تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ثوابتنا لا تخضع للمقايضة يا سيدة رايس

منوعات
الاربعاء 17/1/2007
سليمان حداد

تعتقد السيدة رايس بأن سورية تريد تعويضات مقابل تعاونها مع الإدارة الأميركية لتنفيذ رؤيتها في منطقة الشرق الأوسط.

ويبدو أن السيدة رايس لا تستوعب جيدا الثوابت الاستراتيجية للشعوب,وأنها تفهم السياسة تجارة ومقايضة.‏

وقد عودتنا على ذلك الإدارة الأميركية التي تتخلى دائما عن حلفائها وتدير لهم ظهرها بمجرد أن تحقق لها مصلحة باتجاه آخر. ولكننا نقول للسيدة رايس إن فهمنا للسياسة مختلف فلا يمكن لسورية أن تتخلى عن ثوابتها مقابل التلويح بمكسب هنا ومغنم هناك.‏

إن لسورية أهدافا واضحة ومحددة تتمثل باستعادة أرضها وحقها واستقرار العراق وعودة الحق للشعب الفلسطيني واستتباب الأمن وإحلال السلام العادل والشامل الذي يحقق ازدهارا اقتصاديا لشعوب المنطقة.‏

وإذا كان الحديث واردا عن تعويضات فهي التعويضات التي ستطالب بها سورية جراء ما ترتب من احتلال الأرض واستثمارها ومن استغلال لمواردها الطبيعية ومقوماتها السياحية والبيئية خلال أربعين عاما من الاحتلال.‏

إن الاعتقاد الواهن بأن الجولان سيبقى تحت الاحتلال هو ضعف في التحليل والتفكير وفقر في قراءة التاريخ وأخذ العبر منه. إن استخدام أراضي الجولان وإقامة المصانع والمزارع وتشريد السكان لن يذهب بمجرد عودة الجولان, فالتعويض هو المطلب الأول.‏

إن مقولة أن الوقت يصب في مصلحة إسرائيل هو مجرد وهم وإذا لم تعد الجولان بطريقة سلمية, وهذا ما تريده سورية فسورية لن تقف منتظرة للخيارات واحدة وراء أخرى وستجد نفسها مضطرة الى آخر الخيارات وهي استرداد الحق بالقوة.وإذا ما حصلت معركة وهذا ما لا تريده سورية,فستكون أكثر شدة وعنفا وعلى اسرائيل أن تدرك ذلك.‏

ومن المؤسف والمضحك في آن واحد أن إسرائيل تخرج كل فترة لتحذر وتقول إن سورية تتسلح وأن سورية تجهز نفسها للقتال وكأنه ليس من حق سورية استعادة ارضها وحقها وعليها أن تنتظر قدرها وتقبل بالشروط الإسرائيلية وباحتلال أرضيها للأبد. إن من حق سورية أن تسلح نفسها بكل الوسائل والطرق إن لم يكن هناك حل سلمي .وأقول لها أكثر من ذلك إن الأمور إذا بقيت كما هي فإن ذلك سيدفع المنطقة العربية والاسلامية إلى سباق تسلح لا يمكن التكهن بمآله. وعلى اسرائيل اليوم أن تعيد الجولان مقابل السلام وهذا يخدم اسرائيل أكثر من ألف عملية حربية فاشلة كالتي قامت بها في جنوب لبنان في العام الماضي لكن هذا يتطلب الشجاعة والوقوف عند الحقيقة والحق .إن الجانب الأمريكي يدرك كل هذه الحقائق لكنه يتهرب منها.‏

إنني أعتقد أن الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني وزير خارجية قطر قد أصاب كبد الحقيقة حينما قال إن المرحلة التي وصل إليها النزاع العربي الإسرائيلي لم تعد تحتمل الحلول الجزئية أو أنصاف الحلول, فاستمرار الصراع يترتب عليه عواقب وخيمة على أمن واستقرار المنطقة.‏

وكما قال بيكر آنفا من أجل إنهاء الحرب في العراق ومصالحة العالم العربي مع الولايات المتحدة الأميركية, يجب إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي.‏

وأن تقرير بيكر هاملتون الأخير يقف في تباين كامل مع سياسة المحافظين الجدد ويقوم بتطبيقها اليوم الرئيس بوش.‏

ولقد أوضح تقرير بيكر هاملتون عن تداخل قضايا المنطقة وتشابكها بمعنى أن حرب العراق تتشابك مع المواجهة مع إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي وكذلك لبنان والجولان والنزاع العربي الإسرائيلي بمجمله,لم يعجب المحافظين الجدد والرئيس بوش على فكرة ضرورة بدء واشنطن حوارا مشتركا مع كل من سورية وإيران,فهم يريدون معالجة الأمور بالقوة والسلاح الذين أثبتنا فشلهما. وأرى أن الرئيس بوش في خطابه الأخير قد حاول الهروب الى الامام باتجاه القتال والدمار الى التصعيد والاعتماد على القوة, فهذه لغة الضعف.‏

ومما لا شك فيه أنه يدرك أن آلاف القتلى الأمريكيين ومئات الألوف من الشعب العراقي المسالم سيكونون ضحية الغطرسة والجهل الإستراتيجي.‏

إن ما يحصل اليوم في العراق يشابه ما حصل في فيتنام وأن العالم اليوم بحاجة الى سياسة أمريكية مختلفة تعيد لها مصداقيتها وتخرجها من المستنقع الذي رمت نفسها به.‏

وأخيرا, إذا ما أراد الرئيس بوش حلا سلميا ومشرفا لمشاكل المنطقة فعليه القراءة المتأنية لخطة بيكر هاملتون وتنفيذها.‏

إن خطاب الرئيس بوش الأخير هو تصعيد لا معنى له ومعبر عن العقلية الخاطئة التي تتخبط بها الإدارة الأميركية وتصعيد جديد مع سورة وإيران ومع الشعب العراقي,وهذا التصعيد يأتي مخالفا لإدارة الناخبين الأمريكيين في الانتخابات الأخيرة وتحديا لهم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية