وقال الجعفري في بيان تلاه أمس أمام اجتماع الدورة الأولى لمؤتمر إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط «المناقشة العامة»: إن إنشاء مناطق إقليمية خالية من الأسلحة النووية يشكل خطوة إيجابية وإسهاماً فعالاً نحو تحقيق أهداف عدم الانتشار والنزع الكامل للسلاح النووي وذلك تمهيدا لخلق عالم آمن ومستقر.
وأضاف الجعفري: تتطلع سورية إلى المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات عملية فاعلة وحقيقية من أجل جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية دون مزيد من الإبطاء، لافتا إلى أن السبب في توصل دول المناطق الخمس الخالية من الأسلحة النووية في العالم إلى معاهدات أنشئت بموجبها تلك المناطق في حين تتعثر جهودنا نحن في المنطقة لإنشاء منطقة مماثلة يكمن بأن أياً من تلك المناطق الخمس لا يوجد فيها «إسرائيل» ولم تعق إنشاءها الولايات المتحدة الأميركية.
وأوضح الجعفري أن الطريق الوحيد لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط ودرء خطر انتشارها هو انضمام «إسرائيل» إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية كطرف غير نووي وإخضاع جميع نشاطاتها ومنشآتها النووية إلى اتفاقية الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن المسؤولية عن الوضع الشاذ في منطقتنا هي جماعية ولا تقع على الولايات المتحدة و»إسرائيل» فقط وإنما على كل الدول التي شاركت في تطوير برنامج «إسرائيل» النووي العسكري وزودتها بالخبرات والمعدات والمفاعلات والمياه الثقيلة والتكنولوجيا ووسائل الايصال والتي يفترض عليها أن تتحمل المسؤولية وأن تقوم بالضغط عليها للانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية كطرف غير نووي وتفكيك منشآتها النووية وكذلك الضغط عليها للمشاركة في هذا المؤتمر، مشيراً إلى أن «إسرائيل» ليست طرفاً في معاهدة عدم الانتشار النووي ولا في اتفاقيتي حظر الأسلحة الكيميائية وحظر الأسلحة البيولوجية.
وأوضح الجعفري أنه على الرغم من مرور أكثر من 60 عاماً على برامج «إسرائيل» النووية والكيميائية والبيولوجية إلا أن مجلس الأمن لم ينشئ أي آلية للتحقيق والمساءلة بهذا الخصوص وكذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حين أنه خلال ثماني سنوات من الحرب الإرهابية المفروضة على سورية استحدثت دولة مودعة لمعاهدة عدم الانتشار جهازاً إرهابياً يدعى «الخوذ البيضاء» مهمته الأساسية فبركة استخدام السلاح الكيميائي بهدف توجيه الاتهام للحكومة السورية وأيضا تم تشكيل ست آليات للتحقيق وتقصي الحقائق والمساءلة.
ولفت الجعفري إلى أن مجلس الأمن لم يشكل أي آلية للتحقيق والمساءلة وتقصي الحقائق في «إسرائيل» على الرغم من أنها تنتهك كل الاتفاقيات لكنه شكل لجنتين للتحقيق في العراق وهي «اونسكوم» و»انموفيك» بحجة البحث عن أسلحة دمار شامل عراقية يعرف الجميع بما في ذلك الولايات المتحدة بأنها لم تكن موجودة، وتم غزو العراق على هذا الأساس بالرغم من عدم تمكن كلتا اللجنتين من العثور على أي شيء في العراق.
وذكر الجعفري بالأكاذيب التي ابتدعتها الولايات المتحدة عام 2003 والاستعراض الذي قدمه وزير الخارجية الأميركي آنذاك كولن باول في مجلس الأمن والذي اعترف في وقت لاحق بأنه تم خداعه من قبل أجهزة الاستخبارات الأميركية وبأن العراق لم يكن يمتلك أي أسلحة دمار شامل.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة: إن الولايات المتحدة تبدي كل الحرص والاهتمام والحماس والالتزام عندما يتعلق الموضوع بانتشار أسلحة الدمار الشامل في أي مكان في العالم ولكن عندما تتحول المسألة للسلاح النووي الإسرائيلي يختفي ذلك الحماس والحرص والاهتمام والالتزام.
وأكد الجعفري أن في هذا دليل واضح على أن الموقف الأميركي موقف غير مبدئي من موضوع انتشار السلاح النووي وإنما موقف انتهازي ومصلحي هدفه الأساسي هو تعطيل إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط بهدف حماية الشذوذ الإسرائيلي عن القاعدة وتعريض أمن وسلامة شعوب المنطقة لتهديد السلاح النووي الإسرائيلي وأسلحة الدمار الشامل الأخرى الإسرائيلية.
وأوضح الجعفري أن الولايات المتحدة بدل أن تشارك في هذا المؤتمر بصفتها دولة نووية وديعة لمعاهدة عدم الانتشار وبصفتها إحدى الدول الثلاث الراعية لقرار الشرق الأوسط لعام 1995 الخاص بإنشاء هذه المنطقة جهزت لعقد اجتماع تم مؤخرا بتاريخ الـ 14 والـ 15 من تشرين الثاني 2019 في العاصمة الرومانية بوخارست بهدف خلق عمل مواز لمؤتمرنا هذا بغية التشويش عليه.
ولفت الجعفري إلى أن اجتماع مجموعة عمل وارسو الوزارية لانتشار الصواريخ الذي عقدته الولايات المتحدة هو اجتماع غير شمولي أي لا علاقة للأمم المتحدة به ويهدف بالمقام الأول للتشويش على عمل هذا المؤتمر ولمنع إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وكل أسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط.
وقال الجعفري: إننا نشهد كل المشاركين والضيوف والمراقبين وكبار موظفي الأمم المتحدة على التزام جميع الدول المشاركة في مؤتمرنا هذا بإنشاء منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط في حين أن «إسرائيل» والولايات المتحدة أكدتا بغيابهما واستعدائهما لعقد المؤتمر أنهما غير ملتزمتين أبداً بهدف إنشاء المنطقة والحفاظ على سلام وأمن شعوب المنطقة.
وأضاف الجعفري: إن سورية تؤكد ضرورة تعهد الدول النووية بموجب التزامها بأحكام المادة الأولى من المعاهدة بأن لا تنقل إلى «إسرائيل» أي أسلحة أو أجهزة نووية متفجرة أو أي سيطرة مباشرة أو غير مباشرة على أسلحة أو أجهزة من هذا القبيل وبأن لا تقوم إطلاقاً بمساعدتها أو تشجيعها أو تحفيزها على صنع أسلحة نووية أو أجهزة متفجرة نووية أخرى أو على اقتنائها أو على اكتساب السيطرة عليها بأي طريقة أخرى وأن توقف أي تعاون قائم مع «إسرائيل» في هذا الخصوص.
وذكر مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن مجلس الأمن كان قد طالب في قراره رقم 487 لعام 1981 كيان الاحتلال الإسرائيلي بالوضع الفوري لمنشآته النووية تحت ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معرباً عن أسفه بأن الدول الغربية التي تدعي الحرص على عدم الانتشار والحفاظ على السلم والأمن الدوليين لم تفعل شيئاً لتطبيق هذا القرار الذي مضى على اعتماده 38 عاماً مشيراً إلى أن الأمر الوحيد الذي فعلته هو نشر الأكاذيب وتلفيق الاتهامات لبعض الدول في منطقتنا للتغطية على استمرار البرنامج النووي العسكري لكيان الاحتلال ومساندة التحدي الإسرائيلي لمنظومة عدم الانتشار التي أجمعت عليها كل الدول.
وختم الجعفري بيانه بالقول: إن مراهنة الولايات المتحدة الأميركية و»إسرائيل» على إفشال الجهود الأممية لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط عبر اتخاذ قرارات متهورة سياسيا واستفزازية قانونيا ومنفصلة عن الواقع دبلوماسياً مثل قصة القدس المحتلة والجولان السوري المحتل واليوم المستوطنات، لن تسفر عن تراجع دولنا ودول العالم عن تحقيق هذا الهدف المنشود عاجلاً أم آجلاً.