تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الاستخبارات المركزية الأميركية والحرب على ليبيا

بقلم: « ريسي ايرليش»
عن: Common dreams
ترجمـــــــــــة
الأربعاء 18-7-2012
ترجمة: خديجة القصاب

ما ان طوقت ميليشيات قادمة من زنتان مدينة طرابلس الغرب أواخر حزيران الماضي مزودة ببنادق هجومية من نوع اك 47 حتى فُتحت امامها ابواب العاصمة دون قتال لتتوجه فرقها الى مكاتب احدى شركات النفط الاوروبية،

هناك فتحاصرها متخذة من شاغلي المكان رهائن و تحت ذريعة حماية آبار نفط الشركة من تداعيات حرب اهلية مستعرة في ليبيا طلب افرادها مبلغا كبيرا من المال لكن سرعان ما واجهت تلك الميليشيات مشكلة اقدام الشركة في ايار من هذا العام على دفع مبلغ وقدره 6000 الف دولار امريكي لخدمات مماثلة سبق وعرضها عليها ميليشيات اخرى سيطرت على السكان قبل ان تختفي عن الانظار ولم تعد الشركة مستعدة لدفع اي مبلغ اخر .‏

اما الشرطة المحلية فلا حول لها ولا قوة منذ هيمنة عصابات من المافيا متعددة الجنسيات على الشارع الليبي فعلى بعد 45 ميلاً من هذا المكان تقع مصافي الزاوية التي تعمل بطاقة وصلت الى اقصاها تنتج البنزين بوفرة وكانت الميليشيات المتناحرة فيما بينها قد ابتعدت عن مركز النفط بحيث لم تصب البنى التحتية لتلك المصافي بأي اذى يذكر بعد ان بلغت الكميات المنتجة من البترول الليبي الى ذروتها في أيار الماضي باستخراج الابار الليبية 1.5 مليون برميل يوميا لتقترب من الرقم الذي سجل ايام القذافي اي 1.7 مليون برميل في اليوم الواحد.‏

وكانت شركة بريتش بتريوليوم قد اعلنت مؤخرا انها ستكثف عمليات التنقيب في المستقبل عن آبار جديدة كذلك الامر بالنسبة لكل من فرنسا وايطاليا واسبانيا والولايات المتحدة اضافة لبريطانيا وتستخرج شركاتها النفط الخام من ليبيا على هامش الفوضى المنتشرة في جميع انحاء البلاد ويفيد عدد من المراقبين ان عدد الميليشيات المكونة من مرتزقة محليين واجانب يتجاوز عددهم الستة تهيمن افرادها على مركز القوة في ارجاء ليبيا يدعمها ما يسمى المجلس الوطني الانتقالي الغربي الانتماء لتصرح ادارة الرئيس اوباما بأن التدخل الانساني الغربي في ليبيا حقق نجاحاً كبيراً .‏

ففي حربها على ليبيا وخلال هجمات الناتو لم تفقد الولايات المتحدة اي جندي امريكي من اسطولها وذلك على هامش وصول تكاليف البنتاغون في تلك المعارك الى بليون دولار امريكي تلك النفقات من الميزانية المخصصة للاستخبارات المركزية الامريكية وزارة الخارجية ومؤسسات حكومية امريكية اخرى لم تكشف واشنطن عن اسم اي منها.‏

وكانت ضربات الناتو الجوية وتدمير قوات الحلف للبنى التحتية قد ادت الى تردي الظروف المعيشية في ليبيا اليوم فقد عملت الولايات المتحدة وحلفاؤها والميليشيات المرتبطة بها الى جانب السياسيين الليبيين المتواطئين مع الغرب ضد شعبهم على تثبيت اقدام هذا الغرب بعيداً عن الشعارات التي رفعت لجعل كما يزعمون المؤسسات الليبية اكثر ديمقراطية‏

فقد اختارت اداة اوباما الجنرال خليفةحفتارالمعروف بعلاقاته الوثيقة مع المخابرات المركزية الامريكية منذ ان اقام في الولايات المتحدة لسنوات طويلة فجعلته القائد العام للجيش الوطني الليبي الى ان جرح على يد ميليشيات زنتان فتم اقصاؤه لتعيد اسامة الجوالي وزير الدفاع الحالي وزعيم ميليشيات زنتان السابق الى الخدمة مجدداً وسرعان ما تخوفت الفئات التي شاركت في الانقلاب على القذافي من ان تغدو تلك المجموعات من رجال السياسة طبقة حاكمة مستبدة على غرار تلك التي تسلمت مقاليد الامور في افغانستان وقد عبر عن هذا المسار الشاعر الحبيب الامين الذي كتب يقول: « نحن لا نريد عراقاً او افغانستاناً اخرى هنا في ليبيا لان تلك الحروب الدائرة في دول عربية عدة لن تعمل على تحسين الاوضاع المعيشية لشعوبنا»‏

وبفضل رعاية صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة تقدم وزير الاقتصاد الليبي الجديد بدراسة تتناول كيفية قطع المساعدات الغذائية وسواها من خدمات تمنحها الدول الليبية للفئات الفقيرة من الشعب حتى اشعار اخر وهي مساعدات كانت تخفف من وطأة التضخم والبطالة في ليبيا ليخلص وزير الاقتصاد احمد القويشلي الى نتيجة مفادها انه ليس من السهولة بمكان التخلص من الاملاءات الغربية والعمل وفقاً لما يطلبه هذا الصندوق وواشنطن من تعليق لتلك المساعدات لأن الشعب الليبي سيثور من جديد.‏

وكان عمال شركة النفط في سرت قد نظموا إضرابات مستمرة من تشرين الاول الماضي مما دفع برئيس الشركة لتقديم استقالته قصراً فقد رفض عمال النفط في سرت حسبما صرح مبروك عثمان نائب رئيس اتحاد العمال لقطاع النفط خصخصة الآبار ومصافي البترول في المنطقة فعائدات النفط والغاز تساعد الدولة على دفع نفقات الرعاية الصحية والتربية والتعليم وسواها من الخدمات العامة.‏

فمستقبل السياسة الاقتصادية الليبية يفترض ان تحدده النتائج النهائية للانتخابات الحرة الجارية للجمعية الوطنية ومن ثم تشكيل حكومة جديدة خلال الايام القادمة وصياغة دستور حديث للبلاد.‏

لكن كما اكدت تجربتنا في كل من افغانستان والعراق لا تستطيع اي انتخابات مهما تكررت المجيء بالديمقراطية في ظل تحالف الاحزاب السياسية مع ميليشيات قوية الشكيمة فقد اصبح للمجاهدين ميليشيات تنفذ اوامرهم في طرابلس الغرب يتزعمها عبد الحكيم بالحاج كذلك الامر بالنسبة لحزب العدالة والبناء ولسواهما.‏

ويتوقع عدد من المراقبين ان يتطور هذا التحالف ليشكل نظاماً يشبه نظام امراء الحرب الذين تبنى سياساتهم على نهب ميزانية الدولة لتسديد رواتب واسلحة ميليشياتهم ليضيف كاتب هذا المقال قائلاً: تنتظر ليبيا مرحلة طويلة من عدم الاستقرار.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية