي كان هناك توتر أمني بين البلدين,وبذلك فقد تحقق السلام بعد الحرب التي حدثت بين المصريين والاسرائيليين,وقد تبين بأنه منذ توقيع اتفاقية بين مصر واسرائيل,لم يقتل أي جندي اسرائيلي على الحدود بين البلدين,الأمر الذي يؤكد بطلان النظرية التي تقول بأن الأمن يجب أن يسبق السلام .‏

يزعم بعض الاسرائيليين أن العامل الاقتصادي ذو أثر هام في تحقيق السلام ويؤكد آخرون أن التنمية الاقتصادية ستشكل السبيل إلى تحقيقه,وعلى الرغم من منطقية تلك المقولة في هذه النظرية فإنه من الصعوبة بمكان تطبيقها لأن التنمية الاقتصادية لايمكن أن تأخذ مسارها للتنفيذ دون تحقيق الشروط المناسبة للسلام إذ إنه عندما يحدث صراع في منطقة ما فإن هذا الوضع يقود إلى عدم حدوث تعاون اقليمي من جهة,ومن جهة أخرى فإنه سيحول دون قيام المنظمات الاقتصادية الدولية والعامة بالاستثمار في مناطق النزاع,وإزاء ذلك فإن النظرية التي تقول بأن التنمية الاقتصادية يجب أن تأخذ المقام الأول قبل تحقيق السلام هي عديمة الجدوى ويتعذر تطبيقها في أرض الواقع.‏

النظرة التكاملية‏

ما النتائج التي ينبغي لنا التوصل إليها?‏

يتضح مما سبق ذكره بأن السعي لتحقيق الازدهار الاقتصادي والأمن,يتطلب منا بالضرورة أن نسارع إلى الدخول في مباحثات تقود إلى تحقيق السلام مع جيراننا الفلسطينيين والسوريين,وأن لانخضع تلك العمليات لشروط بعيدة عن الواقع مثل تحقيق الديمقراطية والأمن والتنمية الاقتصادية,وعلينا عند الشروع بالسير قدما في المفاوضات مع كل منهما أن نتبنى النظرة التكاملية التي تقود إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والتعايش والأمن وإقامة علاقات دبلوماسية.كل ذلك سيرمي بظلاله على تكوين منظمات المجتمع المدني.‏

إن السلام الذي نرنو إليه ينبغي أن يكون ذا تأثير راسخ في ثقافة ومواقف المجتمعات ذات العلاقة,وألا يكون مفروضا عليها بشكل قسري,وعلينا بذل المزيد من المحاولات للتأثير في تلك المجتمعات بغية توصلها للتخلي عن ثقافة العداء علما بأن السير في هذا الاتجاه يتطلب بالضرورة تطورا تدريجيا في الثقافة والعلاقات العامة من أجل تحقيق السلام ويتطلب تنمية اقتصادية وإقامة وعلاقات دبلوماسية مع البلدان التي يتم التوصل معها إلى اقرار السلام.‏

وإزاءما تقدم فإن الضرورة تدعو إلى البدء بمباحثات السلام أولا إذ ليست الديمقراطية ولا الأمن ولا التنمية الاقتصادية ما يقود إلى السلام وإنمايتعين أن يكون للسلام المقام الأول الذي يقود إلى تحقيق تلك الاستحقاقات.‏

* رئيس مركز بيريز للسلام‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية